فن الخط العربي هو أحد الفنون المنتشرة التي تسمو بالنفوس فتهذب ما تهذب وينعكس سلوكا راقيا ورفيعا، لذلك نجد اهتماما كبيرا ودعما لنشر الخط من قبل الحكومات والهيئات وحتى من قبل الأفراد من خلال إقامة المسابقات الدولية والمعارض بمشاركة عدد كبير من فناني الخط وتبادل الزيارات.

"مصطفى الجمال" خطاط من أهم خطاطي مدينة الباب مواليد الباب 1964م من الناس الذين لا تفارق البسمة العذبة شفاههم ..من القلوب المحبة والطيبة وهو من الذين يتعاملون مع الحياة ببساطة تامة فلا يسمح لأي سبب أن يعكر صفوه ولا يجد في الحياة كلها ما يستدعي الحزن أو الغضب بالرغم من وجود منغصات بسيطة لا تخلو الحياة منها.

الفني تعني رسم الخط بشكل جمالي دون الالتزام بالقواعد حسب الرؤية الشخصية

وكان لنا معه هذه الوقفة

*للشعر بحور وللموسيقى مقامات وللخط...؟

"الجمال يشرح عن طريقة قص القصبة

**«أنواع ولكل نوع قواعد أنواع الخطوط كما يعرفها الكثيرين هي:

1- الثلث: وهو أقوى أنواع الخطوط وهو مقياس الخطاط

وهو يكتب esyria

2- النسخ: يدون فيه القرآن الكريم.

3- الإجازة: وهو مشتق من خطي الثلث والنسخ.

4- الفارسي( التعليق): الأكثر انتشارا بالكلاسيكي.

5- الديواني الجلي.

6- الرقعة ما يستخدم في كراسات التلاميذ.

7- الخط الكوفي.

ويجب على الجميع تعلم الخط أقلــّه خط الرقعة لتحسين الخط وخاصة طلاب المدارس لأنهم يكتبون بخط بائس لا يكاد يقرأ».

*هناك علاقة بين الخط ونفسية كاتبه..أأنت مع هذا القول؟

**«هذا صحيح تنعكس الحالة النفسية الخطاط فمن خلال خطه يمكن تحليل شخصيته بالإضافة لتحليل حالته النفسية وبعضهم يتخطون الحالة النفسية بالذهاب لأبعد من ذلك إلى مواصفات الجسم والشكل ..قصيرا أو نحيفا أو.. أو ...

حتى أنه يؤثر بالمتلقـّي فحين تكتب بالخط الجميل تؤثر عميقا بالذاكرة».

*هل بوسعك الكتابة في جميع حالاتك النفسية؟

**«لا يمكن أن تكتب الخط ما لم تكن صافي الذهن. الخط إلهام من الله سبحانه وتعالى وهذا الإلهام يدفعك للكتابة بخط جميل، ولو لم يكن المرء هادئا لن يكون خطاطا أصلا ولأن شرط الخط الهدوء والصفاء تجد أغلب الخطاطين هادئين وملتزمين وعلى خلق».

*كيف كانت البداية؟

**« منذ صغري كنت أحب الخط ولكن بعشوائية وشاركت في كتابة وتصميم المجلات الحائطية في المدرسة عام 1976م وأول من وضع قدمي على الطريق حين لمس إصراري وحبي للخط هو خالي الخطاط "عبد الرزاق سليمان" عمّق بداخلي حبّ الخط ثم قولب الأحرف حتى تطابق بعض القواعد الصحيحة لرسم الخط.

كان يطلعني على كل ما يملك من كتابات وصور لكبار الخطاطين ونفائس الكتابات

واعتمدت أيضا على كتاب "هاشم بغدادي" في تعليم قواعد الخط استفدت منه في قواعد خط الثلث والنسخ واستفدت من "المير علي" في الخط الفارسي ومن "محمد عزت" خط الرقعة».

