لم يقتصر عمل كثير من الجمعيات الأهلية على العمل الخيري وتقديم المساعدة المادية والصحية للمحتاجين فقط، بل تعدى ذلك ليصل إلى ما يمكن تسميته بعملية التمكين الاقتصادي والمساعدة في تأسيس مشاريع صغيرة.

وتعد جمعية "جاد" واحدة من هذه الجمعيات والتي انطلقت في بدايتها على شكل مبادرة أطلقها مجموعة من الشباب للعمل طوعاً في عدد من المناطق ضمن محافظات "حماة وحمص وإدلب وحلب"، لتشكل هذه المبادرة نواة لتأسيس جمعية "جاد الخيرية" لاحقاً في مدينة "مصياف".

نواة التأسيس

في حديثها للمدونة تسلط رئيس مجلس إدارة الجمعية السيدة "تغريد شاهين" الضوء على أنشطة الجمعية وأهدافها وتقول: "الجمعية في بدايات تأسيسها كانت تستهدف تنفيذ مجموعة من الأنشطة الخيرية المتنوعة التي تدعم الفئات المحتاجه في التعليم والتمكين الاقتصادي ودعم التنمية والإسكان، ثم تطورت الفكرة لتأسيس "مطبخ الأم السورية" الذي كان يقدم وجبات غذائيه لأكثر من 1000 أسرة، ولاحقاً تطور عمل الجمعية من خلال الفريق الإداري، حيث تم إضافة جوانب مختلفة ومتنوعة أفضت إلى تأسيس جمعية "جاد الخيرية" والتي تم إشهارها  بالرقم/٨٣٩/ لعام ٢٠١٦ من وزارة الشؤون الاجتماعيه والعمل، وكان من أهم أنشطة الجمعية مركز "سوا" الذي يقدم خدمة العلاج الفيزيائي، وتعلم صعوبات النطق والدعم النفسي".

من أنشطة الجمعية

وتشير "شاهين" إلى الجانب الاقتصادي والمتمثل بوجود قسم للقروض وآخر للتسويق والبازارات في الجمعية، حيث يقوم قسم القروض بدراسة المشاريع المقدمة وجدواها الاقتصادية من خلال كادر مؤهل، وتتم متابعة كافة مراحل تطور المشروع بما يحسن الدخل المادي للمستهدفين، أما قسم التسويق والبازارات فالجمعية تساعد من خلاله المستفيدين في الدخول إلى سوق العمل عن طريق تصريف منتجاتهم والمشاركة في البازارات والأسواق الشعبية.

مركز "سوا"

تتحدث "شاهين" عن أهم مشاريع الجمعية، وخصوصاً تلك المتعلقة بالخدمات الصحية  والتي تشمل الاستشارات والمعاينات الطبية والدعم النفسي، وذلك من خلال التعاون والشراكه مع أحد برامج منظمة الصحة العالمية لتنفيذ مشروع "سوا" الصحي، حيث بدأ المشروع في منتصف شهر حزيران 2022، واستهدف حتى الآن 15800 مستفيد من قطاع المشروع الجغرافي الممتد في منطقه مصياف وريفها وصولاً لريف سهل الغاب الشمالي، وذلك عبر المركز الرئيسي للجمعية بمدينة مصياف، أو من خلال الفرق الصحية الجوالة في عدد كبير من قرى المنطقة.

رئيسة الجمعية

وتشير "شاهين" إلى أن الخدمات الصحية للجمعية التي تقدمها بالتعاون والشراكة أيضا مع برنامج منظمة الصحة العالمية تشمل تقديم (الرعاية الصحية الأولية المباشرة، والعمليات الجراحية والاستشارات الطبية، وتوزيع الأدوية وخدمة الرنين المغناطيسي /الطبقي المحوري/التخطيط الكهربائي للدماغ/تخطيط أعصاب /تخطيط سمع خدمة العلاج الفيزيائي- خدمة تعلم صعوبات النطق والدعم النفسي والمعاينات الحركية من كرسي مدولب للكبار والأطفال، وعكازات).

