تتميز أغلب البيوت القديمة في جبل العرب بأسقفها الترابية والمعروفة باسم الربد، والتراب خشن، ويصبح ليناً عند الشتاء وإذا لم يتم ضغطه ودحله بأدوات محلية، يمكن أن يتسبب بتسريب مياه الأمطار والثلوج إلى داخل المنازل.

«في أيام الشتاء القاسية يتم دحل الاسقف كي يمكن استمرارها طوال الشتاء دون أن يرشح سقف المنزل بماء الثلوج والأمطار، حيث يتم دحل الأسطح "بمدحلة" مع "الماعوس" واللذان يحتاجان إلى عزم وقوة عضلية وأيادٍ قوية للعمل بهما، فتمنع المياه من التسرب وتبقى الأبنية الحجرية صامدة». هذا ما تحدث عنه الشيخ "شاكر الجغامي" الملقب "بأبي حسن" "لمدونة وطن" eSyria التي التقته بتاريخ 15/1/2013، حول استخدام "الماعوس والمدحلة" أيام الثلج والشتاء موضحاً بالقول: «منذ القديم ورثنا عادة دحل أسقف بيوتنا الموروثة من الآباء والأجداد أيام الشتاء، إذ ما إن تبدأ السماء بخيراتها حتى ترى أصحاب المنازل الحجرية يقومون بجر أداة حديدية تسمى "المدحلة" (وهي قطعة حجرية بيضاوية الشكل صقلت بإتقان وجوفت من الطرفين ليدخل "الماعوس" بها فتجر بمساعدته)، التي لا يقل وزنها عن مئة كيلوغرام.

لعلنا اليوم ونحن نعيش ثورة الاتصالات والمعلومات، وتقانة الآلات والآليات الحديثة الخفيفة والثقيلة، اصبحت المدحلة قليلة الاستخدام عدا بعض القرى التي ما زالت تستخدمها وهي قليلة وبعيدة عن المدينة، والتي تعتبر من التراث الشعبي والتاريخ غير المنسي في ذاكرتنا المحلية

فهي دلالة على أنها من الطرق القديمة التي حملت الزمن وبرهنت على الذكاء العملي للإنسان الجبلي القادر على استخدام أدوات بيئته لتسيير عجلة حياته، والأهم من ذلك أن هذه الأداة مازالت تستخدم في مناطق عدة في محافظة "السويداء"، كما في قرية "تل اللوز" التي مازالت تستخدم العديد من منازلها المدحلة لتمهيد أسقفها من الربد والتراب المبنية بطريقة قديمة اشتهرت بها محافظة السويداء منذ القديم، كالأبنية الحجرية والقناطر، تلك المنازل التي كل من يراها يشعر بأنها معلم أثري واجتماعي يدل على هوية المكان أو المنطقة ويجب المحافظة عليها».

الشيخ شاكر الجغامي

وعن طريق استخدام المدحلة أضاف بالقول: «لقد تعلمنا من أهالينا منذ القديم انه ومع بداية فصل الشتاء يتم وضع الرمال السوداء الخشنة على الأسقف، ومن ثم دحلها بالمدحلة استعداداً للشتاء، ذلك لأن العمل بتلك الطريقة يمنع تسرب مياه الأمطار لداخل المنازل ومع الوقت تتهدم تلك الطبقة، ولهذا كان لابد لنا من الاحتفاظ بتلك الادوات لأهميتها في حياة الريف».

ومن أهالي قرية "تل اللوز" التي زادت سماكة الثلج فيها على ثلاثة أمتار بين الشاب "باسل الجغامي" عن استخدام المدحلة إلى يومنا هذا قائلاً: «عرفت قريتنا منذ القديم بأنها على سفح جبل العرب وهي كثيرة الأمطار والثلوج في فصل الشتاء، ولدينا منزل ما زال على الطريقة القديمة وهو موروث عن الأجداد ولهذا عند بداية الشتاء اقوم بتغطية الأسطح برمال خشنة، ثم اقوم بدحلها لمرات عدة حتى تصبح ذات سماكة ومتانة خاصة، كي لا يتم تسريب المياه، وفي كل عام اقوم بنفس الطريقة، الأهم أن هناك علاقة اجتماعية مع الجوار من المنازل حينما نبدأ بالدحل فيتم غالباً الدعاء بإرسال خيرات السماء، والمعايدة في كل عام يمضي، واحياناً يتم ترديد بعض الأهازيج والأغاني التراثية المحببة».

الأسطح المدحولة

وحول بقائها ومدى استعمالها إلى يومنا أشار الشاب "الجغامي" بالقول: «لعلنا اليوم ونحن نعيش ثورة الاتصالات والمعلومات، وتقانة الآلات والآليات الحديثة الخفيفة والثقيلة، اصبحت المدحلة قليلة الاستخدام عدا بعض القرى التي ما زالت تستخدمها وهي قليلة وبعيدة عن المدينة، والتي تعتبر من التراث الشعبي والتاريخ غير المنسي في ذاكرتنا المحلية».

الشاب باسل الجغامي يقوم بعملية الدحل