لم تكن "نور سكري" طفلة في حوارها، كما لم تكن طفلة في إنجازاتها وعملها، وأهم من ذلك أنها لم تكن ممازحة عندما عبرت عن حلمها المستقبلي بكلمات بسيطة: «سأكون عضوا في مجلس الشعب». هي طفلة بالاسم فقط لأنها تحجز بين دفتي رأسها عقلا منارا بالكثير من المعارف وتحمل بين وجنتيها حلما يصعب على الكثيرين التفكير به.

زار موقع esyria يوم (29/6/2009) الطفلة "نور سكري" الرائدة على مستوى القطر العربي السوري في مجال الإعلام في منظمة الطلائع والحائزة على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان الفنون الشبيبي المدرسي الذي أقيم مؤخرا في محافظة "الرقة".

لم أشهد طفلتي "نور" كطفلة قط، فدائما أرى فيها الفتاة الناضجة الواعية لأنها دائمة المناقشة وحاملة السؤال عما تجهل بغية المعرفة، وهذا جعلني أثق بقراراتها وآرائها فعملت دوما على تقديم كل ما أستطيع مساعدا إياها على تحقيق أحلامها ورفع شأنها في ما تعمل

وحدثتنا الطفلة "السكري" عن بداياتها في مجال المسرح وعن رأيها والأدوار التي أحبت أن تلعبها مركزة على مبدأ حب الوطن والتضحية من أجله معرجة على تجربتها الإخراجية فقالت: «في البداية كنت في الصف الرابع وملتزمة في المشاركة بنشاطات منظمة الطلائع في الخطابة والإلقاء حتى جاءني السيد "خليل الصوا" في إحدى الأمسيات الشعرية التي كنت ألقي فيها بعضا من الشعر وطرح علي مشروع المشاركة بعرض مسرحي بعنوان "بقايا وطن" للمخرج "أحمد عيد"، وأنا وقتها لم أكن أعرف ما معنى كلمة مسرح ولم أكن قد شاهدت أي عرض مسرحي فالتزمت ببروفات هذا العمل وكان أدائي مرضيا لكادر الفريق ولم يكن دوري كبيرا لكنني أحببته وحفظته بسرعة وسهولة وحاولت أن أفرغ كامل شحناتي من خلاله وبعدها عملت مع عدد من المخرجين في منظمة الطلائع بأدوار كثيرة أكثرها كان دوري فيها الطفلة المجاهدة التي تعشق وطنها وتعاني العذاب من أجله، وخلال هذه الفترة أحببت لعب تلك الأدوار ونجحت من خلالها لأنها تلامسني واقعيا وتجسد حالتي الداخلية في عشق الوطن، وقد قمت مؤخرا بتجربة إخراجية بسيطة نفذت من خلالها عملا مسرحيا بعنوان "محرقة أزهار التفاح" وكانت تجربة غنية بالنسبة لي لأنها أكسبتني خبرة كبيرة لكن لن أكررها حاليا لأنها صعبة وتتطلب إمكانيات غير متوفرة في شخصيتي حتى الآن».

إحدى مقالات الطفلة المنشورة في صحيفة الجماهير

بعيدا عن عالم الطفلة المقهورة التي كانت محور أدوار الطفلة "السكري" مسرحيا وعن جائزة أفضل ممثلة والتي حصدتها من خلال مشاركتها في مسرحية "اختفاء سيبويه" من تأليف "عابد ملحم" وإخراج "حسام حمود" ضمن فعاليات المهرجان المذكور آنفا والذي كانت نواته ثلة من الممثلين (كبار السن) من كافة المحافظات حدثتنا عن تلك التجربة وعما عملته حتى حازت على تلك الجائزة فقالت: «إن أهم خطوة في حياتي المسرحية كانت مع الأستاذ المخرج "حسام حمود" الذي عملت معه في مسرحية "اختفاء سيبويه" آخر أعمالي المسرحية وأهمها على الإطلاق لأنني ومن خلال مشاركتي في هذا العمل وبإشراف هذا المخرج الفذ تعرفت على العمل المسرحي الصحيح الأكاديمي وبدأت أميز ما بين الأعمال المسرحية التجارية والأعمال الفنية وتأمن لي الاحتكاك بممثلين كبار وقد حملت لواء دور البطولة في هذا العمل عبر لعبي لدور "إن" فأحببته وعملت عليه بأسلوب مختلف وبجهد كبير إلى درجة أن أهلي راحوا يدعونني بالمجنونة عندما يشاهدونني أقف أمام المرآة وأنفذ دوري لكن سرعان ما حفظوا الدور معي وراحوا يهتمون بالموضوع أكثر مني، كل هذا إضافة إلى تعليمات أستاذي المخرج "حسام حمود" مما أوصلني إلى ما لم أكن أفكر فيه أو أحلم به وهو جائزة أفضل ممثلة في مهرجان الفنون الشبيبي المدرسي الثالث والثلاثين في محافظة "الرقة" الأمر الذي عزز ثقتي بنفسي وعلمني أن لكل مجتهد نصيب».

