للطبول حضورها المميز في مناسبات الأفراح في ريف "حلب"؛ وذلك من خلال الأنغام والحركات والدبكات التي تتم تأديتها، فهي عبارة عن رموز ودلالات اجتماعية عديدة.

للحديث حول الحضور الاجتماعي للطبول في حياة الناس في ريف "حلب"؛ مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 تشرين الثاني 2014، في "عفرين"، الجد "خليل يوسف" من مواليد 1935، فقال: «خلال العشرين السنة الأخيرة ومع تراجع حضور الأعراس التقليدية انحسر دور الطبل و"الزرناية" في حياة الناس إلى حد كبير؛ فمعظم الأعراس الحالية تقام باستخدام الآلات الموسيقية العصرية وضمن المنتزهات والمقاصف بغياب شبه كامل للطبل، وهذا الأمر نسبي؛ فهناك الكثيرون ما زالوا متمسكين بتقاليدهم وعاداتهم القديمة؛ فرغم إقامة أفراحهم في المقاصف يكون للطبل حضوره البارز».

خلال العشرين السنة الأخيرة ومع تراجع حضور الأعراس التقليدية انحسر دور الطبل و"الزرناية" في حياة الناس إلى حد كبير؛ فمعظم الأعراس الحالية تقام باستخدام الآلات الموسيقية العصرية وضمن المنتزهات والمقاصف بغياب شبه كامل للطبل، وهذا الأمر نسبي؛ فهناك الكثيرون ما زالوا متمسكين بتقاليدهم وعاداتهم القديمة؛ فرغم إقامة أفراحهم في المقاصف يكون للطبل حضوره البارز

وأضاف: «في العرس "العفريني" يقوم الطبل بدور أساسي ومحوري وذلك في عدد من الجوانب، فمن خلال الطبل يتم استقبال أهل العريس وضيوفهم المدعوين من مختلف القرى ويوصلونهم إلى البيوت المخصصة لاستقبالهم وخدمتهم طوال مدة إقامة العرس الذي كان يمتد لسبعة أيام بلياليها قبل حوالي 35 عاماً.

الجد خليل يوسف

"السركوفند" وهو راقص المقدمة في الدبكات لا يشعر بحماسة للرقص إلا بحضور الطبل؛ إذ يتفاعل معه بحرارة لأن الطبال يراقب حركات الراقص بدقة وبموجبها يقرع الطبل أو يدق خشبه من الأسفل والأعلى وذلك بحسب متطلبات الرقص، سواء أكان بطيئاً أم سريعاً، بينما لا ينسجم "السركوفند" ويتفاعل مع الآلات الموسيقية المبرمجة مسبقاً.

وللطبل حضور مهم خلال خروج العروس من بيت والدها؛ حيث يقرع الطبال على طبله بحسب الحالات الواقعية؛ فقبل خروج العروس من البيت يقرع ويرافقه "الزرناية" "لحن الخروج"، وهو يشبه المارش العسكري، وبعد خروجها يقرع لحناً شائعاً يسمى "الغريبية" الذي تدمع معه عيون كل الحاضرين، وهناك "الشاباش" وهو أحد طقوس وتقاليد الأعراس وبموجبه يقدم المدعوون مبلغاً مالياً كمساعدة للعروسين لا يتم إلا بحضور الطبل، إذ يقوم الطبال بحركات بهلوانية وطريفة خلال القرع، وكذلك يساهم الطبل بتشجيع المصارعين في الأعراس التقليدية ورفع معنوياتهم خلال مبارياتهم الطقسية، فمن إحدى عادات الأعراس التقليدية في "عفرين" هو إقامة مباريات مصارعة بين عدد من المصارعين المدعوين وذلك على صوت قرع الطبل».

عرس تقليدي وللطبل حضور بارز

وحول صناعة الطبول تحدث لمدونة وطن العم "محمد أوسو" قائلاً: «تعد صناعة الطبول من أقدم الصناعات اليدوية التقليدية في المنطقة، وتقوم بها شريحة اجتماعية متخصصة هم "الكريف" أو "الطبالون" البارعون في هذه الصناعة التي أصبحت اليوم في طريقها إلى الاندثار بسبب منافسة الآلات الموسيقية العصرية وخاصة "الأورغ"؛ التي تقوم بوظائف مختلف الآلات الموسيقية وفي مقدمتها الطبل، ويستخدم "الكريف" جلد الماعز في صناعة الطبول فهو أفضل أنواع الجلود من حيث القوة والمتانة وسهولة التنظيف والنتف، فبعد ذبح الماعز كان صاحبها يهدي جلدها لجماعة "الكريف" الذين يقومون بقص شعرها جيداً بالشفرة أو من خلال طمره في الرماد حتى يزال نهائياً، ثم يضعون الجلد في منقوع خشب السنديان لإكسابه المزيد من المتانة وتخليص الجلد من بقايا الدهن واللحم ومنحه رائحة زكية، بعد ذلك يحضرون خشبتين دائريتين يمررانهما حول خشبة مسطحة ودائرية، ثم يقومون بحبس الجلد بواسطة الخشبتين من الطرفين وشدهما إحداهما مع الأخرى بقوة بواسطة حبل متين، كما يربطون حبلاً آخر بالطبل يضعه الطبال خلال القرع على كتفه فيصبح الطبل جاهزاً، وللقرع يحضر عودين من شجرة السنديان أولهما ثخين والثاني رفيع، الأول يمسكه بيده اليمنى للقرع القوي، والثاني بيده اليسرى للقرع الضعيف».

وختم: «إن إحضار والد العريس لسبعة طبول في عرس ولده هو دليل للوجاهة، وفي الوقت الحالي يحضر الكثيرون من أولياء العرسان 14 طبلاً كزيادة في الوجاهة، والطبالون خلال هذه السهرات الفنية يتبارون فيما بينهم بقوة القرع على الطبل، فمثلاً استطاع أحد هؤلاء "الكريف" أن يطفئ مصباح الكاز خلال أمسية حضرتها وأنا طفل، بينما قام آخر بإسقاط الصحون الزجاجية من على الرف وتحطيمها، أما الثالث فقد استطاع أن يسقط حفنات من التراب الموجود في سقف البيت الذي تقام فيه إحدى تلك السهرات».

فنون الطبالين في عرس عفريني