غنّى له العديد من المطربين السوريين والعرب منهم "جورج وسوف، رويدا عطية، إليسا" بالإضافة إلى أكثر من 25 أغنية للفنانة "فلّة الجزائرية".

التقى eAleppo الشاعر الغنائي "صفوح شغالة" بتاريخ 25/11/2011 فكان معه هذا اللقاء:

يا تجار اللحم يا لصوصه، أهكذا لحم السبايا يؤكل، منذ أن وجد الحب على الأرض، أنتم الذئب ونحن الحمل

  • كان هنالك تنقّل مستمر في حياة "صفوح شغالة"، إلى أي حد ترك ذلك الانتقال أثراً في حياته وما يكتبه؟
  • الشاعر الغنائي صفوح شغالة

    ** بالتأكيد عندما ينتقل شخص من بيئة إلى أخرى فإنّه يكتسب تقاليد وعادات البيئة التي انتقل إليها وبالتالي يكتسب مفرداتها، فإن أراد الشاعر أن يكتب عن بيئة مختلفة عن بيئته فإن الانتقال يساعده كثيراً في التعرّف على اللهجة التي يكتب بها وبالتالي تكون سليمة عنده أكثر من غيره من الشعراء لأنه يتكلمها فعلياً، فالبيئة المصرية بيئة غنيّة ولها تاريخ فنّي طويل وهي تحوي مدارس متعدّدة ومتنوعة بكم المساحة الشاسعة التي تملكها والتي تؤثّر بدورها على اللهجات التي يتم التحدّث بها فهنالك اللهجة الصعيدية، الاسكندرانية، القاهرية والريفية، وجميعها تختلف عن بعضها بعضاً وكل منها تحوي مفردات غنيّة خاصة بها، وحتّى في "سورية" فإننا نلاحظ الأمر نفسه، فالمنطقة الشمالية تختلف عن منطقة البادية ومنطقة الجزيرة ومنطقة الساحل، وقد ساعدتني الظروف في العيش في أكثر من بيئة وعلى التفاعل معها، وبرأيي فإن الأذن هي التي تأتي بالشخص إلى الفن إذ إنني عندما كنت صغيراً كنت أسمع وأحفظ كثيراً وكنت في كل فترة عمرية أتعرّف إلى مطرب جديد وفن جديد، وأحياناً كنت أمرّ بحالة أتعلّق فيها بمطرب ما كثيراً ما يدفعني إلى متابعة كافة أعماله كفيروز، عبد الحليم حافظ، فريد الأطرش، لذلك فإنّ تعصّبي لهذا المطرب في فترة ما كان يدفعني إلى التمعّن في سماعه والتدقيق في كلماته أكثر، وحتى الآن لا يوجد مطرب سمعت أغانية ولم أحفظ كلماته بالإضافة إلى لوازمه الموسيقية وهذه بدورها تعطي للشاعر ميزاناً قوياً في السمع، وتنوّع مصادر الفنون للشاعر يساعده على التعرّف إلى لهجات عديدة، حتّى إنني أتقنت اللهجات التي كنت أعايشها.

  • لماذا المطرب في "حلب" على الرغم من التراث الغني الذي يملكه لا نراه إلى الآن قد تصدّر غلاف مجلّةٍ ما؟
  • بعض ما غنى له المطربون العرب

    ** هنالك العديد من الأسباب منها أننا في "حلب" لا يوجد لدينا صناعة للنجم، فلا يوجد لدينا شركات إنتاج تدعم الفنان وتساعد في انتشاره إعلامياً، فكما تعلم أن الانتشار الإعلامي مكلف وخصوصاً في تعدّد المنابر الإعلامية من محطات فضائية، إذاعات، مجلات، صحف، إعلانات طرقيّة وإنترنت، فكل هذا فوق طاقة المطرب الحلبي، فنجوم العرب لديهم مؤسسات تدعمهم بالإضافة إلى شبكة العلاقات والكادر الفني المتكامل الذي لديهم، ومطربنا الحلبي وارده لا يسمح له في أن ينفق هذه المبالغ الكبيرة على الدعاية والإعلان لذلك تراه محجماً عنها تماماً، وأي مجلة لا يمكن أن تضع مطرباً لغلافها إن لم يكن معروفاً ويساعد على رواج المجلة وبيعها، والنجم لا يأتي من وراء المجلة حالياً وإنما يأتي من التلفاز والإنترنت ووسائل الاتصال الأخرى، فالمطرب يأخذ شعبيته من الإعلام المرئي ومن ثمّ المسموع وبعدها يأتي الإعلام المقروء الذي أصبح أضعف أنواع الإعلام لانصراف الناس عنه إلى التلفاز والإنترنت الذي من الممكن أن تجد خبراً فيه وبعد شهر من صدوره تراه في مجلة ما بحكم أن معظم المجلات أصبحت شهرية.

