على الرغم من اعتزالها المبكر للتمثيل وابتعادها المطلق عن شاشات الدراما السورية إلا أنها استطاعت بفترة قصيرة أن تترك أثرا "ضخما" وواضحا جدا مجسدا بعدد من الشخصيات أهمها "خيرو" في مسلسل "أحلام أبو الهنا", فكثير من الحلبيين ومتابعي الدراما السورية يذكرون هذا الاسم بشكل جيد ومنهم من اتخذه مثالا للفتاة البدينة كثيرة الأكل ومع تذكرهم هذه الشخصية فهم يذكرون اسم الفنانة "إيمان الغوري" التي جسدت هذا الدور والتي التقاها موقع مدونة وطن في "حلب" يوم 7/1/2010 لتحدثنا بحرية مطلقة وبصدق.

حدثتنا عن انطلاقتها مع فن التمثيل من بدايتها حتى اعتزالها في عام 2000 فشرعت في الحديث عن بدايتها مع هذا الفن فقالت: "بدايتي كانت عندما كان عمري أربع عشرة عام إثر مشاركتي مع المسرح الشبيبي المدرسي في "حلب" حيث قدمنا عرض بعنوان "لا ترهب حد السيف" لمؤلفه الكاتب المعروف "فرحان بلبل" وكانت تلك المشاركة الأولى لي كممثلة وقد فتحت لي باب عريضا في البحث عن ذاتي إذ أنني عرفت فورا أن هذا هو المكان الذي يعنيني حقا فشعرت أنني حرة منطلقة نحو أفق سامية, وحقيقة لم أعاني مع عائلتي في موضوع دخولي هذا العالم إذ أن والدي ووالدتي تقبلا الفكرة بأسلوب ودي ومن غير اعتراضات خصوصا عندما التمسا تعلقي الشديد بالخشبة وهذا الفن, وما إن قطعت مشوارا بسيطا لم يتعد الأعمال المسرحية الستة إلا وبدأت أفكر فعليا باحتراف هذا الفن إذ أدركت فورا أنه لا خيارات للموهوب وظننت حينها أن المحترف يمتلك كل الخيارات».

إن شخصية "خيرو" شخصية خالدة في حياة متابعي الدراما السورية فعلى الرغم من أن مسلسل "أحلام أبو الهنا" عرض منذ أكثر من عشرة أعوام إلا أنني ما زلت أذكر تلك الشخصية الفريدة "خيرو" التي كانت وقتها وحتى الآن حديث الناس

وبهذا انتقلت في حديثها إلى أول خطوتها العملية في احتراف التمثيل حتى وصولها إلى معهد السينما في "موسكو" فقالت: «بعد حصولي على الشهادة الثانوية فكرت فعليا بالانتقال إلى "دمشق" والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية هناك لكن الظروف لم تكن مواتية لكن فتحت لي الظروف بابا أوسع من ذلك إذ أنني منحت بعثة من الحكومة السورية كان راعيها القائد الخالد "حافظ الأسد" ذو الفضل الكبير علي شخصيا, وتلك البعثة كانت إلى "موسكو" لدراسة التمثيل في معهد السينما الحكومي في "روسيا" وجاءت بناء على حيازتي لعدد من الجوائز على مستوى الشبيبة والقطر وفعلا التحقت بالمعهد هناك».

أما عن رحلتها الفنية إلى "روسيا" تحدثت "الغوري" بحرقة قلب وابتسامة فقالت عما قدمت لها "روسيا" معتبرة إياها "بوابة الحياة والعشق والألم" فقالت: «إن تجربتي في "روسيا" كانت جميلة ومؤلمة في ذات الوقت إذ أنني عشت أجمل خمس سنين هناك فقضيت فيها ربيع شبابي إذ سافرت بعمر العشرين سنة وعدت بعد خمس سنوات قضيتها في واحدة من أجمل وأهم العواصم العالمية ودرست أجمل الفنون على الإطلاق ألا وهو التمثيل وتعرفت على عدد من الشخصيات المهمة هناك وشاركت بعدد من العروض المهمة على مستوى المعهد هناك, فتلك التجربة جعلتني أعرف قيمة الحياة الحقيقية لكنها كانت مؤلمة لأنني دائما كنت أفكر بالمقارنة مع وطني الذي أعشقه إلى درجة التطرف بالعشق, إذ كنت على الرغم من جمال "موسكو" الأخاذ, إلا أنني لطالما حلمت بيوم الرجوع».

