"نعمان حرب".. أخذ المواهب البكر إلى المنابر

"نعمان حرب".. أخذ المواهب البكر إلى المنابر

ضياء الصحناوي

الأربعاء 10 كانون الأول 2014

 

وصف بيته بالمركز الثقافي الدائم، أسس مع أخيه أول جريدة محلية "الجبل"، وكتب سلسلة "أبطال منسيون" عن مجاهدي الثورة السورية الكبرى، هاجر إلى أميركا الجنوبية وعاد بمجموعة كبيرة من الإصدارات.

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث الأستاذ "محمد طربيه" بتاريخ 29 تشرين الثاني 2014، الذي تحدث عن حياة الأديب والصحفي "نعمان حرب" صحفياً واجتماعياً، ويقول: «ولد في قرية "المجيمر" عام 1917، ولم يتمكن من متابعة دراسته الثانوية لأسباب مادية بحتة، إذ لم يكن في محافظة "السويداء" سوى المدرسة الإعدادية، ثم عين معلماً ابتدائياً على ملاك وزارة التربية عام 1938 ومديراً لمدرستي "سهوة الخضر" و"ميماس" فيما بعد، ثم نُقل إلى ديوان محافظة "السويداء" برتبة منشئ رئيسي عام 1940، وبعدها نقل إلى العدلية، وتقاعد من الوظيفة عام 1967 برتبة رئيس دائرة، وقد عاش عمراً مديداً عاصر خلالها أحداثاً قومية ووطنية واجتماعية عميقة على كل المستويات، وانخرط في كل تلك الأحداث انخراطاً فاعلاً وكان له دور مميز ومهم، كما قام مع أخيه الراحل "نجيب حرب" بتأسيس جريدة "الجبل" التي أرخت للأحداث المحلية في المحافظة منذ العام 1942 حتى العام 1959، وأصبحت مصدراً غنياً لتلك الأحداث، ومرجعاً علمياً لكل من يرغب في التأريخ للمنطقة، فكان الراحل المساعد الأيمن لأخيه الذي اتخذت صحيفته موقفاً وطنياً مناوئاً للنزعات الانفصالية، وطابعاً تنويرياً تقدمياً ينتصر للعدالة الاجتماعية».

قام الراحل بجولة عام 1979 في "فنزويلا" و"البرازيل" وعدد من الدول الأخرىالتقى خلالها الأدباء والشعراء العرب المهاجرين، وأقام معهم صلات ودية وحصل على نتاجهم الأدبي، ويتابع الباحث "طربيه" وصف هذه الجولة بالقول: «بعد سنوات في الخدمة الاجتماعية لأبناء محافظته لم يرد خلالها حاجة لأحد، ولم ينقطع يوماً عن مجالسة الأدباء والشعراء فاتحاً بيته لاستقبال الجميع من داخل المحافظة وخارجها، وكان يشجع الشباب ويأخذ بيدهم وينشر نتاجهم، وفي جولاته المتكررة نحو بلاد الاغتراب التقى خلالها العديد من الكتاب والشعراء الذين ينحدرون من الشرق، ففتح نار الجذوة المتأصلة في شعرهم العربي، ولسانهم الناطق بالضاد، وأوصل أصواتهم من المهجر إلى أرض الوطن من خلال سلسلة سماها "قبسات من الأدب المهجري"، وكان قد أصدر سلسلة أخرى سماها "الأبطال المنسيون" التي أنصف عبر حلقاتها الثماني عشرة المكثفة أبطالاً كانت بطولاتهم حاسمة في معارك الثورة السورية الكبرى».

الدكتور "ثائر زين الدين" مدير الثقافة قال في شهادته عن الراحل "نعمان": «لقد كان بيته مركزاً ثقافياً رديفاً لمركز "السويداء"، يوم لم يكن في المحافظة إلا بضعة مراكز متناثرة، وكان بيته أيضاً لاتحاد الكتاب العرب قبل أن يفتح الاتحاد فرعه عام 1985، وهناك كان لنا نحن الأدباء الشباب أن نتعرّف العديد من الشعراء والكتاب الكبار والمهمين من "سورية" والمهجر، لقدكان وجود الرجل نعمة للأقلام، فكم أخذ بيد غضة وموهبة بكر فدفع بها إلى المنابر أو إلى الصحافة أو النشر فيما بعد، وكم تحمل جراء ذلك من ماله،‏‏ وترجع معرفتي بالفقيد إلى خمس وعشرين سنة فلقد عرفته في مطلع الثمانينيات فعرفت فيه الدماثة والتهذيب الجم والعاطفة النبيلة والانتماء القومي الأصيل، وإذا كانت حياة الإنسان تقاس بما عمل وقدم لوطنه وللناس وبما ترك من آثار في مجالات عديدة؛ فأي حياة غنية تلك التي عاشها من نؤبنه اليوم، وما ذهبت إليه مرة إلا فتح أبواب روحه وذاكرته ومكتبته، لأنه كان يؤمن بالتنوير بأرقى معانيه، وهو أن حريتك تبدأ من الاعتراف بحرية الآخر وليس من رفضها، وأنت عندما تقول رأياً لا بد أن تحترم الرأي المختلف ولا تصادره، وكم أتمنى على الأقربين جمع رسائله لأنها كثيرة بكثرة أصدقائه ولم تكن رسائل عادية وإنما كانت نصوصاً عميقة في شتى جوانب الحياة، الوطن، العروبة، الثقافة، المجتمع، الأدب الإنساني، فهو أحد نماذج الرجال متعددي الأبعاد، لقد رحل وفي أرواح بعض عشاق الكلمة الجميلة شيء منه، وقد رحل وفي كل بيت قدم شهيداً للوطن شيء منه، وعند كل مسافر يحمل وطنه ولغته في قلبه شيء من "نعمانحرب"، وذلك كافٍ ليكون بيننا دائماً».‏‏

الجدير بالذكر، أن الراحل "نعمان حرب" عضو جمعية البحوث والدراسات، وله الكثير من المؤلفات أهمها سلسة "قبسات من الأدب المهجري" التي تضم عشرة كتب، وقد قدرت له رابطة "إحياء التراث العربي في أستراليا" جهده الثقافي هذا فمنحته أول وسام جائزة "جبران خليل جبران"، التي منحت فيما بعد بواسطته إلى كل من "مدحت عكاشة" و"عبد اللطيف اليونس".