تمتاز قرية "فاحل" بخصوبة أراضيها الزراعية وارتفاع نسبة الهطولات المطرية التي تتراوح ما بين / 1000- 1100مم/ سنوياً وهذا ماشكل القاعدة الأساسية لتنوع المحاصيل الزراعية فيها. وتتربع شجرة التفاح على قائمة هذه الزراعات سواء من حيث عدد الغراس التي تبلغ /223200غرسة / أو المساحة التي تبلغ/ 5580دونم/، وتأتي شجرة الزيتون في المرتبة الثانية بعدد غراس/ 98400غرسة/ لتحتل مساحة/4100دونم/ وذلك حسب إحصاءات الإرشادية الزراعية في القرية.
ويوجد إلى جانب هذه الزراعات الرئيسية زراعات جانبية كزراعة أشجار الكرمة والتين والقمح والشعير والبقوليات والخضروات الصيفية والشتوية التي تزرع "بعلاً" أو "رياً" لكثرة المياه السطحية من ينابيع تشكل برك ماء تستخدم لسقاية الخضروات الصيفية أو "خلجان" أو "البئر العربي" الذي يحفر باليد لمسافة تتراوح من /10-20م / تحت الأرض لاستخراج المياه الجوفية، وكثرة هذه المحاصيل الزراعية يتطلب القيام بالعديد من الأعمال زراعية التي تمتد على طول العام ويأتي في مقدمة هذه الأعمال "حراثة الأرض".
أصبح من النادر أن ترى الآن في القرية فلاح يحرث أرضه باستخدام المحراث القديم فمنذ دخول التراكتورات الحديثة أصبح الفلاح يبحث على راحته فكفاه شقاء وتعب، أما بالنسبة لي فأنا أفضّل الفلاحة على المحراث القديم أكثر من المحراث الآلي لأنه يساعد على تهوية الأرض بشكل أكبر
موقع eHoms عمل على تسليط الضوء على هذا العمل الزراعي لأهميته في تهيئة الأرض لاستقبال الأمطار وزراعة المحاصيل المختلفة من خلال لقاء عدد من المزارعين.
المزارع "سليمان إبراهيم حسين" "أبو إبراهيم" والبالغ من العمر 94 عاماً قال لنا: «في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي كانت الفلاحة تتم على الأبقار باستخدام الصمد الخشبي (المحراث القديم) وكانت زراعات القرية قليلة تتراوح بين زراعة القمح والشعير والذرة البيضاء والبقوليات إضافةً على التين والكرمة وتبدأ الفلاحة عادةً في شهر تشرين الثاني لزراعة القمح والشعير وتسمى أول سكة (شق الأرض) ولم يكن يستطيع الفلاح منا أن يزرع في اليوم أكثر من تنكه قمح أو شعير /30 كغ/ وكنا نستمر في الفلاحة حوالي الشهر دون توقف إلا في وقت المطر.
في تلك الأيام لم نكن نعرف الأسمدة ومع ذلك كان يصل طول سبلة (سنبلة) القمح أو الشعير إلى/60/سم لخصوبة الأرض وكثرة الأمطار ومنذ بداية الستينيات بدأت الدولة توزع علينا الأسمدة الزراعية وكان يصل طول السبلة في ذلك الوقت إلى حوالي /120/ سم ثم يأتي بعد ذلك موعد حراثة كروم العنب التي تبدأ عادةً في شهر آذار (فلاحتين) قبل أن تبرعم أشجار الكرمة، وفي الرابع من نيسان يأتي موعد زراعة الذرة البيضاء وكنا في ذلك الوقت ننام في الحقول لمدة (15-17 ) يوم حتى الانتهاء الفلاحة و زراعة الذرة.
يتابع "أبو ابراهيم": «بعد ذلك وفي فترة الخمسينيات وما بعد تحولنا من الفلاحة على الثيران إلى الفلاحة باستخدام "الحمير" لكن تبقى الفلاحة على الثيران أفضل لأنها أقوى وأكثر قدرىً على الشد كما أن السكة تشق الأرض بشكل أغمق ».
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي دخلت الجرارات الزراعية الكبيرة إلى القرية وكانت هذه الجرارات تستخدم لفلاحة الأراضي السهلية في شرق القرية أما بساتين التفاح والزيتون فلم تكن قادرة على دخولها لضيق المدرجات الجبلية التي تنتشر فيها زراعة الأشجار المثمرة، لذلك استمر إلى جانب حراثة الأرض على الجرارات الزراعية الكبيرة الحراثة باستخدام المحراث القديم الذي كان لاغنى عنه حتى وقتنا الحاضر خاصة في الحقول التي ليس لها طريق زراعي على الرغم من دخول جرارات ذات حجم صغير إلى القرية منذ حوالي /10سنوات/ بقوة /55حصان / و/30حصان/ تتمتع بقوة جر كبيرة تساعدها على السير في الطرق الجبلية الوعرة والفلاحة بين أش جار التفاح والزيتون.
والفلاح"علي طعمه" " أبو مهين" أحد أولئك الفلاحين القلائل الذين يستخدمون المحراث القديم لحد الآن في فلاحة أرضه وعن ذلك يقول: «أصبح من النادر أن ترى الآن في القرية فلاح يحرث أرضه باستخدام المحراث القديم فمنذ دخول التراكتورات الحديثة أصبح الفلاح يبحث على راحته فكفاه شقاء وتعب، أما بالنسبة لي فأنا أفضّل الفلاحة على المحراث القديم أكثر من المحراث الآلي لأنه يساعد على تهوية الأرض بشكل أكبر».
