"محمود سليم".. مرسمي هو مسؤوليتي ودفئي وكياني

ضياء الصحناوي

يطل الفنان "محمود سليم" بروحه العاشقة لسحر الطبيعة وجمالياتها من بيته المسكون بالحميمية، ليأخذك نحو مرسمه المعبأ برائحة الورد والعشب الأخضر، فنان الفطرة صنعته الطبيعة فتماهى في صناعتها.

المفكرة الثقافية التقت الفنان الشاب "محمود سليم" في منزله ببلدة "عتيل" يوم الخميس الواقع في  19 تشرين الثاني 2014 وكان الحوار التالي:

* الكل يعلم أنك لم تدخل كلية أو معهدا متخصصا بالفنون، فهل لك أن تحدثنا عن البدايات في هذا العالم.

** كان ذلك قبل سنوات طويلة، وقبل أن أدخل محراب الفن التشكيلي، حيث كنت من المتابعين لعدد من الفنانين، ولبعض الأعمال المحلية والعالمية، وهو الأمر الذي دفعني للاطلاع على المدارس الفنية، وهذه المتابعة لم تكن مجرد مشاهدة فقط بل كانت تخلق لي الكثير من الأسئلة حول بناء العمل الفني من حيث العناصر واللون والموضوع، وكانت تصلني من خلال حواري الذاتي مع اللوحة الكثير من الأجوبة حول مفهوم التشكيل وصياغته على شكل لوحة (عناصر اللون والخط والفكرة)، وعندما بدأ مشروعي الفني يتوضح أمامي وجدت السعادة والراحة، وأنني أستطيع التعبير عن مشاعري وحبي لما أشاهده وأستمتع به.

* أنت فنان متخصص باللوحة الواقعية، وكأن الطبيعة تبنتك، أو تبنيتها، فماذا يعني لك المكان؟

** رسمت اللوحة الواقعية، وكانت انعكاسا حقيقيا لحبي للطبيعة وجمالها المكتشف، فمن خلال تجوالي وقراءتي للمكان المتنوع بعفويته، وتداخل ملامحه من تراب وحجر وشجر وأنهار وسماء وغيوم، وكل هذا الأثير الحاصل من ضوء الشمس كانت لوحتي التيلم تكن بعيدة عن البيئة التي أعيش في أفيائها، ولقد رسمتها لتأكيد هويتي وانتمائي للمكان.

* كونك رسام اللوحة الواقعية، ولم تخرج عن هذا الإطار كيف تقرأ الأعمال المقدمة بأساليب أخرى؟

** المدخل الأول لقراءتي لتلك الأعمال هو اللون وتأثيراته وعلاقته، ومن ثم أبحث عن الموضوع أو الفكرة المقدمة  وأحاول الربط بينهما. ونحن متفقون بأن الجمال هو الحامل لكل الأعمال الفنية، ومن خلاله نخاطب العمل الفني للوصول إلى حالة تواصل وفهم مكنونات هذا العمل التقنية أو الفكرة الفنية.

* كيف تتعامل مع مرسمك، وما الفرق بينه وبين المنزل؟

** هناك دائماً أمكنة تأخذك نحو الذاكرة البعيدة، وأخرى تشعر بحنين دائم لرؤيتها، وثالثة لا يمكن بحال من الأحوال أن تستغني عن جدرانه، ومرسمي هو كل ذلك. هو عالمي الحقيقي  وملجأي الخاص، والمكان الذي يحتضن جواهري، ومع الوقت تكتشف أنه سماؤك وماؤك ولا يمكن الاستغناء عنه بسهولة، وأعتقد أنه الجزء الآخر من البيت، وهم في المحصلة مسؤوليتي ودفئي وكياني.

* ماذا عن المعارض التي شاركت فيها، ولماذا الإقلال بالظهور على الناس؟.

** لقد شاركت في أغلب المعارض الجماعية التي كانت تقام في "السويداء" منذ العام 2008 بلوحات جديدة دائماً، وكانت هذه المعارض مهمة جداً كونها تنطوي على حوار مدارس تشكيلية منفذة بخامات مختلفة، والأهم هي حالة خاصة من تلاقي الأجيال، والاستفادة من الخبرات السابقة، وإمتاع العين، أما المعارض الخاصة فقد اقتصرت على معرضين فنيين في المركز الثقافي الروسي بالعاصمة "دمشق" في العامين 2008 و2009، والمعارض الفردية حالة من التوثيق التي يمر بها الفنان خلال فترة من الزمن يعالج فيها فكرة ما، والحقيقة هذا البعد والتباعد مع المتلقي له أسباب خاصة بي، ولكن مجموعتي الجديدة هي للمتلقي حتماً.

* أنت من الفنانين الذين تطلب أعمالهم للاقتناء بشكل دائم، كيف تنظر إلى الأعمال المباعة؟

** منذ فترة طويلة لم أعد أبيع لوحاتي على الرغم من قدرتي على تسويقها بشكل دائم، كان الأمر في البداية متعلقا بالقدرة على الحياة، والتواصل مع الآخر، وأنت تعلم مدى حب الناس على اختلاف مشاربهم وأهوائهم لاقتناء العمل الواقعي، وخاصة الطبيعة المحلية الجميلة، ولا مشكلة لدي في ذلك، ولكن مع الزمن تصبح اللوحة جزءا مهما في كيانك لا يمكن الاستغناء عنه.

الفنان التشكيلي "حميد نوفل" يصف أعمال الفنان "سليم" بالقول: «للطبيعة في أعماله سحر خاص تكتشفه من خلال لوحته (النافذة) المطلة على العالم، وتتساءل هل الطبيعة تحاكي اللوحة عنده، أم لوحته تحاكي الطبيعة، وحين تقف أمام أعماله صامتاً متأملاً تبحث في داخلك عن عوالم تفسر بها إعجابك ودهشتك أو تبحث عن جملة ترتقي إلى تلك اللحظة التي تعيشها، فلوحته توثيق صادق لجغرافية الطبيعة الحرة بما تحمله من تحولات مناخية تملأ روحك بالهواء لتعود من رحلتك وأنت بكامل امتلاءك بالنقاء والجمال».