يحتاج الشباب عموماً ورواد الأعمال بشكل خاص إلى التشجيع والتحفيز المستمرين وإلى حيز من حرية التحرك والعمل الجاد للوصول إلى نتائج إيجابية ومبتكرة تصب في خدمة هؤلاء الشباب بالدرجة الأولى وخدمة مجتمعاتهم التي يعيشون فيها بالدرجة الثانية.
وهناك العديد من الهيئات والمنظمات التي تهتم بهؤلاء الشباب وتحتضن أفكارهم وإبداعاتهم، ومن هذه المنظمات الغرفة الفتية الدولية "JCI" التي تعتبر اتحاداً عالمياً ومنظمة غير حكومية، وغير ربحية تعتمد على العمل التطوعي، وتضم العديد من رواد الأعمال الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين /18/ و/40/ عاماً، وتهدف إلى خلق تغيير إيجابي في المجتمع، من خلال تطوير أفراده عبر تنظيم المشاريع التنموية وتزويد الشباب بالفرص لتطوير مهاراتهم المتعددة، ولاسيما الاقتصادية منها. وتنتشر الغرف الفتية في أكثر من مئة دولة ومنها سورية، تتميز الغرفة الفتية في كل دولة باستقلاليتها من حيث المشاريع والأنشطة بما يتناسب مع واقع المجتمع المحلي الذي تعمل فيه وكذلك الغرف المحلية أيضاً مستقلة تماماً عن الغرف الأخرى وفي محافظة "حمص" وبتضافر جهود عدد من رواد الأعمال الشباب ومساعدة عدة جهات رسمية وأهلية تأسست الغرفة الفتية الدولية المحلية "JCI حمص" عام 2007 واتخذت ولا زالت مقراً لها ضمن مقر غرفة صناعة "حمص" كمساهمة من الغرفة الصناعية لتشجيع هؤلاء الشباب، وإلى اليوم نفذت "JCI حمص" عدداً لا بأس به من المشاريع والأنشطة التنموية الهادفة وكان لها بصمتها المتميزة على مستوى المجتمع المحلي.
وللتعرف أكثر على دور الغرفة الفتية الدولية JCI "بحمص"، وأهم برامجها ومشاريعها، كان لنا لقاء مع السيد "حسام داغستاني" رئيس الغرفة الفتية "بحمص" للعام 2011، فعرفنا بداية بمجال عمل الغرفة قائلاً: «للغرفة مجلس إدارة مستقل ينتخب سنوياً من قبل الأعضاء، يتألف من رئيس وأربعة نواب للرئيس ومحاسب وخازن، وكل نائب لرئيس الغرفة يشرف على نطاق معين تعمل عليه الغرفة ويتم وضع خطة عمل في الأربع نطاقات والتي هي: النطاق الفردي ونركز على تنمية المهارات الفردية للمنتسبين للغرفة سواء في مجال الإدارة وفن الخطابة وفن المناظرة وتنمية مهارات اللغة الأجنبية، أما النطاق الثاني فهو النطاق الاجتماعي، ويعتمد العمل فيه على دعم شرائح المجتمع بشكل مباشر والتي تحتاج الدعم كذوي الاحتياجات الخاصة وأهم مشروع اجتماعي أقامته الغرفة الفتية "بحمص" ولا تزال تعمل فيه هو مشروع "رؤى" الذي يعتمد على تعليم الكفيف على استخدام الحاسوب، وحالياً أوصلنا عدد من الشباب الكفيفين إلى مرحلة الحصول على الشهادة الدولية لقيادة الحاسوب، ووصلنا لمرحلة التعاقد مع مدربين كفيفين للمتابعة بهذا المشروع، وطبعاً يقدم البرنامج مجاناً ونتكفل بتكاليف الامتحانات وذلك بالتعاون مع "جامعة البعث" وجمعية رعاية المكفوفين، وهناك أيضاً مشروع ملاعب "حمص" الرياضية الذي أقامته الغرفة بتمويل من المفوضية الأوروبية وبنك "بيمو" لتأمين رياضة آمنة للشباب واليافعين، وقد حققنا منه استفادة كبيرة بهدف الاستمرار وبناء ملاعب جديدة من تمويله».