ويتابع "أبو مهين" بالقول: «تسمى الفلاحة الأولى (الشقاق أو العيار) وهي تكون في تشرين الثاني لتهوية الأرض ثم تأتي سكة البدار وهي لزراعة القمح والشعير والعدس، وتأتي السكة الثانية بالنسبة للأشجار المثمرة في شهر آذار وتسمى (التناي)، أما السكة الثالثة فهي من أجل ضبط ري الأرض وتسمى (التسوية) وتكون في شهر نيسان وفي هذا الشهر يتم فلاحة الأرض من أجل زراعة اللوبياء وهناك مثل يقول (الري بنيسان بيسوى السكة والصمد والنير والفدان) .وبالنسبة للأرض السهلة نعمل على تقصير الصمد حتى لاتنغرس في الأرض كثيراً مما يشكل تعب كبير على الدواب أما بالنسبة للأرض الصعبة فنعمل على تطويل الصمد من أجل الوصول إلى الحجارة وإزالتها».
يبلغ عدد الجرارات الزراعية في قرية "فاحل" حوالي /50 جرار/ ولايعمل منها بالفلاحة مقابل أجر سوى /30جرار/ ومع ذلك هي غير كافية لأن تنهي أعمال الفلاحة لكل أهالي القرية هذا ما قاله المزارع" زياد جبوري" صاحب جرار زراعي من الحجم المتوسط ويعمل في حراثة أراضي القرية "متابعاً ": «نستخدم في حراثة الأرض ثلاث أنواع من المحاريث وهي "السكة" و"الكلفتور" و"البدارة"، ويتم استخدام "الكلفتور" في الفلاحة الأولى في تشرين الثاني والتي تسمى (العيار) من أجل أن يكون خط الفلاحة واقفاً لضبط مياه الأمطار وفي شهر شباط كذلك نستخدم "الكلفتور" لمن لم يتسن له الفلاحة في شهر تشرين الثاني وفي شهر نيسان نعمل على استخدام (السكة) من أجل تعير(فلاحة الأرض قبل زراعتها باللوبيا) والسكة في هذه الفلاحة تعمل خطوط عميقة في الأرض من أجل إخراج قليبة الأرض (غمق 20- 30سم تحت سطح الأرض) ثم يتم زراعة "اللوبيا" باستخدام "البدارة" وهي تعمل على تسوية الأرض.
أما بالنسبة للأشجار المثمرة كالتفاح والزيتون فيتم حراثة أرض الزيتون باستخدام "البدارة" حتى لاتتقطع شروش الزيتون أما بالنسبة لأشجار التفاح فيتم حراثتها باستخدام "السكة" لأنها تغمق في الأرض لإزالة الأحجار من تحت سطح الأرض وهناك فلاحة تأتي في فصل الصيف لكن قلة من الناس تلجأ إلى هذه الفلاحة وهي من أجل ضبط ري الأرض».
وعن الوقت الذي تستغرقه كل فلاحة قال "زياد": «في الفلاحة الأولى التي تأتي في تشرين الثاني نفلح من /8 إلى9 ساعات/ يومياً فالنهار قصير في فصل الشتاء وفي شهر شباط نفلح إلى حد /10ساعات/ يومياً وفي شهر نيسان نفلح من /12-13ساعة/ يومياً لأنه في هذا الشهر نحن مضطرون إلى إنهاء فلاحة الأرض من أجل زراعة اللوبيا قبل أن ينتهي الري من الأرض ثم علينا أن ننتقل لفلاحة الأشجار المثمرة ونستمر في هذه الفلاحة حوالي /50يوم/، وفي اليوم الواحد نحرث من/40- 50دونم/».
وعن الكيفية التي يتقاضون بها أجر عملهم قال"جبوري": «نحن نراعي وضع الفلاح فنحن أبناء قرية واحدة ونحن لانفكر أبداً بالضغط على الفلاح من أجل الحصول على آجر عملنا وهذا لا يقتصر على الفلاحة فقط بل على النقل ورش المبيدات الحشرية وغيرها من الأعمال الأخرى لذلك وفي نهاية الموسم وبعد أن ينتهي الفلاح من بيع محصوله يأتي إلينا ويحاسبنا على عملنا لديه، أما الميسور الحال فهم يدفعون بشكل مباشر أو على شكل أقساط شهرية».
"مضيفاً": «تفتقر الجرارات التي نعمل عليها لوجود قطع غيار لها فهي من موديلات السبعينات والثمانينات وعندما يصيب أي قطعة من قطع هذه الجرارات عطل نضطر إلى إحضارها من لبنان أو تركيا أو نحضرها من مستودعات الخردة وهذا يتطلب وقت كبير ,هذا عدا عن ارتفاع أسعارها فأبسط عطل في الجرار يكلف /10ألاف ليرة سورية/ وعلبة السرعة تكلف /150ألف ليرة/ وتنزيل المحرك بشكل كامل يكلف/70ألف ليرة/ ومسنن الأول في الجرار لايتجاوز قطره/5سم/ وهو يعطل بشكل كبير كون أغلب عمل الجرار عليه نشتريه بحوالي/11ألف/ إضافةً إلى سكة الفلاحة التي يكلف تفصيلها عند الحداد من/18- 20ألف ليرة سوري/ ولاننسى تكاليف أعطالها بسبب تكسرها من الحجارة وهي تحتاج إلى الطرف كل عامين حتى تبقى حادة لشق الأرض».