  • لكننا نرى معظم المطربين في "حلب" يعملون بجد ولكن في الوقت نفسه لا نراهم من المشاهير، فلماذا هذا التقوقع برأيك؟
  • صفوح شغالة مع مراسل حلب

    ** إن عمل المطرب الحلبي يختلف عن عمل أي مطرب آخر لكونه يعتمد في معظم عمله على حفلات الأعراس التي هي من التراث الحلبي وبالتالي فإن برنامجه في العرس الذي يقدّمه لا يختلف عن البرنامج الذي سيقدمه في الحفلة التي تليها، وهو يحصر نفسه ضمن اللون الحلبي وإن غنّى لوناً غير ذلك فإن التقليد يبدو ظاهراً عليه، فهو من الممكن أن يغنّي أي لهجة في "الوطن العربي" ولكن لا يستطيع أن ينجز شيئاً يمكن أن يغزو "الوطن العربي" لخوفه من الفشل ولأنه يعرف تماماً أنه لا يستطيع أن يوصل أغنيته إعلامياً كما يجب، لذلك ترى أن الأغنية الحلبية تغنّى ضمن عرس مع فرقة يمكن ألا تكون حافظةً للعمل وإمّا يتم تسجيلها بطريقة بدائية على الرغم من التقنيات الموجودة والتي لا نملكها في استوديوهات "حلب" لأن خيال صاحب الأستوديو لدينا محدود وتفكيره للربح محدود وحتّى يمكن أن ينتهي عمر الآلة الافتراضي وصاحب الآلة لم يجمع حقها بعد.

  • من المعروف عن "حلب" أنها مدينة صناعية وتجارية مهمّة، فلماذا لا تتوجّه رؤوس الأموال الموجودة نحو الفن؟
  • ** أعتقد أنّ السبب هو أن بيئتنا الحلبية ونوعية التربية التي نتلقاها لا تسمح لأي عائلة في القبول بدخول أبنائهم لعالم الإنتاج الغنائي، فالذي يريد إنشاء شركة إنتاج لا بدّ له من تبني المواهب وهذا يفرض عليه الاحتكاك مع مطربات وفنانات وإعلاميات ومع العنصر النسائي بشكل عام وهذا ما لا يتقبله المجتمع الحلبي بحكم "العيب"، وأظن أنّ هذا هو السبب الرئيسي في عدم اقتحام رجال الأعمال لعالم الإنتاج الغنائي ولذلك لا نرى شركات إنتاج في "حلب" بالإضافة إلى أننا لا نجد أحداً يمكن أن يشجّع على الدخول في مشروع كهذا.

  • لماذا برأيك لا نرى اهتماماً من قبل السامع بصاحب كلمات الأغنية وحتّى باسم الملحن، بل يكون جلّ اهتمامه اسم المطرب أكثر من أي اسم آخر؟
  • ** صراحةً هنالك بعض الأغاني التي يجب عليك الانتباه إلى صاحب الكلمات بالإضافة إلى وجود أغانٍ قد تمرّ مرور الكرام، والإعلام له دور كبير في التعريف بالشاعر والملحّن ولكن رغم ذلك فإن الأضواء تكون مسلّطة على المطرب أكثر، بالإضافة إلى أنّ معظم الفنانين عند نجاح أغنية ما فإنهم ينسبون الفضل لهم وحدهم دون ذكر باقي فريق العمل الذي له دور لا يستهان به في هذا النجاح كالشاعر، الملحن، الموزع الموسيقي، شركة الإنتاج ووسائل الإعلام التي ساعدت على انتشاره، فهو يتناسى كلّ هؤلاء وينسب الفضل له فقط، والعمل الناجح هو نتاج جماعي ولا يمكن أن يكون نتاجاً فردياً بالمطلق.

