" سورية وهي تزدهر بشباب مبدع ومنتج، قادر على الاعتماد على نفسه، يدرك قدراته ويحقق النجاح لنفسه ولمجتمعه". هي رؤية "شباب" المشروع غير الربحي، الذي يعمل على تأهيل الشباب السوري بين سن الخامسة عشر والتاسعة والعشرين لدخول عالم الأعمال وتطوير مهاراتهم الأساسية. ويشكل جزءاً من الأمانة السورية للتنمية.
وللتعرف أكثر على "شباب" وأبرز أهدافه والبرامج التي يعمل عليها وخاصة في محافظة "حمص" التقينا السيدة "عايدة طليمات" مديرة برامج "شباب" في محافظة "حمص" والتي ذكرت بداية أن: «أبرز أهدافنا تتمثل بدعم ثقافة ريادة الأعمال عند الشباب السوري، وتشجيع الشباب على دخول عالم الأعمال، إضافة إلى تزويد الشباب بالمهارات الأساسية اللازمة لكي يصبحوا أفراداً منتجين في المجتمع، فضلاً عن السعي إلى خلق انطباع إيجابي عند المجتمع السوري تجاه العمل في عالم الأعمال وتأسيس مشاريع صغيرة. ويتميز "شباب" بأنه: المشروع الغير حكومي الوحيد المسموح له بتطبيق برامجه في المدارس وبإدخال المتطوعين من عالم الأعمال إلى الصفوف، وأنه المشروع التنموي الأول الذي تتبنى وزارة التربية برنامجه المختص بالتربية الريادية وتدرجه في المنهاج الوطني للمدارس المهنية والمعاهد المتوسطة».
وعن بدايات "شباب" في "حمص" تحدثت "طليمات": «البداية في "حمص" كانت عام 2007، حيث قام على عدة ركائز واعتمد على شراكات عمل قوية محلية تتضمن عالم الأعمال والحكومة ومؤسسات المجتمع الأهلي، فمن القطاع العام تعتبر وزارة التربية متمثلة بمديرية تربية "حمص" ووزارة التعليم العالي المتمثلة "بجامعة البعث" أبرز شركاء المشروع، إضافة إلى شركاء من عدة شركات ومؤسسات خاصة ورجال أعمال وموظفين في القطاع الخاص، يشكلون شبكة من الداعمين والمتطوعين في مشروع شباب وعن طريقهم تصل أفكار المشروع إلى الشباب للنهوض بالشاب الريادي أو الشابة الريادية ومساعدتهم على تأسيس عملهم الخاص أو حصولهم على فرصة عمل مناسبة».
وأضافت مديرة برامج "شباب" "بحمص": «بدأنا العمل مع أعداد قليلة من المتطوعين وبالتالي توجهنا إلى أعداد قليلة من الشباب لكن هذه الأعداد تضاعفت سنة بعد أخرى وتوسعت الشبكة أكثر من خلال تعاوننا مع شركائنا بالمشروع ومع الكثير من الجمعيات والمنظمات الأهلية كالهلال الأحمر ووكالة "الأونروا" ومفوضية الكشافة وجمعية حماية الطفل ونادي السلام للرياضات الخاصة وغرفة صناعة "حمص" وغيرها من الجمعيات والمنظمات الأهلية والشعبية، إضافة إلى أننا فتحنا مكتبنا الكائن في حي "الانشاءات" قرب "فندق السفير" لأي شاب أو شابة للمساعدة بالمجال الذي نعمل به، ومستعدون باستمرار لاستقبال أي شاب أو شابة في المكتب، ولدينا العديد من قصص النجاح، وهي عبارة عن تجارب لعدد من الشباب أصبحوا رياديين بأعمالهم وانطلقوا من مبالغ بسيطة لتأسيس مشاريعهم وذلك عن طريق التعامل مع شباب "بحمص" واندماجهم ببرامج المشروع ومتابعتنا لهم خطوة بخطوة، حيث نركز في عملنا على أن الإنسان الريادي في المجتمع ليس فقط من يكون لديه مشروع عمل خاص وينجح فيه فقط بل سلوك ومنهج يتبعه الإنسان في حياته فممكن أن يكون موظفاً ريادياً أو صاحب عمل ريادي».
