اللغة المسرحية .. بين التأصيل وإيصال المعنى (7)

كسار مرعي – الحسكة

عندما يكتب المسرحيون اعمالهم بلغةٍ مسرحية جميلة، تتحول اللغة الفصحى من مجرد حامل للنص والفكرة، إلى معينٍ للوصول إلى الجمهور المتلقي، إضافة إلى كونها وسيلة للارتقاء بهذا الفن النوعي، لكن في حالة التكلّف بالكتابة والبعد عن الهدف يمكن أن يخطأ الكاتب في رؤيته، ويبتعد كثيراً عن مقاصده التي يصبو إليها، وهنا يتعذر عليه ايصال المعنى وقد يفقد المسرح روحه.

 ففي النهاية تتكامل الأدوار على الخشبة الصامتة لتحدد ماهية اللغة المستخدمة، وهنا لا يكون الأسلوب الذي كتبت به اللغة هو من يحدد حلاوتها على المسرح أو غلاظتها، بل إن اسلوب الإلقاء والتقديم هو الذي يلعب الدور الأهم.

وفي نهاية حديثه مع المفكرة الثقافية حول استخدام اللغة المسرحية يقول المخرج والكاتب المسرحي "اسماعيل خلف": «بعد استعراض الآراء التي وصل إليها الكاتب المسرحي الكبير "فرحان بليل"، نصل إلى رؤية الكاتب المسرحي المبدع "وليد اخلاصي"؛ الذي يرى أن تباين المستويات الدرامية في النصوص المكتوبة بداية العصر الحديث للتأليف المسرحي، كما أن النصوص المعربة من الأعمال العالمية، إلى اللهجة الدارجة لم تحظ بأية عناية من بحثٍ أو دراسة لمعرفة دور المسرح العالمي؛ في تكوين البنية السورية الدرامية، كما أن أعمالاً هامة  وكثيرة كتبت بالعامية لكنها لم تلق أي اهتمام».

«ما هي لغة المسرح ؟ ما هي لغة المسرح المثلى؟ أسئلةٌ ما زالت قائمة وملحة، أيضاً اللغة الفصحى أو اللهجة العامية الدارجة؛ البلاغة في تكوين اللغة أم البساطة الموحية؛ لغة المتعلمين أم لغة الناس العاديين، يرى "اخلاصي" أن استخدام اللغة الفصحى الذي ارتبط في الأذهان والضمير العام؛ بالمسألة القومية الملحة التي وجدت لها سبيلاً في التعبير الأدبي والفني، وقد انتصر في كثير من الأحيان على استخدام اللهجة العامية؛ الملتصقة بحياة الناس وسهولة تعاطفهم مع الأفكار والمواقف المسرحية، وهذا يمكننا من رؤية الخط الرئيس الذي سارت عليه حركة التأليف المسرحي الحديث، من خلال استخدام اللغة الفصحى التي فقدت في بعض الأحيان؛ روعة التوصيل الدرامي في النصوص التي لم يكسب أصحابها الخبرة بعد، أو القدرة على امتلاك الأسلوب المسرحي».

«هنا يمكن التمييز بين أمرين اثنين أولهما اعتماد المسرح كأدبٍ صرفٍ؛ لا يختلف عن الأجناس الأدبية الأخرى إلا بالشكل الذي يكون حواراً في الغالب، والأمر الثاني هو اعتماد الدراما في النص المسرحي وهي تبرز الصراع الأساسي، من أجل الوصول إلى لغةٍ أو أسلوبٍ يميز الكاتب عن غيره من كُتَّاب فنون الأجناس الأدبية، وعليه يمكن القول أن الوصول إلى حلٍ أو تسوية كاملة لمشكلات اللغة، قد يكون إما في تطويع اللغة الأدبية الفصحى غير المعقدة أو القاموسية، أو تلك اللغة البعيدة عن الحياة المعتادة للروح الاجتماعية الشعبية السائدة، وهي وسيلة ناجعة للوصول إلى تلك السوية».

وفي الختام يقول: "إن الفوارق بين استخدام اللغة العربية واللهجة العامية واضحة وجلية، لكن بقي هذا الهم مشكلةً انقسمت عليه أراء الكتاب والمسرحيين، ويبقى الفيصل بينهما براعة القائمين على المسرح في اختيار ما هو انسب لإيصال أفكارهم ورؤاهم للجمهور المستهدف، وخلاصة القول أن الحكم الأول والأخير هو الجمهور ومدى وصول الأعمال لهم».

 

المراجع:

* صحيفة الجماهير 3/3/1987

* مجلة الكفاح العربي العدد 229 - 20/7/1992

* مجلة الكويت العدد 192 - 1/10/1999