بكاميرا متواضعة الإمكانيات ومن دون مساعدة خبير أو فني تصوير احترافي، وباستخدام برامج إخراج ومونتاج بسيطة، قدم المطرب الشعبي "هاني خضور" أول فيديو حركي لجمهوره وعشاق الطرب الشعبي الجبلي، متجاوزاً إعاقته البصرية بدافع هاجس التجديد المستمر.

تحدي الإعاقة

يروي المطرب الشعبي ابن ريف مدينة "بانياس" قرية "العليقة"، تفاصيل تجربته مع الفيديو كليب الغنائي الحركي والذي يعد بسيناريو بسيط من حيث المضمون، ولكنه غني ومعقد من حيث التنفيذ الواقعي بالنسبة لشخص فقد بصره بنسبة تجاوزت 98 بالمئة، فلا مصور احترافياً ولا مخرج ساعده في تقييم المشاهد التصويرية والحركات المرتبطة التنقل، ولا حتى إضاءة مساعدة للإضاءة الطبيعية لتعديل ظهروه ضمن الكادر التصويري.

واجهته الكثير من المجازفة والصعوبات، وخاصة عندما كان يقترب خلال إحدى المشاهد من مرتفع صخري بالقرب من بئر ماء عربي مكشوف، ناهيك عن طريقة دخوله ضمن كادر التصوير وعمليات المونتاج التي تصل دقتها لأكثر من تسعين بالمئة خلال القص وإدخال المشاهد مع بعضها البعض

شكّل تقديم هذا الفيديو كليب الغنائي تحدٍّ كبير بالنسبة لشخص فاقد للبصر، وخاصة خلال عمليات التصوير في الطبيعة البرية التي تكثر فيها المعوقات والصخور والصواعد والنوازل الجغرافية، وحتى أغصان الأشجار المتكسرة والأعشاب المتشابكة التي قد تعرقله وتسقطه أرضاً، ولكنه على حد قوله، حاول توظيفها في خدمة تصوير المشاهد باستخدام هاتفه المحمول ذي المواصفات العادية، والتي أخرجها أيضاً مستعيناً ببرامج مونتاج بسيطة كان قد نصّبها على الهاتف.

المطرب الشعبي هاني خضور

عملية تقنية

أحد مشاهد الفيديو كليب الخطيرة

يؤكد "خضور" خلال حديثه، أنه وقبل تصوير الفيديو كليب رسم بذهنه جميع الخطوات وناقش الصعوبات والتحديات ووضع الحلول لها.

ويبين أن عمليات التصوير التي قام بها كانت معقدة جداً بالنسبة له، لكونها تطلبت منه القيام بكل الخطوات والمراحل منفرداً من دون مساعدة أحد، وبالاعتماد على بصيرته وذاكرته المكانية للأماكن الطبيعية في قريته الصغيرة، كأن يبحث من خلال اللمس عن مكان يثبت فيه الهاتف على صخرة مرتفعة مستعيناً بغصن شجرة ملقى على الأرض، ويدرك ببصيرته زاوية رؤية التصوير، ويحسب ذهنياً الزمن من بدأ تشغيل تصوير الفيديو لحين الانتهاء بهدوء لعدم التعرض لحادث سقوط إلى مكان الوقوف والدخول ضمن كادر التصوير، مع حفظ مسار العودة للهاتف وهذا الأهم، وجميع هذه المراحل طورت مهاراته وقدراته على حد قوله.

خلال دورات التدريب للأطفال ذوي الإعاقة

رغم الصعوبات

ويشير "خضور إلى أن التحدي لم ينتهِ بانتهاء تصوير المشاهد الخارجية في الطبيعة، بل على العكس فقد بدأ تحدٍ جديد أصعب ويحتاج إلى تركيز تام وذاكرة رجعية لما قام تصويره، وأيضاً مهارة في عملية إدخالها على برنامج المونتاج وتوظيفها مع الأغنية الشعبية التي يحبها كثيراً للمطرب الشعبي "وفيق حبيب"، والتي قدمها بصوته كتجربته الأولى بكونها تعني له الكثير، وهذا تطلب منه تكرار عمليات المونتاج رغم صعوبتها التقنية والعملية بالنسبة له، لافتاً إلى قيامه بمراجعة الجهات المسؤولة والمعنية بحقوق نشر كلمات الأغنية والموسيقا، حيث طلب من مالك الحقوق أذن الاستخدام منها بشكل صريح، وكان له ما أراد بشرط ألا يتجاوز نطاق النشر صفحات الفيسبوك فقط.

وعن العمليات الفنية يقول: «تم سحب الموسيقا من الانترنت بعد الحصول على موافقة المايسترو، حيث طلب مني النشر على موقع الفيسبوك فقط تجنباً لإيقافها بسبب حقوق النشر، وجميع عمليات التوزيع الموسيقي وانسجام الصوت مع الموسيقا والمشاهد التصويرية تمت باستخدام الهاتف الخلوي وبرامج متعددة قمت بتنصيبها، أي إذ إن العمليات لم تكن ضمن الاستوديو وإنما على هاتفي المتواضع فهو ملعبي الفني والتقني الصغير، ولم تقف إعاقتي البصرية الخلقية عائقاً أمام تنمية موهبتي، فشخصياً تصالحت مع وضعي الصحي وإعاقتي منذ الطفولة، لذلك أشارك بالحفلات الغنائية من دون أي مشكلة».

ويختم الشاب حديثه بالإشارة إلى أن الخطوة القادمة ستكون إعادة توزيع أغنيته الخاصة وتقديمها بفيديو كليب، ومحاولة إشراك الأطفال ذوي الإعاقة فيها، بهدف كسر حاجز الإعاقة بالنسبة لهم.

التحدي الصعب

تجاوز المطرب الشعبي "هاني خضور" الكثير من الصعوبات التي تشكل عائقاً أمام الكثير من المطربين الشعبيين، بحسب حديث المصور الاحترافي "هاني علوان"، والذي حسب قوله يرى أن ما قدمه يعد نموذجاً للتحدي الصعب للإعاقة.

ويضيف "علوان": «واجهته الكثير من المجازفة والصعوبات، وخاصة عندما كان يقترب خلال إحدى المشاهد من مرتفع صخري بالقرب من بئر ماء عربي مكشوف، ناهيك عن طريقة دخوله ضمن كادر التصوير وعمليات المونتاج التي تصل دقتها لأكثر من تسعين بالمئة خلال القص وإدخال المشاهد مع بعضها البعض».

الجدير ذكره وكنوع من المناصرة لتحدي الإعاقة واكبت "مدونة وطن" للمرة الثانية ما يقدمه المطرب الشعبي "هاني خضور"، حيث كان اللقاء الأول عن تحدي إعاقته والغناء في الحفلات والجلسات الشعبية.