البرامج: وعن البرامج التي يطبقها "شباب" قالت "طليمات": «هناك برامج أساسية يطبقها المشروع للوصول إلى أكبر عدد من الشباب والتفاعل معهم وهي: برنامج "التوعية بعالم الأعمال"، وبرنامج تعرف إلى عالم الأعمال، برنامج خبرة عمل، وبرنامج عيادات العمل، وهذا الأخير يطبق حالياً في "دمشق"، ونأمل أن يطبق في "بحمص" قريباً بعد أن تتضافر الجهود وتتوفر الإمكانيات المطلوبة ليكون لدينا هذا البرنامج الذي هو عبارة عن مركز استشاري متكامل يقدم دورات تدريبية واستشارات مجانية للشباب بمختلف أعمارهم». وتابعت "طليمات": «بالإضافة إلى برامجنا الأساسية هناك مجموعة من الأنشطة الموازية التي نشعر أننا بحاجة إلى إقامته أو المشاركة مع جهات أخرى تقيمه، فعلى سبيل المثال أقمنا العام الماضي أنشطة خاصة بالمشروع بطلب من وكالة "الأنروا" لشباب مخيم اللاجئين "بحمص" شملت عدداً من ورش العمل، كما بدأنا بتعاون مع غرفة الصناعة "بحمص" للقيام بورش العمل لطلاب المعهد الصناعي وللمشاركة بمسابقة على مستوى المعهد نكون فيها كجزء من لجنة التحكيم، كما نقيم نشاطاً سنوياً يتمثل بتكريم ما نسميهم سفراء "شباب"، الكادر الإداري والتعليمي للمدارس التي نتعامل معها في أكثر من ستين مدرسة ومعهد "بحمص"، وهؤلاء لديهم روح الشباب ومؤمنين بالرسالة التي نؤديها، ويشكلون صلة وصل بين الشباب الذين لديهم أفكار وبيننا كمشرفين على المشروع. ومن أنشطتنا الموازية استضافة أشخاص رياديين وناجحين بمجالهم على مختلف الصعد: الفنية والثقافية والاجتماعية، والمشاركة بعدد من المعارض إنتاجية لأعمال الطلاب وأغلبها في المدارس المهنية، شاركنا فيها وعرضنا أفكار المشروع على الطلاب».
مساهمات وعن مدى مساهمة "شباب" في تطوير ثقافة الفكر الريادي للشباب قالت "طليمات": «الواضح والملموس أن هناك تجاوب من أعداد كبيرة من الشباب للبرامج التي يطبقها المشروع والأفكار المطروحة، والتجارب كثيرة للرياديين الذين استفادوا من المشروع، وبما أن سورية دولة فتية فلدينا نقطة قوة ونقطة صعوبة بنفس الوقت، فنقطة الضعف تتمثل بكون أعداد شريحة الشباب المستهدفة كبيرة ونسعى للوصول إلى هؤلاء الشباب حسب إمكانياتنا، أما نقطة القوة ترتكز على هؤلاء الشباب وأفكارهم المتجددة وتقبلهم للأفكار الجديدة، ويمكننا القول أننا لسنا رعاة أو أوصياء على هؤلاء الشباب، نحن نحاول مساعدتهم وإعطائهم الخبرات اللازمة والإشراف عليهم للمضي في تأسيس أعمالهم الخاصة، ونقوم بالتشبيك بينهم وبين جهات معينة قدر المستطاع، لكن يجب على هذا الشاب أو الشابة امتلاك الفكر الريادي كي يستطيعوا المتابعة وعلى الجمعيات والجهات الأخرى المشاركة في دعم هؤلاء الشباب ليكون لها بصمة واضحة على المجتمع». وعن حجم المستفيدين من برامج المشروع "بحمص" وتوزعهم تحدثت "طليمات": «عدد المستفيدين بالآلاف، وخلال العام الماضي فقط قمنا زيارة اثنتين وأربعين مدرسة ثانوية مختلفة بمدينة "حمص" وريفها، و"بجامعة البعث" خمسمائة شاب وشابة شاركوا في برنامج تعرف إلى عالم الأعمال الذي يطبق بالتعاون مع وزارتي التربية والتعليم العالي في المعاهد المتوسطة والثانويات المهنية وقد استفاد منه نحو عشرة آلاف وخمسمائة شاب وشابة خلال العام الماضي ويتم تطبيقه في المدينة والريف على حد سواء.
