جميل أن يملك المرء الإرادة والقوة، والأجمل أن يحقق ما يصبو إليه بعد معاناة مع الحياة وما تحمله من شقاء وعذاب وركام للعادات والتقاليد والأنماط التقليدية، متجهاً نحو العلم والمعرفة، الأمر هو حكاية امرأة وضعت أمام عينيها القضاء على أميّتها بقوة إرادتها.
رغم تجاوزها الخمسين من العمر إلا أنها حصلت على المرتبة الأولى في محو الأمية على محافظة "السويداء"، واستحقت التكريم المناسب لها.
بعد أن أصبح أولادي في المدارس والجامعات وأحفادي الذين تجاوز عددهم الخمسة عشر حفيدا وحفيدة قررت أن أتعلم القراءة والكتابة، ودخلت في صفوف محو الأمية وبدأت التعلم ونتيجة حبي للمعرفة استطعت أن أكتب وأقرأ أي نص يقدمه لي المعلم أو المعلمة دون وجل، لعل هذا الأمر دفعني إلى ألا أترك الكتاب بعد دورة محو الأمية ما زاد في ترتيب جملي ولغتي، خاصة أن السيد المحافظ "السويداء" كرمني لأنني المرأة الأولى في دورة محو الأمية على مجموعة من النساء
السيدة "بدر الخطيب" الملقبة "بأم رائد" أوضحت لموقع eSwueda قائلة: «أنا من قرية "شعف" ولدت على ترابها منذ عام 1950 لأنتسب لعائلة تحب العلم وشغوفة للنهل منه، عشت بكنفها إلى جانب طبيعة قريتنا الريفية التي يسودها نمط من العادات والتقاليد الحاملة القيم المعروفية والأخلاقية والطبائع الكرم والنخوة والتآلف الاجتماعي فهي وان كانت ترتفع عن سطح البحر أكثر من 1800 متر وتميزها بمناخها البارد جداً وصخورها البازلتية القاسية، إلا أنها تملك ميزة الأرض المعطاءة والناس فيها طيبون محبون للحياة، إخوتي خمسة متعلمين وأخواتي خمس أيضاً وأبناؤهم متفوقون في دراساتهم، وكلهم درسوا من معاناة الحياة، وأنا من النساء اللواتي يعشقن القراءة والكتابة لكنني لا أجيدها رغم أن المرحوم والدي الشيخ "سليم الخطيب" هو من رجال الدين الأتقياء وإمام قريتنا، كان كثير الوعظ والإرشاد والتوجيه، ومحباً للعلم والمعرفة ولهذا كان في منزلنا نسبة المتعلمين المرتفعة، لكن ظروف الحياة وسنوات الجفاف حالت دون أن نتعلم كنسوة».
وتابعت السيدة "بدر الخطيب" قائلةً: «بعد أن أصبح أولادي في المدارس والجامعات وأحفادي الذين تجاوز عددهم الخمسة عشر حفيدا وحفيدة قررت أن أتعلم القراءة والكتابة، ودخلت في صفوف محو الأمية وبدأت التعلم ونتيجة حبي للمعرفة استطعت أن أكتب وأقرأ أي نص يقدمه لي المعلم أو المعلمة دون وجل، لعل هذا الأمر دفعني إلى ألا أترك الكتاب بعد دورة محو الأمية ما زاد في ترتيب جملي ولغتي، خاصة أن السيد المحافظ "السويداء" كرمني لأنني المرأة الأولى في دورة محو الأمية على مجموعة من النساء».
وعن تكريمها أوضحت بمشاعر الفخر والاعتزاز ببيئتها وزوجها قائلة: «في الحقيقة من يستحق التكريم هو زوجي "سلامي شقير" الذي دفعني نحو القراءة والكتابة وأكد أن الإنسان الذي لا يقرأ هو أعمى، لكن التكريم بالنسبة لي هو الحافز الأكثر شجوناً مع ذاتي ونفسي لتقديم الأفضل في حياتي ولأبقى على صلة مع الكتاب فهو خير جليس للأنام، وأهيب بالنساء اللواتي لم يتعلمن أن يبادرن للقضاء على الأمية مع الاحتفاظ على تقاليدهم العربية وخاصة الزي الشعبي التراثي الجميل فانا ممن عشقت هذا النوع من اللباس الأصيل ولا أرغب بالتخلي عنه فهو رمز من رموزنا التاريخية وعنوان لبيئتنا المحلية، وهناك كثر من الشعراء والأدباء الذين كتبوا عنه».
يذكر أن السيدة "الخطيب" هي أم لثلاثة شباب وأربعة بنات ولديها خمسة عشر حفيداً وحفيدة، وهي فلاحة تعمل في الأرض الزراعية مع زوجها وتربي أحفادها، ومن يدخل إلى مضافات زوجها تستقبله بالصوت الأجش بالترحيب والقهوة المرة العربية الأصيلة لأنها وليدة منظومة عادات تحمل القيم الإنسانية والاجتماعية، ولم ولن تتخلى عنها يوماً.