أكثر من ثلاثين قصيدة شعبية منها ما تجاوز الثلاثين بيتاً، تعيش في ذاكرة طفل لم يكمل بعد الثامنة من العمر، يقدمها بإلقاء متميز وصوت واثق من نفسه في المحافل الاجتماعية وهو يمتشق السيف ويلبس العباءة العربية والغطاء الأبيض مع العقال الأسود ذي العُقد والجدائل...
حتى إذا ما دارت القهوة العربية ورشفاتها في المضافة، وبدأ ميدان الشعر يأخذ مجاله ترى الطفل "مجد الشبلي" يقف أمام جمع غفير ويلقي قصائد تحمل روح الحماس الوطني ما يدفع الكثير من الحضور إلى التصفيق لإلقائه المتميز وحضوره اللافت.
عندما ألبس العباية وأمسك السيف، أشعر بأنني فارس وخّيال فوق حصان أصيل، وأنني أعود بذاكرتي لقتال الفرنسيين، وهزة السيف تعني لي كيف أقاتل بشراسة ضد الأعداء، وخاصة متى بدأت آلة "المجوز" تعطي أنغامها فهي تشعل بداخلي الكثير، وأهم ما في القصيدة عندي هو ذكر "سلطان باشا الأطرش"
والد الطفل "مجد" الأستاذ "وسام الشبلي" وهو مجاز في الحقوق ورئيس دائرة في إدارة المخابز بيّن لموقع eSwueda قائلاً: «ربما كان "مجد" قد أخذ حيزاً من الإعجاب والإبهار لمن استمع إليه، ما جعله أكثر إرادة على حفظ موروثه الشعبي، فهو بدأ في حفظ القصائد الشعبية مذ كان في سن الروضة، شخصيته تحمل مقومات الشخصية التي تناجي التاريخ، حينما يقف ويطلق عنان صوته أمام جمع غفير من الحضور غير مرتاب، إما للترحيب بهم أو لإلقاء قصيدة أمامهم، والأهم أنه يختار نوعاً محدداً من القصائد، فقط القصيدة الوطنية التي تحمل معاني وطنية جزلة، ومن باب الأسلوب التربوي المتبع حاولت أن أدفعه نحو شعر الأطفال في البداية، وقلت له: "احفظ شعر الأطفال" فأجابني: "هذا الشعر للأطفال أنا لست شاعراً للأطفال"، ربما يكون موقفه مظهراً للتساؤل ولكنني أتعامل معه كما يرغب في إظهار شخصيته، لأنني في البداية لم أتوقع أن تكون قوام بنية الشخصية لديه تحمل الأبعاد المتوقعة، ولعل موقفي منه موقف المتأمل، في السلوك والتصرف، لكن الحقيقة لا تخفي وجودها وأمامي أراها وأخشى منها عليه، فهو يملك من الطاقة ما يجعل المرء يفكر كيف يمكن استغلالها نحو الأفضل، يخاطب الحضور كأنه شاعر متمكن حتى استطاع أن يكتب أبياتاً من الشعر».
وتابع الأستاذ "الشبلي" يقول: «ومن لحظات السعادة التي يعيشها ولدي "مجد" حين يقف في حفل يضم كبار الشعراء ويسود في الساحة الشعرية الطابع الوطني، تراه يتحمس ويندهش للمفردات والأبيات المعبرة، مع الإشارة إلى أنه عندما يستمع إلى قصيدة ذات البناء الفني المتواضع يهمس مع نفسه ويسمعني ذلك فقط، قائلاً: "على صاحبها ألا يتكلم بمحضر الرجال" ولديه من الألفاظ والمفردات إذا استمع المتلقي إليها من آلة التسجيل يتبادر إلى ذهنه أنه أمام رجل خاض تجارب مريرة في الحياة من معارك وغزوات، وهو لا يعشق في الشعر الشعبي إلا القصائد الوطنية وأكثرها شجوناً في نفسه التي يذكر فيها القائد العام للثورة السورية الكبرى "سلطان باشا الأطرش" حيث تجعله لا يسيطر على أفعاله وأقواله فيها».
وعن امتشاقه للسيف ولباسه الزي العربي الأصيل أوضح الطفل "مجد الشبلي" قائلاً: «عندما ألبس العباية وأمسك السيف، أشعر بأنني فارس وخّيال فوق حصان أصيل، وأنني أعود بذاكرتي لقتال الفرنسيين، وهزة السيف تعني لي كيف أقاتل بشراسة ضد الأعداء، وخاصة متى بدأت آلة "المجوز" تعطي أنغامها فهي تشعل بداخلي الكثير، وأهم ما في القصيدة عندي هو ذكر "سلطان باشا الأطرش"».
وعن محاولته لتأليف الشعر بين الطفل "مجد الشبلي" قائلاً: «نتيجة حفظي للقصائد الوطنية وحضوري المواقف الاجتماعية التي فيها رجال، وهي المواقف البطولية، شعرت أن علي قول الشعر، لذا قلت قصيدة وهي:
حنا بني معروف حاملين السيوف/ حنا حفايد القائد العام سلطان
حنا الرجال اللي ما تعرف الخوف/ وبالوغى سيوفنا تذل كل خوان
سلطان وربعه معززين كل ملهوف/ ومن أدهم خنجر خوذ العنوان
بالمزرعة صلنا بهم كالطوف/ يشهد علينا غورو وغملان
تحنت بدماهم كل الكفوف/ وقتلنا قائد اللي يسمونه نورمان».
والجدير بالذكر أن "وسام الشبلي" والد الطفل "مجد" هو من مواليد قرية "عريقة" المشهورة بمغارتها التاريخية والتي تبعد عن محافظة السويداء باتجاه الشمال الغربي حوالي 30 كيلومتراً.