لا بد للمارين من جانب مدرسة المتفوقين في مدينة "طرطوس" من تذوق وجبة "دوريتو" التي تملأ رائحتها أرجاء الحي، وتجعل طلاب هذه المدرسة من أغلب زبائنها، فهي أيضاً مقصد لأغلب سكان المدينة لمكوناتها الأساسية الغنية والمفيدة وبهاراتها الخاصة، فلا يمكن تناولها إلا في هذا الكشك الصغير والوحيد الذي يقدمها في المحافظة.
فالشاب "أبي حاتم سليمان" الذي التقاه موقع eSyria بتاريخ "24/3/2011" في كشك "دوريتو" أكد أنه ينتظر الفرصة المناسبة كل يوم بعد انتهاء الدوام المدرسي ليمر بجانب الكشك ويشم رائحة الوجبة المحببة إلى قلبه، ومن ثم يتناولها بكل متعه وفق خلطتها الخاصة مع زيادة القليل من الزبدة عليها.
جميعنا يحب النظافة ويعنى بها وهذا ما لحظته لدى السيد "حسين" فكل شيء يصنع أمام عيني، إضافة إلى خفة دمه وتعامله الظريف معنا
ويتابع: «جميعنا يحب النظافة ويعنى بها وهذا ما لحظته لدى السيد "حسين" فكل شيء يصنع أمام عيني، إضافة إلى خفة دمه وتعامله الظريف معنا».
أما الشاب "محمد أحمد" فيقول: «أتناول هذه الوجبة السريعة كل يومين أو أكثر، معتمداً على ما أوفره من مصروفي الشخصي اليومي، فلا أرغب في تناول "دوريتو" على حساب شيء آخر قد أرغب به».
ويتابع: «في بعض الأحيان قد آتي إلى هنا مع والدتي بشكل خاص لنتناول خلطة "الدوريتو" وفق مقادير يصنعها السيد "حسين" ويطلق عليها "وجبتي"، فهي وجبة مضاعفة من جميع مقاديرها وخاصة نكهة "البارباكيو" التي أحبها وأراها مغذية جداً، لأني قد أبقى حتى نهاية اليوم دون طعام بعدها».
في حين أن الشاب "كميت سليمان" يعجبه طراوة "الذرة" البلدية كما وصفها له صاحب الكشك، ويرغب بها مع "الشدر" و"الكتشب" و"الزبدة"، حيث إنه ينتظر حوالي ربع ساعة وهو سعيد ليحصل على وجبته خلال فترة الظهيرة، بسبب زحمة الناس في هذه الفترة من النهار.
وفي لقاء مع السيد "حسين علي حسن" صاحب كشك "دوريتو" بعد انتظاره ليفرغ من ضغط عمله حوالي الساعة، حدثنا عن هذه الوجبة فقال:
«تعتبر وجبة "دوريتو" من الوجبات السريعة بحسب تسميتها الطليانية، وهي وجبة تركية الأصل تعلمتها عندما عملت بها حوالي العامين في "تركيا"، حيث قررت العودة إلى "طرطوس" لأكون أول من يعمل بها حتى الآن بطريقتها الأساسية والأصلية».
ويتابع: «مكوناتها من "الذرة" البلدية و"الجبنة" و"الزبدة" ومختلف البهارات والنكهات الأساسية المركزة التي احضرها بشكل مستمر من "تركيا" لتبقى الوجبة تركية أينما صنعت، مثل "البارباكيو" العادي والمدخن و"البيتزا" و"الشدر" و"الشيش" و"الكاري" و"البصل" و"الكمون" و"الكتشب" بنوعيه المجفف والسائل المعروف، وجميعها تضاف حسب طلب الزبون وكم يحبها دسمة أو غير دسمة، حلوة أو غير ذلك».
ويؤكد السيد "حسين" أهمية "الذرة" التي يستخدمها، فيقول: «ما يميز طعم "الدوريتو" وجود "الذرة" البلدية التي استخدمها فيها، على عكس طعم "الذرة" الأخرى، وهذا ما أعمل عليه بحذر كبير وبكل صدق، حيث أبدأ في فصل الصيف بشراء كميات كبيرة من "الذرة" البلدية وأقوم بتفريطها عن أمها لتصبح بشكل حبوب، ثم أضعها في وعاء على دفعات واسلقها نصف سلقه وأتركها حتى تبرد لأضعها بعد ذلك ضمن أكياس مونة خاصة لحفظها في البراد "الفريزة"، فاستخدمها حسب الطلب بعد انتهاء موسمها».
ويتابع: «أحرص على استخدام "الذرة" البلدية الطازجة خلال الموسم بشكل مستمر، وألجأ إلى المفرزة لدي بعد ذلك، حيث أحضر الكيس وأضعه في الماء المغلي حتى يعود إلى حالته الطبيعية ويزداد نضجه، وعند طلب وجبة أضعها في وعائها المخصص لها وأضيف الزبدة والجبنة وبقية المنكهات والبهارات بحس بطلب الزبون».
مهنة وصدق في التعامل، وهنا يقول: «لا أصنع الوجبات مسبقاً وإنما احرص دوماً على تجهيزها أمام الزبون ليتأكد من محتوياتها وطراوتها ونظافتها بكل صدق وأمانة، لأني أعتبر هذه الوجبة وهذا العمل مصدر رزقي الوحيد والدائم ويجب المحافظة على زبائنه لاستمراره».
ويضيف: «ما يجعلني مرتاحا وسعيدا هو تحكمي بأوقات العمل، التي تبدأ من الصباح حتى الساعة الثانية ظهراً وهي الفترة الأولى، في حين أن الفترة الثانية تبدأ من الخامسة عصراً وحتى الثانية عشرة منتصف الليل، فمحبو هذه الوجبة في فترة المساء كثيرون، حيث يأتي طالبها ليحصل على وجبة كبيرة لعدة أشخاص مثلاً، أو يأتون إلى هنا بعد انتهاء السهرة ليتناولوها في حديقة "المرور" بجانبي والتمتع بالطبيعة الخضراء، وخاصة الغرباء عن المدينة الذين أصبحت أعرفها لتكرار تناولهم لهذه الوجبة عندي، فمنهم من يعتبر زيارته لـ"طرطوس" ملغاة إن لم يتناول "الدوريتو" لدي، وهذا بحسب رأيهم هم».