يجلس السيد "نجيب مدنية" ابن "اللاذقية" بين مجموعة من أكوام الخيزران المستورد من سنغافورة ودول أخرى من شرقي قارة آسيا، يتفنن بالأشكال التي يصنعها، ومقتنعاً تماماً بأن الخيزران بات عنصراً لا بد منه كأساس بيت يضفي على المكان مظهراً مميزاً ومرموقاً. أكثر من عشر ساعات يومية تكفي السيد "مدنية" لصنع حوالي 5 قطع معينة من منتجات الخيزران والتي يقتصر حالياً على الكراسي "الهزازة"، والطاولات ذات الأغطية الزجاجية بالإضافة إلى الكراسي الملحقة بها.

موقع eLatakia زار محل السيد "مدنية" الذي حدثنا عن أسباب انتشار محال إنتاج الأثاث الخيزراني بكثرة في "اللاذقية" بالقول: «"اللاذقية" وكما تعلمون هي مدينة ساحلية، والرطوبة فيها كبيرة ومرتفعة، وبالتالي هناك تأثير سيء على أثاث المنازل الخشبية وحتى الحديدية، بالإضافة إلى تجميع مكونات الأثاث الآنفة الذكر للحشرات وغيرها، لذلك اتجه سكان "اللاذقية" في البداية وخصوصاً العائلات الميسورة، إلى فرش منازلهم بأثاث خيزراني، يضفي على صالوناتهم مشهداً جميلاً ولا يعيق تحركاتهم وتنقلاتهم، فالخيزران خفيف وغير قابل للكسر، فهو عبارة عن نبات ليفي غير مجوف ولا يسمح للحشرات أو حتى الماء أو أشعة الشمس بتخريبه وتعطيل عمل أليافه ذات الوظيفة الدفاعية، فلذلك درجت في الآونة الأخيرة عادة شراء الأثاث الخيزراني، وبالتالي ازداد الطلب عليه ومن جميع فئات المجتمع وذلك لسعرها الغير مرتفع».

تختلف مبيعاتنا كثيراً ما بين الشتاء والصيف، ففي الصيف يزداد الطلب على ما نصنعه من قبل العائلات اللاذقانية التي تختار المناطق الجبلية والمصايف مرتعاً لها خلال الصيف الحار، بينما في الشتاء نصل إلى مرحلة لا نصرف أي قطعة خلال شهر كامل، إلا إذا طلب تجار "دمشق" و"حلب" بعضاً من منتجاتنا وذلك بأسعار شبه محتكرة وللأسف، فأسعارنا تبدو للعامة نوعاً ما معقولة نتيجة جودة العمل اليدوي والوقت الذي يهدر فيه بالإضافة إلى ترتيبه اللافت، ويصل سعر الكرسي الهزاز إلى 3500 ل.س، بينما يصل سعر الطاولة وكراسيها الأربعة الملحقة إلى 12000 ل.س

  • ماذا تنتحون هنا داخل ورشتكم الصغيرة، وهل يحتاج العمل فيها إلى خبرة مسبقة؟
  • السيد نجيب مدنية صاحب ورشة الخيزران

    «نعمل من ورشتنا الصغيرة وبكادر متفاوت العدد، يزداد عدده في الصيف، ويتناقص في الشتاء بسبب نشاط الطلب على الأثاث الخيزراني صيفاً دون الشتاء، نصنع الكراسي الهزازة والطاولات وكراسيها الملحقة بها ذات الحجم الصغير، بالإضافة إلى أسرّة الأطفال وموائد الطعام الكبيرة والصغيرة، المرتفعة والأرضية منها، وعمل الأثاث الخيزراني، هو عمل يدوي يلزمه التذوق الفني الناضج، بالإضافة إلى خيال مبدع يستطيع تجسيم الأشكال والعمل على صنعها على أرض الواقع وباستخدام أعواد الخيزران وعيدان القصب، وكما ترى أغلب الموجدين هنا من العمال الشباب اللذين يتقنون لف الخيزران وتشكيل الأثاث باستخدامه».

    ولكن ماهي خصائص نبات الخيزران، وما هي المراحل التي يمر بها الخيزان ليتم تطويعه للعمل عن ذلك يضيف السيد "مدنية" قائلاً: «الخيزران هو نبات نستورده من دول شرقي آسيا، وسنغافورة تحديداً، يصل سعر الكيلو الواحد في سورية إلى 200 ل.س، يتميز هذا النبات بوجود مادة طبيعي سائلة داخل أليافه تمنع دخول الديدان إليها، ولذلك يعد الخيزران ومن خلال صفاته الفيزيائية أقوى من الخشب ومن القصب الذي يبدو للجميع مفرغاً وسهل الكسر بولون أصفر،بينما الخيزران لونه أغمق من القصب وهو غير مفرغ تحشوه الألياف، وقد يدوم بعمر تقريبي حوالي 25عام، وبالتالي قد يضاهي جودة الحديد في المناطق الساحلية، ويتعرض الخيزران لدينا إلى عمليات (التطعيج، والتقسيس، والحرق والحني بالإضافة إلى الربط بخيوط القصب المتينة)».

    قشر الخيزران الذي يستخدم كرباط للخيزران الأم

  • وماذا عن سوق تصريق الإنتاج، وماذا عن الأسعار؟
  • «تختلف مبيعاتنا كثيراً ما بين الشتاء والصيف، ففي الصيف يزداد الطلب على ما نصنعه من قبل العائلات اللاذقانية التي تختار المناطق الجبلية والمصايف مرتعاً لها خلال الصيف الحار، بينما في الشتاء نصل إلى مرحلة لا نصرف أي قطعة خلال شهر كامل، إلا إذا طلب تجار "دمشق" و"حلب" بعضاً من منتجاتنا وذلك بأسعار شبه محتكرة وللأسف، فأسعارنا تبدو للعامة نوعاً ما معقولة نتيجة جودة العمل اليدوي والوقت الذي يهدر فيه بالإضافة إلى ترتيبه اللافت، ويصل سعر الكرسي الهزاز إلى 3500 ل.س، بينما يصل سعر الطاولة وكراسيها الأربعة الملحقة إلى 12000 ل.س».

    بعض ما يصنع داخل الورشة الصغيرة

    يبقى في نهاية المطاف إلى أن نذكر بأنواع الخيزران الذي يستخدمه السيد "مدنية" في ورشته (ملكان، العربي، الفرشي، الآسيوي، بالإضافة إلى قشر الخيزران الذي يستخدم في عمليات الربط الفردي والمزدوج)، وأن السيد "مدنية" دخل في عامه العشرين من حيث ممارسته للحرفة الهواية كما أسمها هو ذاته.