أما عند توجهنا إلى المجال الإعلامي والذي برزت فيه الطفلة "نور" كرائدة على مستوى القطر في منظمة الطلائع لمسنا حبا عميقا بين هذه الطفلة وتوجهها الإعلامي فأجابتنا عن تلك التجربة ومراحل مرورها فيها بدأ من البكاء في أول اختبار لها انتهاءً بجائزة الريادة فقالت: «في إحدى الأمسيات الشعرية حدثني الأستاذ "وليد الجابر" أمين سر مكتب الثقافة والإعلام في المنظمة عن رغبته في ضمي إلى فريقه الإعلامي فأذكر أنني بكيت حينها لأنني لم أعلم ماذا يقول فظنت أنه يتحدث عن الأعلام بمعنى رايات وليس الإعلام، وبعدها خضعت لفحص قبول قضيته بالبكاء لأنني اعتقدت حينها أنه فحص مدرسي لكن أجبت وقتها على جميع الأسئلة وحزت على الدرجة التامة في ذلك الامتحان لأدخل في مجال الإعلام وأخضع للعديد من الدورات التدريبية في المنظمة ذاتها ورغبة مني رحت أكتب عن مشاكل المجتمع بشكل عام مستفيدة من منزلي وحارتي وبعد حوالي عام تقريبا أي في العام (2008) نجحت في حصد لقب الرائدة على مستوى "حلب" في مجال الإعلام وفي العام الذي تلاه حزت على الريادة على مستوى القطر لأصنف أفضل إعلامية في منظمة الطلائع في القطر العربي السوري».

الطفلة نور مع والديها

وختاما كان للطفلة "نور" حديث الكبار عن أهم ما يميز الناجحين والمميزين وكانت واثقة من نفسها عندما حدثتنا عن أحلامها المستقبلية التي كانت بعيدة عن المجال المسرحي كل البعد فقالت: «إن أهم قاعدة أرتكز عليها في عملي لأي شيء هو الإيمان بما أعمل فأخلق علاقة حب ودية بيني وبين ما أقوم على إنجازه وهذا ما جعلني أتميز عن زملائي، لكن في الحقيقة أنا لن أستمر في كافة المجالات التي أعمل بها الآن إذ أنني أرغب أن أتخصص في الإعلام فالمسرح بالنسبة لي هو فترة أو تجربة عشتها سأذكرها ما حييت لكنني إعلاميا سأسعى إلى التطور والتقدم لأنني ومن خلال خوضي لهذا المضمار يؤمن لي الاحتكاك مع آلام الناس وتأمن لي فرصة للحديث بحرية فكامل مقالاتي المنشورة كانت عن أوجاع الناس رغبة مني في مساعدتهم وهذا ما آمل أن أحققه في مستقبلي فأنا أسعى إلى أمرين لن أحيد عنهما الأول في أن أكون طبيبة والثاني أن أكون عضوا في مجلس الشعب كي أعالج أوجاع ومشاكلهم».

وعند توجهنا إلى والدة الطفلة "السكري" السيدة "علياء شامي" حدثتنا عما يميز "نور" في المنزل وعن علاقتها معها فقالت: «تتميز "نور" بأنها صاحبة قرار وتحدي فلا تحيد عن قرارها إلا بقناعة ولا تتخذه إلا بقناعة وقد عملت دائما معها على نحت شخصيتها لأجعلها قوية صاحبة مسؤولية فأعطيتها الحرية في اتخاذ القرار وتحديد التوجه لكن كان ذلك ضمن جو تفاهم أسري كبير وليس ضمن جو إجباري قسري فعمل هذا على إحياء صيغة المناقشة لديها مما جعل شخصيتها متميزة وتحرر لسانها في التعبير، وأنا أرى في مستقبلها ما تحلم به لأنني أثق بأحلامها وأثق بمقدرتها على تحقيق المراد».

في مسرحية اختفاء سيبويه.

أما والدها السيد "محمد ربيع سكري" حدثنا عما يراه في ابنته فقال: «لم أشهد طفلتي "نور" كطفلة قط، فدائما أرى فيها الفتاة الناضجة الواعية لأنها دائمة المناقشة وحاملة السؤال عما تجهل بغية المعرفة، وهذا جعلني أثق بقراراتها وآرائها فعملت دوما على تقديم كل ما أستطيع مساعدا إياها على تحقيق أحلامها ورفع شأنها في ما تعمل».

يذكر أن الطفلة "نور سكري" من مواليد "حلب" عام (1997) وقد نشر لها العديد من المقالات الصحفية في صحيفة الجماهير والمسيرة وغيرها وتدرس حاليا في الصف السادس ومتفوقة في دراستها إذ حازت على العلامة التامة في كامل موادها لتحجز حيز المركز الأول في مدرستها ومحافظتها دراسيا.