"غادة فطوم"... الخيال الأدبي صنعة يتم تطويرها

سمر الوعر

تمتعت "غادة فطوم" بإبداعها لكتابة كافة الأجناس الأدبية، فأسلوبها واقعي وإنساني، وهي تعتبرأن للكلمة دورها في توعية وتحصين المجتمع.

المفكرة الثقافية  التقت الشاعرة بتاريخ 5/12/2014 فقالت:«تأتي الموهبة مع لحظة الخلق الأولى، حيث كانت بداياتي مع تلك الخواطر الصغيرة في المرحلة الإبتدائية، وتلاوة قصائد شعراء الكتب، حتى بات الحرف يسري في شراييني، والكلمة تدق أوتار قلبي لأكوّن القصيدة، وغالباً مايكون المحيط هو الحافز على تحريك الذاكرة والخيال، حيث الخيال الأدبي صنعة يتم تطويرها من الذات ومن البيئة حين ننتقي مايحفز خيالنا، وحين نبحر في عالم الأدب لا نختار النوع الذي يجب أن نعتنقه، لهذا لن أغادر عالم الشعر أبداً، وستبقى القصيدة هي التي تشدني إلى عوالمها، فالكتابة فن  حيث نوجّه كل اهتماماتنا للإنسان أولاُ وثانياً وثالثاً . 

كتبتُ القصة، وكانت أغلب الأمورالتي طرحتها في مجموعتي القصصية هي إنسانية واجتماعية بحتة فيها شيء من الخيال، لكن أعتقد أنه إذا ما بحثنا في المجتمع نجد فيه الشخصيات المعقدة والمركبة التي تكون مادة عمل تستحق التطرق والبحث فيها.

قصصي تحدثت عما يجري الآن من مغالطات للأحداث ، وتم طباعتها بعنوان " مازال القمح نائما يا أبي"، وقصة "أنا وباولو كويللو" فيها شيء من الخيال، ومشروعي الأدبي القادم قصص توجيهية للأطفال، وأتمنى أن أكمل "بقينا هناك" و"قضية وطن ".

رسالتي من قصصي موجهة لكل امرأة وأم بأنها يجب أن تجد ذاتها تحديداً في مجتمع تغلب عليه السيطرة الذكورية، رغم كل ما يقال بأن المرأة بدأت تأخذ دورها .

وتتابع : « كما كان لي محطة بكتابة الرواية ، وما ساعدني في كتابة روايتي هي أني امتلكت فن كتابتها ، وتعمقت في بحرها، حتى تخطيت  أمواجها العالية، وبما أنني أتمتع بنفس طويل ساعدني ذلك كثيراً بأني بلغت زمام ناصيتها وبجدارة.

روايتي "كنا هناك" تتحدث عن الجولان السوري  ومعاناة أهله بعد النزوح، وطريقة تعاملهم مع الوضع الجديد، والأمل الدائم بعودتهم إليه وتحريره، معتمدة الأسلوب السردي المباشر في روايتي، وهو الذي يصل مباشرة للقارئ.

أما الشعر  فهو كلام ذو معنى موزون مقفى، مقصود، إنه ألفاظ ذات معنى كُسِيَت حلة من الوزن والقافية، وهو جناح الأدب الذي يطير بالفصاحة والبلاغة، ولي ثلاثة أعمال شعرية "أنا عشتار أنا امرأة، امرأة من زهر الياسمين، ضجيج الحجارة".

أما قصيدة النثر فهي عالمي وفضائي الذي أحلق فيه، وهي أسلوب من أساليب النثر تغلب فيه الروح الشعرية من قوّة في العاطفة، وبعد في الخيال، وإيقاع في التركيب، وتوفر على المجاز وقد اعتمدت الأسلوب التعبيري الرمزي فيها  .

برأيها إن العمل الأدبي يتحول لإبداع حين نقدم  نصاً متميزاً يخدم قضايا الإنسان، ويحاكي الخيال في الأسلوب وطريقة الطرح، وهي تختصر فلسفة الإنسان وبنيته الحياتية وفق وجهة نظرها التي تقول:  بما أن الإنسان سابح في الآفاق وغائص في الأعماق، عليه أن يعيش الآفاق والأعماق وبكل حرية ليصنع فردا متميزاً».

وعن دور الأدباء والكلمة في توجيه المجتمع لاسيما في ظل الظروف التي تعيشها سورية تقول : «إن الكاتب والأديب والشاعر بحكم الموهبة التي منّ الله بها عليه يكون قارئاً للأحداث ، وهو مرشد ودليل قادرعلى أن يؤثر بالمحيط ويوجه فكرهم ويقوّمه.

إن الذي عانيناه كبير،  وماوقع علينا من ظلم كان أكبر، خاصة لأننا أصحاب فكر، لكن من يقرأ الأحداث، ويوجه دفة فكره ومشاعره بالاتجاه الصحيح هو بالنهاية الذي يضيء الأماكن المظلمة،  ويبقى دور وأثر الكلمة تهو نظيم تلك المتاهة التي وقعنا بها ، وإضاءة ذاك النفق الذي فرض علينا نتيجة تعدد الانتماءات وعدم الارتقاء بالعلم  ليرتقي بهما الفرد الذي هو فاعل في هذا المجتمع، ويجب أن يبقى الأدب بكل فنونه هوالسلاح الأمضى لتخطي مانحن فيه، والكّتاب خط الدفاع الثاني . 

 وتختتم حديثها بالتأكيد على أثر الموهبة بنجاح الشاعر بالقول : «الموهبة تأتي مع المبدع وعليه تنميتها بالاطلاع والمثابرة على السمو بذائقته الأدبية، وأعتقد أن أساس العلوم هو فلسفة الوجود، ومنها اجتزأ الإنسان بقية العلوم الأخرى».

*يذكر أن الشاعرة "غادة فطوم" من مواليد  دمشق 1969  

تمثلت معظم مشاركاتها  بمهرجان قصيدة النثر الذي أعطاها أفقا للتعامل مع القصيدة، وجعلها طوع يديها، و"مهرجان السلمية لقصيدة النثر للأعوام  2008- 2011"، و"مهرجان محافظة السويداء".

من أشعارها قصيدة "امرأة من زهر الياسمين":

جئتك أقطف من حدود الكون

بذور روحي

وألملم خيوط الفجر لأشكل مدناً  لم تولد بعد

وأعيد  أعيد تكوين الحياة  أعيد انشطاراتي

ألملمها  أبعثرها  وأنشرها

فيخرج وجه الشمس مطلاً بعبير الإله

جئتك بياسمين روحي  وبعض

من الشفق المهاجر تعباً تعبا

من رحيل هواء القمر

وعلى زهوة النسغ المسافر

بين تخوم المجرة

أعلن عن ضفاف جديدة

لأشعة دافئة تحط رحالك عليها

حينها تعزف رؤوس أصابعي

أغنية بوح مسائي هجرتها

أحلام عناقيد الياسمين

وعلى مداها

تعلن حدائق النرجس

عن إغلاق أبواب السماء