الاستيقاظ المبكر ووعاء الحليب والكلمات والحركات؛ أهم ما يرافق السيد "عادل الحسين" أثناء قيامه بعمله اليومي في تربية الماعز في بلدة "المزرعة"، التي تتميز بتقاليد أهمها لقاء الجيران والأقارب أثناء عملية البيع والشراء أو انتظار تاجر الحليب.
مدونة وطن "eSyria" زارت السيد "عادل الحسين"، في بيته في 2 آذار 2015، فتحدث عن عمله وما يرافقه من طقوس بالقول: «لدي خمسون رأساً من الماعز، أقوم على رعايتها كل يوم من خلال عملية التنظيف والإطعام والرعي، وبنفس الوقت أستفيد من حليبها في معيشتي اليومية سواء عبر تأمين الطعام في المنزل أو بيع الحليب، وأجمل الطقوس التي ترافق هذه التربية هو رؤية الجيران والأقارب في الصباح؛ حيث نلتقي المربين منهم في انتظار تاجر الحليب القادم من المدينة، وتكون فرصة لتبادل الحديث والخبرات في مجال تربية المواشي، أو نلتقي من يأتي لشراء الحليب من أجل مؤونة بيته، وهنا تكون الفرصة لصباح جميل نتجالس فيه ونحتسي معه مشروب الصباح الذي أغلب الأوقات يكون الحليب أحد مكوناته الأساسية عبر مزجه مع القهوة أو الشاي أو المتة».
لدي خمسون رأساً من الماعز، أقوم على رعايتها كل يوم من خلال عملية التنظيف والإطعام والرعي، وبنفس الوقت أستفيد من حليبها في معيشتي اليومية سواء عبر تأمين الطعام في المنزل أو بيع الحليب، وأجمل الطقوس التي ترافق هذه التربية هو رؤية الجيران والأقارب في الصباح؛ حيث نلتقي المربين منهم في انتظار تاجر الحليب القادم من المدينة، وتكون فرصة لتبادل الحديث والخبرات في مجال تربية المواشي، أو نلتقي من يأتي لشراء الحليب من أجل مؤونة بيته، وهنا تكون الفرصة لصباح جميل نتجالس فيه ونحتسي معه مشروب الصباح الذي أغلب الأوقات يكون الحليب أحد مكوناته الأساسية عبر مزجه مع القهوة أو الشاي أو المتة
هذا وتمثل هذه اللقاءات عادات وتقاليد جميلة فيها الكثير من الكلام الذي يحيي الذاكرة ويقرب الناس بعضهم من بعض، ويضيف إليها المزيد من الخبرات على كافة الصعد، وعن هذا يتحدث المهندس الزراعي المختص "عمر الحسين" من أهالي البلدة بالقول: «حليب الأبقار والماعز والأغنام يضفي طقوساً وعادات جميلة في بلدة "المزرعة"، منذ أن سكنت البلدة، فنحن قد ورثنا هذه العادات من الآباء والأجداد، وأهم هذه العادات حالة التواصل الاجتماعي وحالات الاعتماد على الذات، وتأمين مصدر للدخل لهذه الأسر، وأهم ما يرافق هذه التربية ما يسمى "صباحات الحليب" التي تتمثل في لقاء الأقارب والجيران، فنرى أن المربين منهم يأتون ليلتقوا في مكان معين بانتظار تاجر الحليب القادم من المدينة، ومنهم من يأتي لشراء الحليب مباشرة من المربي؛ وهذا ينتج عنه اللقاء والزيارة التي يتبادل فيها الناس الضيافة والحديث في شؤون البلدة وأخبارها، إضافة إلى استذكار الآباء والأجداد وكيف كانوا يعيشون ويتعاملون مع المواشي في سنوات الغلال أو العجاف، وكيف كانت أراضي البلدة، وأين كانت تتم عملية الرعي وسقاية المواشي، وهذا بحد ذاته استرجاع للتاريخ وعملية توثيق له في ذاكرة الأجيال الناشئة.
كما أن هذه اللقاءات قد تستحضر أمثالاً شعبية قديمة كمثل يقول: "الرجل العاطل موت مواشيه تحصيل حاصل"، هذا يعني أن الشخص يجب أن يكون صاحب ذمة لكي تبقى مواشيه بخير، وهناك عادات مازالت موجودة في هذه الأصبحة، ولكن أقل من السابق كعادة "تقارض" الحليب التي كانت معروفة لدى أجدادنا عندما كانوا يجمعون الحليب عند شخص معين لكي يقوم بصناعة السمن والزبدة والجبن أو ما يسمى بعملية "الخضيض"، وقد بدأت تختفي هذه العادة بسبب وجود البيع المباشر للحليب اليوم لتجار المدينة، كما أننا نرى أن تربية المواشي بوجه عام ترافقها عادات جيدة كعادات الاستيقاظ المبكر وزراعة الأرضي من أجل تأمين العلف أو التبن والحبوب في الشتاء، وقد تطورت هذه التربية أيضاً، ففي السابق كان الحلب يدوياً، بينما اليوم نرى أن التقنية قد وفرت الكثير من التعب عبر وجود الحلابات الآلية والطب البيطري الحديث؛ حيث تتم متابعة هذه المواشي باللقاحات والعناية الصحية للحصول على منتج نظيف خال من الأمراض، واللافت أن هذه التربية لا تعتمد على التخصص، فقد نرى أن الكثيرين من أهالي البلدة من مختلف المستويات التعليمية يقومون بتربية المواشي لتحسين دخلهم وتوفير منتج صحي مضمون، حيث إن المربي يعرف ما هو منتجه ويتجنب الغش الذي قد يحصل في السوق، وبيّنت آخر إحصائية أن عدد الأبقار في بلدة "المزرعة" قد وصل في عام 2014، إلى 100 رأس وهو عدد ممتاز بالنسبة للبلدة، بينما وصل عدد الماعز إلى 1985 رأساً، وعدد الأغنام إلى 8865 رأساً؛ وهذا يعني أن بلدة "المزرعة" بلدة زراعية بامتياز على مستوى المحافظة، وتربية الماشية تنقسم إلى نوعين: تربية منزلية في الحظائر المنزلية، وتربية تعتمد على الرعي في سهول البلدة التي تتجاوز 15000 دونم، وأهم ما في تربية الأبقار والماعز والأغنام هو الاكتفاء المنزلي والغذاء الصحي الأفضل وخاصة للأطفال، كما أن هذا الحليب يؤمن الضيافة في البيت حيث ترى في وجبات الإفطار الجبن واللبن والزبدة ذات الطعم المتميز».
يذكر أن بلدة "المزرعة"، تبعد عن مدينة "السويداء"، باتجاه الشمال الغربي مسافة 12كم، وتستمد اسمها من المعركة الشهيرة التي خاضها الثوار ضد الاحتلال الفرنسي في الثورة السورية الكبرى عام 1925، وتشتهر بخصوبة أرضها واتساع مساحة الأرضي الزراعية فيها.