  • هل ترى أنّ الشاعر الغنائي من الممكن أن ينتقل إلى الكتابة باللغة الفصحى وما قيمة النتاج الذي سيكتبه؟
  • ** الذي جعلني أكتب الشعر الغنائي أنني وجدت في فترة انتقالي من الكتابة بالفصحى إلى العامية أنّ اللغة الفصحى محدودة الانتشار بينما اللهجة العامية قابلة للانتشار أكثر وهي أسرع في ذلك، وأعتقد أنّ أي شاعر يكتب بالفصحى إن صمّم على كتابة الشعر الغنائي فبإمكانه ذلك لأنّ الآلية واحدة في الكتابتين ولكن يجب فقط أن يتكيّف الشخص مع ما يكتبه، فالشعر شعر سواء أكان بالفصحى أم بالعامية أم حتى الموال، فجميع الأنواع تحتاج إلى وزن ولكن النقطة الهامة هو أن تستطيع تطويع الميزان الذي بداخلك والذي تكتب به وتوجّهه إلى النوع الذي تكتبه.

  • هل تقول إنّ الشعر الغنائي تراجع في "الوطن العربي" في الفترة الأخيرة؟
  • ** يمكنني القول إنّ المستوى قد انحدر كثيراً لأنّ طريقة الحياة اختلفت ولم يعد هنالك ترابط اجتماعي كما كان سابقاً لأن معظمنا أصبحت جلساته مع الإنترنت والتلفزيون وهذا بدوره يفقد التواصل الاجتماعي والتواجد مع الأقرباء، فهذه الحياة برأيي خفّفت من إحساس الشاعر الذي كان يملك فراغاً ووحدة أكبر سابقاً، وحالياً وبرغبة من الجيل الجديد في إثبات نفسه أصبح كل من يوّد تقديم أغنية فإنه يستطيع أن يسجّلها على آلة تسجيل عادية بعكس السابق وهذا بدوره أثّر على الإنتاج الذي أصبح ضعيفاً ومتدني المستوى ولا يحوي خبرة كافية، وهذا ما جعل الشاعر الحقيقي يتراجع إلى حد ما، فنحن الآن نسمع أغاني دون المستوى أبداً ليس فقط على مستوى الكلمة وإنما أيضاً بالنسبة لهندسة الصوت والتوزيع وحتّى الجودة.

  • إن أردنا تخصيص الموضوع في "سورية"، هل ترى ندرة لشعراء الأغنية حالياً في "سورية"؟
  • ** "سورية" كان لها رصيد جيد من شعراء الأغنية حتّى أواخر الثمانينيات، ففي فترة الستينيات كان هنالك الفنان "فهد بلاّن" الذي كتب له العديد من الشعراء السوريين، وكانت هنالك أغنية سورية بحق، أما الآن فقد ظهرت ألوان جديدة وأثبتت وجودها ولكن لعدم وجود تقنيات ودعم ورعاية من قبل شركات الإنتاج فإن الشباب يضطرون إلى تنفيذ أعمالهم بأنفسهم فيظهر العمل دون المستوى بالإضافة إلى انحصاره ضمن النطاق المحلي فقط دون أن تكون له أصداء خارجية، ولا يوجد شخص لا يرغب بالعمل بأفضل الإمكانيات ولكن عدم وجود الدعم يجبره على العمل ضمن ما هو متاح وهذا المتاح لا يستطيع أن يخترق جدار الوطن أو حتى النطاق المحلي، لذلك أصبح هنالك زحمة فوضوية في "سورية" ونحن نعاني منها الآن كثيراً على صعيد الشعراء والموزعين وحتى المطربين.

  • كيف يمكن للشاعر أن يكتب بلسان مطربة في كلماته والشاعرة بلسان مطرب، ألا يؤثّر ذلك الإحساس الذي من الممكن ألا يبلغه أحدهما في إيصال شعور وتفكير الآخر؟
  • ** نحن نعلم أن الشاعر لديه ذكورة وأنوثة والشاعرة لديها الأمر نفسه ولكن الأنوثة غالبة لديها، فالشاعر يتأثر بما حوله كثيراً، فأحياناً قد تؤثّر عليك حالة معينة وتتأثر كثيراً بها إلى درجة يمكن أن تتقمّص حالتها وتكتب بلسانها، ودائماً ما نقول بشيطنة الشعر التي تؤثّر في الشاعر، فنزار قباني قال إن شيطانة شعره كانت أنثى وأفضل الشعراء من كانت شيطانته أنثى، وقد كتب كثيراً بلسان الأنثى وبرع في ذلك كقصيدته "البغي" التي يقول فيها: «يا تجار اللحم يا لصوصه، أهكذا لحم السبايا يؤكل، منذ أن وجد الحب على الأرض، أنتم الذئب ونحن الحمل»، فهذه القصيدة بلسان أنثى، ومن الممكن أن تكون العاطفة صادقة تماماً حتى وإن كتب أحدهما بلسان الآخر، والشاعر إما صادق أو كاذب ولا يستطيع أن يكون صادقاً في مكان وكاذباً في مكان آخر، فهو إما صادق بالمجمل أو كاذب بالمجمل.