*هناك من يقول أن "البغدادي" مميز في بعض الخطوط وضعيف في البعض الآخر؟

**«المسألة آراء ووجهات نظر ولكني أقول أن البغدادي يتميز في خط الثلث والنسخ ولكن في الخط الفارسي له قاعدة خاصة به في الكتابة.

وعموما ليس هناك أحد يملك كل شيء أو اكتفى بما علم. الإنسان ينتهي عمره وما يزال يتعلم ليس هناك قمة في العلم وكل يوم يلتقي ويتعرف على أشياء جديدة في مجال عمله. هناك أيضا من شجعني وألهمني و تابعني هو الخطاط "جميل تسليمه" وهناك "نائل عبد الرحيم" ليس خطاطا ولكن يحب الخط ويكتبه" فني" و"كوفي"».

*ماذا تعني بالخط الفني؟

**«الفني تعني رسم الخط بشكل جمالي دون الالتزام بالقواعد حسب الرؤية الشخصية».

*هل مازلت تستخدم الريشة في الكتابة؟

**«الكتابة بالريشة أمر ممتع وحتى تحضير القصبة وقصها بعناية هو أيضا أمر بغاية الروعة ولكن قلّ استخدامها كثيرا لصعوبة ودقة قطعها وتجهيزها ونظرا لوجود كثيرا من البدائل الصناعية الجاهزة والناس تلحق بركب السهولة كما نعلم».

*من الذي كان يعجبك من الخطاطين؟ ومن استفدت أيضا؟

**«كنت أعجب بكتابات الخطاط "ابراهيم الرفاعي"و"الصابوني" المكتوبة على الجدران الخارجية للكثير من المساجد واللوحات المعلقة على الجدران من الداخل. بعد مرحلة التمرين والتدريب على الورق بدأت بالكتابة على السيارات الكبيرة حكم ومآثر في مقدمتها وخلفها وعلى الجدران وواجهات منازل الحجاج أو إعلانات قرب المحلات أو لافتات قماشية للمناسبات والأعياد ثم جاءت فترة دراستي بمعهد إعداد المدرسين قسم التربية الفنية لتصقل معارفي وتزيد من خبرتي من خلال تواصلي مع أساتذتي وبعض زملائي ممن يملكون الخبرة جاء بعدها العمل في مجال الإعلان والتصميم والكتابة على واجهات المحال التجارية " الكتابة على الزجاج " و"الشاخصات" على الطرق العامة و"ملصقات الإعلان" و"كروت فيزيت" وما إلى ذلك من صنوف الدعاية والإعلان».

*متى جاءت مرحلة الاحتراف؟

**«عام 1981م بدأت العمل في مجال الإعلان وعملت باللاذقية لفترة وفي عام 1986م عملت خطاطا في مجلة الشرطة لمدة عامين وتعرفت على أساليب جديدة».

*إلام تعزو سبب نجاحك؟

**«أولا: إيماني بالله يجعلني قانعا لا أرغب إلا فيما قسم الله لي

ثانيا:حين نكتب الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والأقوال المأثورة والحكم..كيف يمكننا أن نحتك بها يوميا ولا تؤثر فينا ..؟؟ولا تقوّم سلوكنا..؟؟ كيف لا نتعلم منها؟ وبالتالي كيف لا تنعكس في أمورنا الحياتية؟

ومن حولي أيضا لهم دور كبير وواضح وخاصة من الأصدقاء والأهل كانوا يشجعون الخط ولهم الفضل في دفعي للأمام لأن الخط الجميل حلية الكاتب وله فائدة في الدين والدنيا تعلمت ألا أتوقف عند ترهات الحياة.. وأن أجيد استقراء النفوس والابتعاد عن الجدل وتجنب السلبيات علمتني الحياة أن ابقي علاقاتي محدودة.

اختيار الأصدقاء له دور مهم فليس بوسعك اتخاذ جميع الناس أصدقاء لك، هناك الكثير من المعارف ولكن الأصدقاء قلة..لا أحمّل الآخرين فوق طاقاتهم لذلك أبقي المحبة هذا مختصر لما أظنه سبب النجاح».

