"بشير بشير".. أبحث لأعمل شيئاً جديداً، متكاملاً وجميلاً

هيسم شملوني

في تجربة خاصة من التشكيل الفني تسكن ملامح تجربة الفنان التشكيلي "بشير بشير"، حيث أنه استطاع أن يقدم صياغات حروفية وألوان خاصة به. فالمتتبع لتجربته والمحاور له يجد أنه أمام فنان من نوع خاص، له تجربته الحروفية، التي يفخر بخصوصيتها.

المفكرة الثقافية التقته وحول هذه التجربة كان الحوار التالي:

* حبذا لو تحدثنا حول بداياتك التشكيلية.

** في بداية مرحلتي الفنية عملت على الطبيعة بكافة أشكالها، كل فنان يمكن أن يخوض في هذه المجال، لأن الطبيعة مدرسة نستفيد منها في (اللون، الفراغ، البعد الأول، الثاني، المنظور، والأبعاد الثلاثية)، فالطبيعة مدرسة بحد ذاتها، ومن ثم خرجت بتجربتي إلى الأحياء القديمة بحيث استفدت من التكوينات والمنظور الهندسي والألوان فيها، بعد هاتين المرحلتين رأيت أن كل زملائي الفنانين خاضوا في هذه المرحلة، الطبيعة والأحياء القديمة والجبال والتضاريس.. إلخ، درست تقريباً كل هذه المراحل وعملت عليها خلال عدة سنوات، وفيها أقمت عدة معارضة، منهم في المركز الثقافي الروسي، ومعارض متعددة داخل وخارج القطر.

* كيف تشكل عندك وعي البحث عن الخصوصية التشكيلية؟

** بعد تلك المرحلة حاولت أن أعمل شيئاً خاصاً بي، لتكوين هوية ثابتة وتميزني، أدلل فيها من خلال لوحاتي، في البداية أنا لست خطاطاً، ولكني حاولت استقطاب واستحضار الحرف والخط العربي وتوظيفه في لوحاتي التشكيلية، بحيث يخرج من اللوحة كعمل متكامل ومتوازن، عدت للاستفادة من الطبيعة بانحناء الأغصان، والتضاريس والكتل، والأحياء القديمة وتكويناتها الهندسية، شكلت كل هذه الوظائف، وولفتها لتشكل شخصية مستقلة تدل على الماضي والحاضر في آن واحد ضمن تجربتي، وأصبحت أعمل تكوينات حروفية ثابتة ومستقلة، أقوم بتجميع حرفين أو ثلاثة وأربطهم، بعضهم بعضاً بحيث يصبح هناك توازن يعطي لوحة متكاملة.

 

* هل تولد لديك هاجس البحث في شكل اللوحة أو في مضمونها؟

** اللوحة بالنسبة لي مسرح، يجب أن يكون عليها المؤلف والمنتج والمخرج والممثل والكومبارس والموسيقي وكافة العناصر المهيئة لتكون لوحة متكاملة، وأنا أبحث لأعمل شيئاً جديداً ومتكاملاً وجميلاً.

* المتتبع لتجربتك يجد أنك قدمت أحرفاً بصياغات خاصة لا تشبه الأحرف التي نألفها ولا تشبه أياً من تكوينات الفنانين الحروفيين العرب وغيرهم. حبذا لو تحدثنا عن المعالجة، التي اتبعتها لهذه التوليفة الخاصة.

** سبق أن قلت أني لست خطاطاً، الكثير من الفنانين عمل على الخط وأنا استفدت من تجارب الكثيرين، في هذه الحالة أردت رسم خط متميز، آخذ بداية الحرف ولكني أعطيه إنحناءات وأعطيه إسقاطات مختلفة بحيث يكون العمل متوازن، عملت شيئاً متفرداً بحيث أن لوحتي إذا وجدت بين مئات لوحات لخطاطين وبين مئات لوحات لفنان حروفين، فإنها لن تدل إلا على الفنان "بشير بشير" بطريقة اللون والتكوين وطريقة الانسجامات وارتباط الأحرف بعضها بعضاً والتشكيل الحروفي المتناسق، هذا الأمر الذي ميزني عن الجميع، فقد أخذت حالة متفردة أعتز بها، لي أساتذة أخذت منهم خبرات مثل الأستاذ "أنور الرحبي" والأستاذ "أحمد إبراهيم"، وأنا يومياً أتابع معارض وأقرأ القصص وأرى الكاتالوكات، فأنا لست خريجاً من كلية الفنون، لكني حاولت عمل شيء أضع من خلاله بصمتي الخاصة في الحركة التشكيلية، وفي أحد اللقاءات قلت أني لا أريد أن أكون رقماً، إما أن أكون فناناً لي اسمي وكلمتي وحضوري ومثبت أمام الجميع، وإما أن أكون هاوياً كما أي شخص يمكن أن يرسم لوحة ويذهب لينام، والحمد لله خلال السنوات الماضية عملت حضوراً قوياً وأثبتت ذاتي التشكيلية، تعبت كثيراً حتى وصلت لهذه المرحلةۛ، لكني وصلت وأشعر بالرضى على ما حققت.

 

* هل تحاول أن تصيغ خطاً خاصاً يمكن أن يسمى باسمك "البشيري" مثلاً على غرار الفنان "محمود حماد"، أو الفنان "عبد القادر أرناؤوط" الذي شكل خطاً وأسماه الخط "الأرناؤوطي"؟

** بصراحة أقولها ودون تكبر أو غرور، أنا وصلت لمرحلة أصبحوا يقارنوني بهم، أنا أعتز بهؤلاء الفنانين وبذات الوقت أريد أن أكون مستقلاً عن الجميع، لي تجربتي الخاصة واسمي الخاص واستقلاليتي في الحركة التشكيلية.

* ما هي الخاصية في حروفك على صعيد الشكل، حتى تميزت لوحتك؟

** في لوحاتي يمكن أن تجد بداية الأحرف، والنقط التي أعتمد عليها أيضاً، إضافة إلى الشدّة. فأنا آخذ انحناء الحرف، مثلاً يمكن أن أن آخذ حركة حرف الجيم، وأستفيد من حركة حرف الراء، آخذاً رأس العين وحركته الانكسارية، حاولت أن أستفيد من جزء من الحرف وأعمل عليه، لا أريد وضع حرف ثابت أو كلمة مقروءة، لأني عندها سأكون خطاطاً أو ناقلاً لصورة، وهذا ما لا أحبه في اللوحة ، أردت أن أكون متفرداً ومتختصصاً بأمر محدد.