  • إلى أي درجة يمكن أن يؤثّر الوضع المادي فيما يكتبه الشاعر والكلمة التي يستخدمها؟
  • ** الشاعر عندما يكتب فإنه ينفصل عن واقعه ومحيطه تماماً، إذ من الممكن أن يكون الشاعر في قمّة الضيق ويكتب عن الفرح، فهذه الحالة هو عاشها بالتأكيد في فترة ما وهو عندما يكتبها فإنه يتذكرها ويستعيدها لأنه يشتاقها، ولكن أي شيء أكون فيه في الحياة إن كان ضيقاً أو فرحاً أو انتعاشاً فإني عند الكتابة أدخل جو الكتابة تماماً وأنفصل عما أنا فيه من حالات، فالروح تشرد وهذه مقولة معرفة وهي تتنقّل بين عوالم وعندما تأتي إلى عالم الفرح فإنها تفرح وإن أتت إلى عالم الحزن فإنها تحزن.

  • لماذا نرى توجه الشعر الغنائي نحو عاطفة الحب دون الحالات الإنسانية الأخرى كالتشرّد والفقر وحتّى الأمومة على الرغم من أن هذه الحالات من الممكن أن تنتشر أكثر لندرتها؟
  • ** صراحةً إنّ الحالات الإنسانية هي أقل طلباً من حالات الحب والغرام من قبل الناس، والسبب أنّ سوق الغرام رائج أكثر، فشركات الإنتاج تفضل أن تجذب فئة الشباب على الرغم من أن الحالات الإنسانية والاجتماعية قد تعيش أكثر ولكن طلبها لدى الناس أخف من الحالات العاطفية، وهنالك قلائل من المطربين الذين غنّوا المواضيع الإنسانية الأخرى، وبالنهاية فإن لكل مطرب لوناً يتخذه لنفسه ولكن جميع هذه الألوان متشابهة لذلك فإنك ترى مواضيع الحب كثيرة ومتشابهة لدى معظم المطربين وأصبحت مبتذلة».

  • سمعنا أنك تحضّر لأعمال جديدة حالياً، ماذا تحدثنا عنها؟
  • ** العمل الجديد هو أغنية تتحدّث عن الأم والتي اقتبستها من قصة حقيقة لأحد الأصدقاء الذي زارني وسرد عليّ قصتّه حول والدته التي تخلى إخوته عنها وانه تولّى خدمتها دون أن يرضى في إدخالها إلى دار العجزة، وهو تعاون مع أحد المطربين الشباب، الفنان "أحمد خطّاب" الذي قام بتلحينها أيضاً، والأغنية ستكون في الإذاعات قريباً وفي فترة لاحقة ستعرض بطريقة الفيديو كليب.

    كما التقى eAleppo الشاعر الغنائي "بكري حنيفة" الذي تحدث عن الشاعر "صفوح شغالة" قائلاً:

    «مما لا شكّ فيه أنّ كل متابع للشعر عموماً وللشعر المحكي خصوصاً يكون قد سمع باسم "صفوح شغالة"، فهو الشخص الذي قدّم شيئاً غنياً من لا شيء أي إنّه أستطاع أن يستثمر كل لحظة يمكن أن يعتبرها الشخص العادي عابرةً وقدّمها بحالة شعريّة فريدة من نوعها، وصراحةً أأسف جداً لأنّ "صفوح شغالة" من "حلب" مع احترامي الشديد إلى كافة المراكز والمنابر الثقافية في هذه المدينة، وفي الوقت ذاته أفتخر أنه من "حلب" هذه المدينة التي أنجبت عظماء الفكر والأدب، فحلب كانت كالشتاء القارص على الجسد الشعري لصفوح شغالة، وشتائية الحالة الإعلامية المنحازة إلى اللامبالاة كثيراً لم تبعده أبداً عن التكريم الذي هو بغنى عنه في الوسط الثقافي في "حلب"، فقد كتب بألوان عديدة منها "اللبناني، البدوي، المصري والحلبي" ويكفينا فخراً أنّ كبار المطربين العرب صدحوا بكلماته، وأنا صراحةً لا أقبل أن يقال عنه "صفوح شغالة" الحلبي بل هو "صفوح شغالة" العربي لأنه أوصل الكلمة إلى كافة أنحاء العالم العربي بامتياز قلّما نرى مثله».