*متى تكتب لنفسك؟

**«منذ أن أتقنت الخط وكنت أتدرب على الكتابة حتى طلوع الفجر ولا أشعر بالوقت من شدة الاندماج».

*ألم تخط لوحة لنفسك تعلقها بمنزلك؟

**«طالما تمنيت أن أكتب لوحة أعلقها بمنزلي وكم آسف لهذا فمنزلي لا يحتوي على أي من لوحاتي رغم أني أهدي أصدقائي في المناسبات لوحات بخط يدي. البارحة رأيت لوحة عند صديق كتبتها منذ عام 1984م بخط فارسي وكان فيها:

"وما بكم من نعمة فمن الله". ولكن منذ أن احترفت لم أعد أستمر في تعلم الخط وإتقانه للذروة إنما اتخذته مهنة جعلتني أكتفي عن طلب العلم لأن تعلم الخط يحتاج إلى وقت وجهد وبال..هناك من يتابع دراسة الخط ويتتبع المعارض والمهرجانات ويلتقي بكبار الخطاطين أما أنا فلم أتابع ».

*أعندك اعتراض أن أسجل هذه الصراحة؟

**«ما الضير أن تسجل ما دامت هذه هي الحقيقة ولكن بين الحين والحين أتدرب على بعض الأحرف وأسترجع بداياتي أو الفترة الأولى والفترة الأكثر عملا وحماسا واندفاعا بين عامي 1984-1985».

*يظن أغلب الخطاطين أن الكومبيوتر أساء للخط فماذا ترى؟

**«برأيي لا يمكن الجزم أنه أساء أو أحسن فمثله مثل أي تقنية لها وجهان أو أثران الأثر الايجابي : أن استخدم فن الخط اليدوي في مجال الإعلانات على الكومبيوتر بوسعك أن تستفيد منه في تغير ألوان ما كتبت وبوسعك استخدام المؤثرات ..التكبير والتصغير يختصر عليك جهدا ووقتا كثيرا وإن كان هناك أماكن لا تستطيع استخدام الكومبيوتر فيها كالكتابة على الجدران مثلا.

أما الأثر السلبي: عندما تستعين بخطوط الكومبيوتر بدل فن الخط اليدوي وتستعمل خطوط رديئة التي لا تعتمد القواعد وتنتشر بشكل واسع وكبير وسريع أيضا مما يؤثر سلبا على المتلقي فمع الوقت سيندثر الخط القاعدي ويحل محله المزيف ويكون هو المقياس كما يحدث في كثير من الفنون ويصبح المزيف هو الأصلي».

*الحياة بالنسبة إليك.. سوداء..بيضاء؟أم مزيج من كليهما؟

**«هذا الأمر لا علاقة له بالحياة إنما له علاقة بنفوسنا وإحساسنا الداخلي على الإنسان أن يسرع بالتأقلم مع الظرف المحيط ..الحياة أبسط مما نظن ومن يؤمن بالقضاء والقدر لن يشغل باله في ترهات الحياة يضخمها ويجعل "من الحبة قبة" ما قسم الله لك لن يكون لغيرك لا أنافس ولا أحسد أحدا على شيء وأثق بعطاء الله، ومن يراها معقدة أو سوداء قد يكون في موقع خاطئ وعليه تعديل منظاره أو موقعه علينا التكيف وتحكيم العقل والوعي في المواقف العصيبة ..الحل موجود وليس شرطا باللحظة.. ربما مع الزمن ولكنه موجود».

*لم يصادف أن رآك أحدا إلا مرحا خفيف الظل ودائم الابتسامة ألا تمرّ بحياتك تقلبات أو منغصات؟

**«لا يخلو الأمر لكن لا أظهر حزني أو كآبتي لأني لا أريد أن أعكر صفو من حولي لأنها مسألة شخصية لم أحمّـلّها للناس ..ولأن الخط يؤثر فيّ نادرا ما تراني أمر بحالة عصبية ».