"أسعد المدرس" فنان وناقد فني حلبي ساهم من خلال تجربته الفنية والنقدية في ترسيخ أسس الحركة الفنية في محافظة "حلب" رغم مسيرته القصيرة نسبيا.

الفنان والنحات "يوسف إبراهيم" من "عفرين" تحدث عن سيرة الفنان المرحوم "أسعد المدرس" لمدونة وطن eSyria وذلك بتاريخ 21 شباط 2014 بالقول: «"أسعد المدرس" أحد فناني "حلب" المعروفين على ساحتها التشكيلية والنقدية.

ظهرت لدى الفنان "أسعد المدرس" ميول واضحة نحو تصوير الطبيعة المحيطة بريف "حلب" وذلك بمساحات لونية صافية تُظهر براعته في توفيق الألوان واشتقاقها عبر منظومات جميلة تقترب من المعالجات التجريدية

ولد في مدينة "حلب" في العام 1942 وبدأ بممارسة العمل الفني منذ العام 1959م ، أما دراسته للفن فقد بدأت في مركز "فتحي محمد" للفنون التشكيلية بحلب منذ العام 1960م، عمل بعدها مدرساً لمادة التربية الفنية في مدارس "حلب"، وقام خلالها بتنظيم وإقامة العديد من المعارض الفنية لطلابه في ثانويات "حلب"، ومن أبرز تلاميذ المرحوم "أسعد المدرس" كل من الفنانين "عبد الرحمن مهنا" و"طاهر البني". وفي العام 1970م انتسب "المدرس" إلى نقابة الفنون الجميلة وفي العام 1972م وتم تكليفه بترؤس فرع نقابة الفنون الجميلة بحلب، وخلال مسيرته الفنية القصيرة نسبياً أقام عدداً من المعارض الفنية الفردية في كل من مدن "حلب" و"بيروت" و"دمشق" و"الجزائر"».

الفنان والنحات يوسف إبراهيم

ثم تابع: «اشترك "المدرس" مع عدد من زملائه الفنانين في إقامة معرض فناني "الريشة الذهبية" في نهاية الستينات من القرن الماضي وذلك في مركز "فتحي محمد" و"المتحف الوطني" بحلب، كما ساهم في ترسيخ أسس الحركة الفنية في محافظة "حلب" من خلال كتاباته ودراساته المطولة عن الفن والفنانين، وهذه الدراسات النقدية كانت عبارة عن مقالات نشرها في عدد من الصحف السورية في "حلب" و"دمشق" مثل "التربية" و"الجماهير" و"الثورة".

سافر "المدرس" إلى "الجزائر" ليعمل في مدارسها مدرساً للفنون، بتاريخ 1نيسان 1975م وتوفي هناك إثر حادثة اختناقه بالغاز في أحد فنادقها، وبذلك أُسدلت الستارة عن تجربته الفنية والنقدية التي لم تستمر سوى عقدين من الزمان تقريباً».

من اعمال المرحوم أسعد المدرس

وحول تجربته وأسلوبه الفني للمدرس يتحدث الباحث الفني "طاهر البني" قائلاً: «ظهرت لدى الفنان "أسعد المدرس" ميول واضحة نحو تصوير الطبيعة المحيطة بريف "حلب" وذلك بمساحات لونية صافية تُظهر براعته في توفيق الألوان واشتقاقها عبر منظومات جميلة تقترب من المعالجات التجريدية».

وعن تجربته النقدية الفنية يتابع "البني": «كان الفنان التشكيلي "أسعد المدرس" يغطي معظم النشاطات والمعارض الفنية التي كانت تُقام في فترة الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي وذلك عبر صحيفتي "التربية" و"الجماهير" الحلبيتين، بالإضافة إلى كتاباته النقدية في صحيفة "الثورة" الدمشقية. وكانت كتابات "المدرس" في النقد الفني تجمع بين اللغة الشاعرية الشفافة وبين التحليل التقني العام في العمل الفني ونستطيع أن نجتزئ بعضاً مما كتبه حول معرض "رواد الفن" الذي أقيم في صالة "المتحف الوطني" بحلب في شهر أيلول من العام 1968م وقد ورد ذلك في مقالة له بعنوان: "معرض رواد الفن وموعد مع القمر والشمس والغد"، ومن تلك المقالة نقطتف: "أيلول.. زرع في أوله بالمدينة نبتة أخرى من حلقات المعارض الفنية، وشرع معرض "رواد الفن" يستقبل في صالة العرض بالمتحف الوطني بحلب جمهور الفن ومحبيه، وعلى همسات ناعمة ونظرات متراقصة عاش الجمهور ساعات بين أربعة فرسان للفن وأربع وستون لوحة فنية اهتزت بها الألوان وارتعشت لها القلوب الباحثة عن الحق والجمال والمستقبل البعيد".

الفنان المرحوم أسعد المدرس

إن ما ورد في مقالته الطويلة يعطينا فكرة قريبة لأسلوب الكتابة في النقد الفني الذي ساد فترة الستينات وهي كتابة لا تخلو من استعراضٍ للغة التي كان يحرص الفنان على جعلها لغة شاعرية تستدعي المفردات الجمالية التي توازي لغة الفن البصري الهادفة إلى صياغة الجمال ببنيته الرومانسية التي تجتذب عامة الناس.

كان "أسعد المدرس" مشروع ناقد جيد لو لم يختطفه الموت قبل أن يكمل الثالثة والثلاثين من عمره حيث توفي في "الجزائر" في العام 1975م».