وفي ختام حديثها تلفت رئيس مجلس إدارة الجمعية إلى أهمية توسيع دائرة المستفيدين وتطوير نطاق العمل وتنوعه عبر تنفيذ عدد من البرامج والتأسيس لبرامح أخرى ليتم تنفيذها لاحقاً.

الجريح سام سلوم

دعم وتمكين

بدورها تؤكد الصحفية "غصون سليمان" المتخصصة بقضايا المجتمع في صحيفة "الثورة"، أهمية الدور الذي باتت تطلع به الجمعيات الأهلية باعتبارها رديفاً لمؤسسات الدولة، فالمجتمع الأهلي، كما تقول، تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في التكافل الاجتماعي والدعم والتمكين.

وتضيف: "لعل اللافت في هذا السياق أن عمل الجمعيات الأهلية بمختلف تسمياتها وتخصصاتها، لم يعد يقتصر فقط على تقديم المعونات والمساعدات الغذائية، بل تعدى دورها إلى اتخاذ جانب مهم في عملية التوعية والتعليم وتأمين فرص عمل من خلال القيام بدورات مهنية لتعلم الخياطة والحلاقة واتقان الحاسوب وتدوير الأقمشة وصناعة المنظفات وغيرها، وبعضها عمل وبشكل منظم بالتنسيق مع الجهات المعنية في وزارة الصحة ومراكزها المنتشرة في الريف والمدينة، لتقديم المستلزمات الصحية مجاناً من طبابة وأدوية وفحوصات دورية، والمساهمة بتقديم العون المادي لإجراء العمليات الصعبة والمكلفة كجمعية "جاد"، فضلاً عن تقديم قروض ميسرة لمشروعات تنموية صغيرة بفوائد رمزية، وخاصة في المناطق الريفية، إضافة إلى قيام جمعيات بتقديم مساعدات موسمية كالقرطاسية في بداية العام الدراسي وفي الأعياد وغيرها، فضلاً عما قدمته الجمعيات من مساندة ودعم خلال كارثة الزلزال، وما تبعه من تداعيات مادية ونفسية وإنسانية".

قصص نجاح

تعمل الجمعية على تقديم الدعم المالي للفئات الأكثر حاجة بالمجتمع، وذلك بهدف تمكينها اقتصادياً عبر إقامة مشروعات صغيرة خاصة، أو توسيع المشروعات القائمة عبر إطلاق برنامج إقراض مالي يتم تسديده بعد ثلاثة أشهر من استلام المبلغ من دون فوائد، واستطاع البرنامج تحقيق الكثير من قصص النجاح الكبيرة يقول الشاب "سام سلوم " وهو حاصل على قرض من الجمعية: "أنا من سكان قرية "ربعو" في ريف مصياف الشرقي، وأعاني من مشاكل صحية تتمثل بتبدل مفصل ورك أيسر كامل وتفتت بالعانة وتهشم بالحوض، وأعيل أسرتي المكونة من زوجة وثلاثة أطفال، وكنت قد تقدمت بفكرة مشروع للجمعية في عام 2019، وهو عبارة عن استثمار غرفة داخل المنزل لتأسيس بقالية، وبعد دراسة الجدوى الإقتصادية لمشروعي في برنامج الإقراض تم إقراضي مبلغ وقدره 400 ألف ليرة".

ويضيف "سلوم": "تطور المشروع بشكل سريع من خلال تنوع الأصناف المعروضة للبيع وإضافة الخضار والفواكه، ولاحقا لبيع المنتجات المنزلية (المربيات والمؤونة المنزلية)، لذلك تمت إضافة غرفة ثانية إلى المشروع بعد تطور العمل، ولاستيعاب كمية المنتجات المعروضة للبيع، وفي كل مرة كانت الجمعية تقدم قرضاً جديداً لي لمواكبة التطور الحاصل في مشروعي، وأصبح المشروع يحقق دخلاً جيداً يساعدني على إعالة أسرتي".