إضافة إلى أن هناك أكثر من ثلاثين شركة خاصة "حمص" تستقبل الشباب المتميزين لمدة أسبوع يتعرفون خلالها على آلية العمل، ويقدمون بنهاية الزيارة مجموعة من المقترحات والأفكار، يستفيد منها حوالي ثلاثمئة شاب وشابة موزعين على الشركات، ولدينا برنامج تدريبي سنوي لمدربي برنامج عالم الأعمال ومؤخراً قمنا بتخريج الدفعة الثانية من الأساتذة الجامعيين في "جامعة البعث" للمساهمة معنا في التدريب وعددهم ثلاثين مدرساً جامعياً». وعن الرؤية المستقبلية "لشباب" تحدثت السيدة "طليمات": «الخطة السنوية لمشروع "شباب" تبدأ من أول نيسان من كل عام، وبدأنا من أول الشهر الفائت إستراتيجية جديدة للمشروع فيها ملامسة لعدد أكبر من الشباب، حيث أعدنا تصميم بعض البرامج للوصول إلى شريحة أكبر من المستفيدين، ونحاول وضع برامج جديدة تخدم أهدافنا بالنهوض أكثر بالشباب السوري ليكون عندنا أعداد أوضح وأكبر لشباب أسسوا مشاريعهم الخاصة وخلقوا فرص عمل مناسبة لهم».
وأوضحت "طليمات" أن الإستراتيجية الجديدة: «تتضمن مجموعة برامج منها برنامج لتوعية الشباب بعالم الأعمال ويستهدف خلال هذا العام خمسة آلاف شاب وشابة، وبرامج اختبار الميول والتوجيه إلى العمل المناسب وتستهدف ألف شاب وشابة، وبرامج تعزيز الخبرات والمهارات وتستهدف ألفي شاب وشابة، إضافة إلى برامج الربط مع سوق العمل وتستهدف مئتي شاب وشابة، وبرامج مختصة بأساليب العمل في القطاع الخاص وكيفية تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة، وبرامج متعلقة بتحديد المسارات المهنية الصحيحة». وأضافت: «ومن خلال هذه البرامج التدريبية سيتم العمل على اختيار الشباب الأكثر تميزاً وتخصيص يوم عملي تجرى فيه اختبارات الكفاءة لدى هؤلاء الشباب ليصار بعدها إلى إعادة توظيفهم في التدريب على هذه البرامج وبالتالي بناء قدرات المتطوعين وتعزيزها للمساهمة في برامج التوعية بالعمل والمهنة للشباب الجدد». وتابعت: «في بداية العام الدراسي الجديد سنبدأ العمل في مدارس محافظة "حماة" بعد أن دخلنا إليها عن طريق كليتي "طب الأسنان" و"الاقتصاد"».
وختمت "طليمات" قائلة: «إننا نعول كثيراً لنجاح هذه الإستراتيجية على دور شركائنا في "حمص" الذين نتطلع لزيادة التعاون معهم أكثر فأكثر سيما أن دورهم كان ولا يزال جوهرياً وحاسماً». وللتعرف على إحدى المستفيدات من مشروع "شباب" في "حمص" التقينا الريادية الشابة "نايلة إسماعيل عروش" صاحبة الثلاثة والعشرين ربيعاً، وهي تعمل في مجال التفصيل والخياطة في منزلها في منطقة "البياضة" بمدينة "حمص" فقالت: «أنا من هواة الرسم والتفصيل، خريجة معهد فنون النسوية "بحمص"، تعرّفت على مشروع "شباب" في السنة الثانية من دراستي في المعهد من خلال برنامج تعرّف على عالم الأعمال، وكان لدى والدتي "ماكينات" حبكة ودرزة عادية تعمل عليها، وكنت أساعدها في العمل بعد انتهاء دوام المعهد، وبعد ادّخاري مبلغاً من النقود قمت بشراء "ماكينة" خياطة صناعية، ومنذ فترة قصيرة بدأت العمل، وأعمل بحسب الطلب، وأستعين في عملي بالإنترنت لاقتباس الموديلات التي أقوم بتحديثها وتغييرها تبعاً لطلب الزبائن». وتضيف "نايلة": «أملي أن أتعلّم تصميم الأزياء بطريقة احترافية أكثر وطموحي لا يقف عند حد، لقد كان لمشروع "شباب" دور كبيربما قد توصّلت إليه، وما اطمح للوصول له مستقبلاً، فقد استفدت كثيراً من المعلومات التي قدمها لي المشروع عن الريادة و إدارة المشاريع الصغيرة، إضافة إلى التحفيز والتشجيع وتعزيز الثقة بالنفس، ومساعدتي في كيفية التعامل مع الزبائن و التجار». وظّفت "نايلة" كل ما تعلّمته لتتذوق طعم النجاح، ولتصبح ريادية، ولتكون مساهمة فعّالة بتحفيز الشابات أمثالها، من خلال إثباتها لهم أنه مع الإرادة لا يوجد مستحيل، وأنه من الممكن تحقيق الأحلام بالمثابرة والعمل الجادّ وبالتالي تستطيع أن تساهم بالتسريع من عجلة تطوير المجتمع.
الكاتب: كنان متري
عودة للرئيسية
|