يبدأ مزارعو الزيتون في منطقة "عفرين" جني محصولهم السنوي من بداية تشرين الأول وحتى كانون الثاني، حيث يسود في هذه الأوقات نوع من المحبة والتعاون والتقارب بين الناس.

بتاريخ 29 تشرين الأول 2014، زارت مدونة وطن "eSyria" أحد كروم الزيتون، والتقت المزارع "إبراهيم حمو" رئيس جمعية "جوم" الزراعية، وسألته حول أهم التقاليد الاجتماعية التي تميز موسم جني الزيتون، فقال: «إن موسم جني محصول الزيتون من أجمل الأوقات التي يقضيها سكان المنطقة من عدة نواح أهمها: أن المحصول يدر عليهم أموالاً وافرة تساعدهم في تطوير حياتهم اقتصادياً واجتماعياً، وتسود المحبة والتعاون والتقارب بين الناس تفرضها التقاليد والعادات الاجتماعية المتوارثة، كما إن وفرة المال بعد المحصول يساهم في ازدياد مناسبات الفرح كالزواج، فعيون كل شبان المنطقة على المحصول قبل أن يبوحوا بأسرارهم الغرامية لأهاليهم ومشاريع زواجهم».

إن موسم جني محصول الزيتون من أجمل الأوقات التي يقضيها سكان المنطقة من عدة نواح أهمها: أن المحصول يدر عليهم أموالاً وافرة تساعدهم في تطوير حياتهم اقتصادياً واجتماعياً، وتسود المحبة والتعاون والتقارب بين الناس تفرضها التقاليد والعادات الاجتماعية المتوارثة، كما إن وفرة المال بعد المحصول يساهم في ازدياد مناسبات الفرح كالزواج، فعيون كل شبان المنطقة على المحصول قبل أن يبوحوا بأسرارهم الغرامية لأهاليهم ومشاريع زواجهم

ويتابع: «من المتعارف عليه في المنطقة أن اليوم الأول من جني المحصول أهم تقليد، حيث يقوم صاحب الحقل بشراء حلويات تقليدية للعمال وخاصةً "المشبك" و"العوامة" فيجتمعون ويتناولونها مع بعضهم بعضاً، ومن التقاليد الاجتماعية الشائعة أيضاً خلال مدة جني المحصول، هو ما يسمى محلياً "العفّارة" وهو تقليد خاص بأطفال المنطقة، حيث يأتون إلى الحقول بعد انتهاء الدوام المدرسي اليومي ليجمعوا حبات الزيتون المتبقية من الأشجار التي قطفت حباتها مسبقاً من قبل العمال، وفي المساء يحملون أكياسهم لدكاكين القرية لبيعها وشراء "السكاكر، والقضامة"، وعلب الحلاوة ومستلزماتهم من القرطاسية المدرسية، أما الباقي فيدخرونه في "مطموراتهم" التي يفتحونها عندما تمتلئ فيخرجون نقودهم ليشتروا بها ألبسة وأحذية».

"العفارة" تقليد خاص بالأطفال

وأضاف: «إن مدة جني المحصول هي فرصة ذهبية "للكريف"؛ وهم (الطبالون) في المنطقة، إذ يجوبون مختلف الحقول لإقامة حفلات سريعة وصغيرة مقابل كمية من الزيتون، وقدوم "الكريف" لأي حقل هو قدوم للفرح والرقص والتصفيق؛ حيث يبدأ أحدهم العزف على المزمار والآخر بالدق على الطبل ليترك العمال عملهم؛ لتبدأ حلقات من الرقص والغناء وإطلاق العيارات النارية في الهواء وسط تصفيق المسنين وفرحهم، وبعد الانتهاء من الحفلة يبادر صاحب الحقل بمنح الطبالين كمية من الزيتون تناسب جهدهم ومقدار الفرحة التي جلبوها معهم وسط أدعية الطبالين بموسم وافر وبركة في المحصول وتمنياتهم بأن يكونوا بسلام وعافية حتى الموسم القادم، فيعود العمال إلى عملهم وكلهم همة ونشاط وحيوية، والجدير بالذكر هنا أن "الكريف" لا يأتون إلى الحقل سوى مرة واحدة في السنة».

أما السيد "مصطفى إبراهيم" أحد عمال الزيتون فيقول: «خلال أوقات عملنا في جني محصول الزيتون تسود روح المحبة والتآلف والانسجام بسبب التقاليد الاجتماعية المتوارثة التي نمارسها، والتي تساهم في سيادة هذه الروح، فمثلاً تناول الطعام يكون جماعياً بين العمال؛ حيث تضع كل الأسر الطعام في مكان واحد ليبدأ الأكل الجماعي وسط جو اجتماعي جميل وشيق، ومن التقاليد الشهيرة في جني الزيتون هو يوم الانتهاء منه، الذي يسميه أهل "عفرين" "يوم خلاصك" وهو يوم فرح خاص بالأطفال ففيه يأتي الأطفال ويجتمعون عند صاحب الحقل، وبموجب الأعراف الاجتماعية على صاحب الحقل أن يخصص كمية من الزيتون لتوزيعها على هؤلاء الأطفال وإدخال الفرحة إلى قلوبهم بمناسبة الانتهاء من المحصول بخير وسلامة، ولأن الناس يعتقدون أن إدخال الفرح إلى قلوب الأطفال يدخل البركة لموسمهم، في "يوم خلاصك" أيضاً وبعد الانتهاء من عمليات القطف وتنظيف الحب ووضعها في الأكياس، وتوزيع حقوق وحصص العمال وحملها في الجرارات، يقوم العمال جميعهم مع صاحب الحقل بعقد أوسع حلقات الدبكة للرقص والفرح؛ فصاحب المحصول انتهى من جني محصوله، أما العمال فقد حصلوا على حصصهم لقاء تعبهم الذي استمر أكثر من شهرين».

"يوم خلاصك".. آخر أيام جني المحصول

وختم السيد "مصطفى": «إن معظم عمال الزيتون يأتون إلى المنطقة من المناطق والمحافظات الأخرى؛ لأن جني محصول حوالي 15 مليون شجرة يتطلب الآلاف من الأيدي العاملة؛ لذلك تصبح المنطقة خلال هذه المدة من السنة مكاناً يجتمع فيه الآلاف من الإخوة العرب والأكراد في لوحة جميلة يتبادلون خلالها عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم، وخاصة خلال السهرات الليلية التي تعقد في القرى، وبما أن هذه الحالة تتكرر سنوياً فإن الكثيرين من العمال العرب أصبحوا يجيدون اللغة الكردية بطلاقة، وكذلك تعلم الكثيرون من الأكراد وخاصة المسنون اللغة العربية».

السيد إبراهيم حمو