وتتابع في الحديث عن مشوارها الفني بعد العودة من "روسيا" فتقول: «إثر عودتي من "روسيا" انتسبت إلى نقابة الفنانين في "حلب" وعمدت إلى أن أكون واضحة وصريحة في التعامل منذ البداية وبدأت مشاركاتي الفعلية في التلفزيون والإذاعة وكان لي شرف المشاركة في الفيلم السوري "تراب الغرباء" والتي أغنت تجربتي بشكل كبير. ومن أجمل المشاركات كانت تجربي في مسلسل "خان الحرير" إذ أنني اعتبرت نفسي أشارك في لوحة فسيفساء حلبية المنشأ باهية الألوان والزركشات, ومنذ بدايتي العملية مع التلفزيون والإذاعة كنت مقتنعة تماما أن أي دور يلقى على عاتقي هو عبارة عن مسؤولية ولم تكن لدي فكرة التمييز بين الدور القصير والدور الطويل بل كان هناك تفكير مسيطر علي في أن أي دور هو جزء من البصمة التي أتركها في مسيرتي الفنية, فالإنسان من غير بصمة لا يساوي شيء».

وفي تقلبات المسيرة الفنية للسيدة "إيمان الغوري" والتي لم تدم أكثر من سبع سنوات إلا أننا نلاحظ تجسيدها لإحدى الشخصيات التي تركت بصمة خالدة في ذاكرة المتابعين وهي شخصية "أم الخير أو خيرو" التي جسدتها في مسلسل "أحلام أبو الهنا" مشاركة الفنان "دريد لحام" بطولة ذلك المسلسل, وعن تلك الشخصية كان لنا عدد من اللقاءت مع بعض الشباب الذين أجمعوا على حبهم لتلك الشخصية وتذكرهم إياها بشكل جيد وجعل "خيرو" مثالا للفتاة السمينة وجعلها صفة فقالت الشابة "أحلام العلي" التي تعمل كممثلة هاوية في المسرح الجامعي في "حلب": «إن شخصية "خيرو" شخصية خالدة في حياة متابعي الدراما السورية فعلى الرغم من أن مسلسل "أحلام أبو الهنا" عرض منذ أكثر من عشرة أعوام إلا أنني ما زلت أذكر تلك الشخصية الفريدة "خيرو" التي كانت وقتها وحتى الآن حديث الناس».

أما من جهتها الشابة "نور كرو" تقول عن تلك الشخصية: «حتى اليوم احتفظ بنسخ هذا المسلسل وأتابعه باستمرار وأضحك كثيرا على تصرفات "خيرو" التي نهرب من تشبهنا بها على الرغم من محبتنا لهذه الشخصية, وأنا أعتقد أن "إيمان الغوري" رسمت واحدة من الشخصيات المميزة التي انضمت إلى قائمة الشخصيات المهمة في الدراما السورية أمثال "أبو عنتر وأبو صياح وغوار الطوشة وحسني بورظان" وغيرهم».

فيما تحدث السيد "أسامة تفكتنجي" للموقع فقال: "أجادت الفنانة "إيمان الغوري" في أدائها لشخصية "خيرو" أو "أم الخير" لما قدمته من صورة واقعية جميلة للمرأة السمينة البسيطة إلى أن أصبح اسم "خيرو" صفة يطلقها الناس على الفتاة السمينة والأكولة ويضحك لأجله, وكم كنت أتمنى لو استمرت تلك الفنانة لأنها رسمت صورة جميلة حفرت في ذاكرة الناس عميقا».

