لا تحتاج لغة الفن والرّسم إلى الكلمات للتعبير، ولعل هذا ما جعلها فضاءً رحباً للعديد من أصحاب الهمم من ذوي الإعاقة وخصوصاً السمعية، ومنهم "حسن خازم" الذي أحب الرّسم وتصميم الأزياء منذ الصغر، متحدياً صممه ومحولاً إياه إلى إبداع وإنجاز كبير تجاوز الحدود البصريّة.

لغة الصمت

"حسن خازم" أصم يستخدم لغة الإشارة ، قرر الانتقال عبر الحواجز المرئيّة والصّوتيّة، وفهم لغة الألوان والأقمشة والخياطة والتفصيل بصورة مختلفة، فأخذ مكانه المميز في عالم الموضة والأزياء، وعثر على لغة وتعابير جديدة وفريدة خاصة به، واستطاع ببصماته الفنية المتألقة أن يتخطى حدود الإعاقة وتجاوز كافة الصعوبات والعثرات التي اعترضت طريقه.

فبعد حصوله على الثانوية العامة من "معهد المعوقين سمعياً" الخاص بالصم، التحق بأكاديمية "أسمود العالمية لتصميم الأزياء" في "سورية"، وبحديثه إلى مدونة وطن عن أيامه في المعهد يقول: "لم يكن يومي الأول في المعهد باليوم العادي، ومحاضرته لم تكن سهلة، فكوني أصم لم أتمكن من فهم أيٍ من الشرح الذي كان يُلقى، فما كان إلا أن طلبت المعونة بأن ترافقني مترجمة للغة الإشارة تساعدني بكتابة المحاضرات، وفي المحاضرة الثانية ترك شعور الخجل لدي مساحة كبيرة، إلا أن استيعاب مدرستي وزملائي لوضعي رفع من معنوياتي، وباتت الكتابة لغة تواصلي معهم وأخذوا بمساعدتي بكتابة المحاضرات".

ويضيف: "تابعت في المعهد وانتظمت في تقديم مشاريعي كما زملائي، وكان لمشروع تخرجي الصّدى الجيد لدى المدرسين ولجنة التّحكيم وذلك بفكرته التي اجتهدت بطرحها في نشر الوعي حول لغة الإشارة، وذلك بتضمين أزيائي التي صممتها أحرف لغة الإشارة وكذالك تخطيط السمع".

تحقيق الحلم

بعد التّخرج ومن خلال ورشته الصغيرة وجهوده المستمرة، استطاع "حسن" الانطلاق لتحقيق حلمه في عالم التّصميم والأزياء، وتابع في طريق تحقيق حلمه متجاوزاً كل العقبات، مستعيناً بما تيسر له من سبل الاستمرار ولم يترك وسيلة للترويج لإبداعاته إلا وجربها، وكان العالم الافتراضي بقوته الخفية أحد جسوره نحو النجاح بما قدم له من فرص مذهلة، وبفضل تصاميمه المبتكرة تمكّن من تحقيق الحضور الرائع ولفت انتباه العديد من المهتمين، وجاءته دعوة من شابة لمشاركته لها بتصاميمه في معرض "فاشون فاكتور" (Fashion factor) بالموسم الرابع في "دبي" 2023.

من تصاميمه

كانت التجربة بالنسبة له حياة جديدة، كما يقول، لكنها مغلفة بخوف كبير وزاخرة بالعمل والمنافسة.

ويضيف: "بعد إنجاز تصميم وتنفيذ فساتيني العشرة، دخلت مسابقة "فاشون فاكتور" لأكون واحداً من بين ما يقارب خمسةً وأربعين مصمماً مشاركاً من "الصين" – "امريكا" – "إيران"، وكانت أيام انتظار النّتائج الثلاثة مليئة بشعور الخوف والتّرصد، إلا أنها جاءت بثمارها وكنت من بين الفائزين الخمسة الأوائل، وحجزت فيما بعد مكاناً للعمل في شركة "فاشون فاكتور".

الفنانة مروة الأطرش من تصميم حسن

إبداع وتميز

اختارت الفنانة "مروة الأطرش" لغة الإشارة كوسيلة لها لتأكيد أهمية دمج الصّم والبكم في المجتمع، وقد وجدت في إبداعات الفنان "حسن" وتصاميمه التي تحاكي واقع هذا المجتمع، الجوهرة التي تتوج هذا المفهوم.

وتقول: "صحيح أنهم لا يسمعون إلا أن صممهم خلق الإبداع، ومن هنا تأتي أهمية دمج الصّم والبكم في المجتمع وعدم النظر إلى هذه الفئة كأشخاص معوقين، يجب رفض هذا تماماً، فهم في الواقع أشخاص لديهم مشكلة صحية وفيهم أشخاص مبدعون منهم "حسن خازم" الذي أتم دراسته وتعليمه، وهو مصمم وفنان جميل وأخذ مكاناً جيداً في شركة تصميم عالمية في "دبي"، ومنهم أصدقاء كثر منهم داعمون للمجتمع وليسوا بعالة عليه".

دمج وقبول

عالم التّصميم والأزياء، لم يؤخر الفنان "حسن خازم"، عن إيجاد الوقت الكافي للعمل مع فريق Creadeaf الذي هو عضو فيه إلى جانب كل من "رشا خازم، عاهد البلعوس، فرح التل، وآية عيد" الفريق الذي تأسس عام 2019 وعمل بهدف نشر لغة الإشارة داخل المجتمع السمعي، من خلال تعليم المهارات المختلفة وزيادة الوعي، ووفق محتوى تعليمي افتراضي خاص بهم، ويؤكد أعضاء الفريق أنهم نجحوا في تدريس لغة الإشارة لـ 160 فرداَ من "المملكة العربية السعودية" و"الإمارات العربية المتحدة" و"مصر". يأتي هذا السعي ليرتقي عمل Creadeaf إلى حد تفكيك المفاهيم المسبقة المحيطة بالإعاقات، وتشجيع التواصل والفهم الأعمق.