أما الفنانة "الغوري" تحدثت عن تلك التجربة مؤكدة على صدقها في التعامل مع الشخصية فقالت: «عندما تم التواصل معي لأجل المشاركة في مسلسل "أحلام أبو الهنا" مع الفنان "دريد لحام" لم أتوانى إذ أنني اطلعت على النص ووافقت عليه لأنني رأيت في شخصية "خيرو" البساطة التي تعني لي الكثير والصدق الذي أعشقه في الإنسان وكان التعامل مع المخرج "هشام شربتجي" تعاملا مريحا إذ أنه ترك لي حرية كبيرة للعمل فكنت صادقة إلى أبعد حد في تعاملي مع هذه الشخصية حتى أنني كثيرا ما كنت أبدأ التصوير دون أن أضع "ماكياج" لأنني أقتنع بفكرة أن الممثل ليس جسدا فحسب بل هو جوهر وهذا التعامل الصادق جعل من الشخصية متكررة على ألسنة الكثيرين وأنا أسعد كثيرا عندما أسمع التعليقات حتى الساخرة منها على شخصية "خيرو" التي أصبحت مثال للفتاة السمينة والتي تأكل كثيرا».

وعلى الرغم من النجاح الكبير لشخصية "خيرو" واعتلاء كعب الفنانة "إيمان الغوري" في ميدان الممثلين آنذاك أعلنت اعتزالها التمثيل في عام 2000 بعد مرور أربع سنوات على عرض مسلسل "أحلام أبو الهنا". وعن أسباب الاعتزال تحدثت "الغوري" قائلة: «صراحة لم أكن أفكر بالاعتزال ولا لأي سبب كان حتى الزواج وإنجاب الأطفال إذ أنني لم أفكر بهذين الأمرين أيضا على الإطلاق لكن عندما تزوجت وحملت بطفلي الوحيد "ورد" بدأت أشعر بالأمومة لكن لم أكن أدرك معنى الطفل الذي أحمله في أحشائي حتى أنجبته في عام 2000 حيث أدركت حقيقة معنى الأمومة وبلحظة واحدة سألت نفسي إن كنت أفضل فني على طفلي الوحيد وكان الجواب فورا أن طفلي أهم من كل شيء وقررت الاعتزال لأنني عشقت كوني أم فقد شعرت بإنسانيتي مع طفلي الذي عوضني عن كل شيء, وفي الحقيقة أنا اعتزلت التمثيل لكنني لم أنقطع عن الفن فعلاقتي بطفلي علاقة فنية راقية وعلاقتي بمنزلي كذلك إضافة إلى علاقتي بأزهار وورود منزلي ومن وجهة نظري الفن ليس تكرارا إنما بصمة تترك أثرا فالاستمرار للأثر وليس للظهور المتكرر».

وفي خضم الحديث سألناها عن رأيها بالدراما السورية وفيما إذا تشعر بالندم لقرارها الاعتزال وإن كانت ستعود إلى الشاشة أم لا فقالت: «أنا شخصيا أفتخر أنني ابنة بلد يتنفس فنا وسعيدة لما وصلت به الدراما السورية وما فتح من أبواب لزملائي على الرغم من انزعاجي المطلق لاقتحام الدراما التركية الهوجائي لتلفزيوناتنا العربية, ولم أفكر يوما بالندم أو الغيرة لأن القرار كان قراري وكلمة "لو" تفتح عمل الشيطان بالنسبة لي, أما عن المستقبل فلا أستطيع الإجابة لأن المستقبل ملكي وليس ملكي في آن واحد, لكن صراحة أتمنى أن يكون طفلي من أهم الوجوه الفنية في المستقبل وأعمل على رسم مستقبل زاه له».

يذكر أن الفنانة "إيمان الغوري" من مواليد "الرياض" عام 1968 وتعود جذورها إلى الهجرات القديمة للشراكس ويعود نسبها إلى الشهيد الأول ضد الاحتلال العثماني السلطان "قانصوه الغوري" وشاركت في عدد من المسلسلات السورية أهمها /خان الحرير – مجلس الرحمة – باب الحديد – تل اللوز – العرس الحلبي – مذكرات عائلة – شو حكينا قلوب خضراء – فوازير داوود في هوليوود – أحلام أبو الهنا – يوميات أبو عنتر – بيت عمومنا ما حدا غريب/ ولها في المسرح عدد من المسرحيات أهمها /يوم من زمننا – الشاطر حسن – أبو الفوارس – لا تدفع الحساب – وحش الليل/

كما لها مشاركة في السينما السورية في فيلم "تراب لغرباء" إضافة إلى عدد من المشاركات في برامج إذاعة "حلب".