وتابع "داغستاني": «ويشمل عمل الغرفة أيضاً نطاق الأعمال الذي نركز فيه على نمو الفكر الاقتصادي للشباب، عن طريق مسابقة "أفضل خطة عمل" التي تقيمها الغرفة سنوياً على سبيل المثال، أو من خلال اللقاءات الدورية مع رجال الأعمال والتي تتيح تبادل المعارف معهم والاستفادة من خبراتهم، أو أي نشاط له علاقة بالاستثمارات والأعمال. والنطاق الرابع الذي نعمل فيه هو النطاق الدولي، كون الغرفة موجودة بأكثر من مئة دولة بجميع أنحاء العالم فيتم عقد مؤتمرات دولية بين فترة وأخرى نحرص على المشاركة فيها حيث تتم خلالها تبادل المعارف والخبرات، وتقترح فيه جوائز على مستوى دولي والتوعية لخدمة الإنسانية بشكل عام، إضافة إلى أنه على النطاق الدولي ممكن أن يكون هناك توأمة بين غرفتين في دولتين مختلفتين وقد سعينا مؤخراً لإقامة توأمة مع إحدى الغرف الفتية الدولية المحلية في تركيا لتبادل الخبرات بشكل أوسع». وعن أهمية وجود الغرفة الفتية JCI في "حمص" وما قدمته للشباب المتطوعين فيها قال "داغستاني": «منذ بداية تأسيس الغرفة استقطبت عدداً كبيراً من رواد الأعمال الشباب الذين كانوا راغبين بتطوير مهاراتهم ويدعمون استثماراتهم فكان هذا التوجه بشكل عام، لكن حالياً أصبحت الغرفة تعمل على استقبال أي شخص يرغب بتنمية مهاراته سواء عن طريق الاستثمار أو خدمة المجتمع، وفي كل دول العالم أصبحت الغرفة للمواطنين الفعالين بمجتمعهم».
وأضاف: «لقد تجاوز عدد المنتسبين للغرفة اليوم في "حمص" المئة عضو، ومعظم عملنا في الغرفة يعتمد على المشاريع التنموية القصيرة التي تتراوح مدتها من شهر حتى ثلاثة أشهر، وذلك بهدف خلق مشاريع جديدة وفرق عمل جديدة ومدير مشروع جديد، لنكتسب الخبرة بإدارة المشاريع، فضلاً عن المشاريع الكبيرة التي تستمر لأكثر من سنة». وعن المناطق التي تشملها مشاريع وأنشطة الغرفة قال "حسام داغستاني": «المشاريع التي نعمل عليها تتركز غالباً في "حمص" المدينة، لكن العديد من هذه المشاريع والأنشطة يشترك فيها أبناء الأرياف التابعين للمحافظة، مثل مشروع "رؤى" ومسابقة أفضل خطة عمل، ومؤخراً كان هناك مبادرة من أحد المراكز الأهلية في "تدمر" لتنفيذ مشروع "رؤى" هناك من خلال تأمينهم المكان المناسب، وقد طلبوا منا تأمين المتطوعين والإشراف على الموضوع ورحبنا بالمشروع وعملنا على تأمين فريق العمل اللازم وجاهزون حالياً للمباشرة بالعمل، كما أننا نرحب بمساعدة أي شاب أو فتاة من الريف يقصد مكتبنا ومستعدين لتبني أي فكرة يقدمونها تخدم المجتمع».
وعن المشاريع المستقبلية تحدث رئيس الغرفة الفتية الدولية "بحمص": «سنعمل بجهد أكبر على موضوع التوأمة مع إحدى الغرف في تركيا، إما مع غرفة "مرسين" أو "أضنة"، مع استمرارنا بالعمل بمشروع "رؤى"، وسنعمل على دعم مشروع زراعة الغابة البيئية في منطقة الإدخار "بحمص" والذي بدأنا فيه العام الماضي 2010 بمشاركة عدد كبير من جمعيات ومنظمات المجتمع الأهلي بالمحافظة، كما سنركز كل جهدنا هذا العام على إطلاق مشروع "مدينتنا أجمل" وهو عبارة عن أفكار ومبادرات من قبل الأعضاء تساهم في تجميل مدينة "حمص"، ومنه مثلاً مبادرة التركيز على استخدام الأكياس القماشية أو الورقية والاستغناء عن الأكياس البلاستيكية، وتأمينه بشكل مجاني ونقيم ورشات عمل ومحاضرات توعية لفوائده ومخاطر الأكياس البلاستيكية». كما التقينا أحد متطوعي الغرفة الفتية الدولية JCI "بحمص" الشاب "غسان الصفدي" الذي يعمل في مجال التعهدات الكهربائية، فتحدث عن تجربته في الغرفة قائلاً: «انتسبت للغرفة الفتية "بحمص" في بداية العام 2007 وشاركت حينها بالعمل بمشروع ملاعب الـJCI الرياضية وكان مشروعاً متميزاً ورائداً، وأنا منذ الطفولة زرع والداي فيّ حب الخير ومساعدة الناس، لذلك عند انتسابي للـ JCI شعرت أن هذا الشيء ممكن أن ينمو ويتبلور أكثر، إضافة إلى الاستفادة على المستوى الشخصي، من خلال مشاركتي بدورة فن الخطابة، ودورة الإسعاف الأولي بالتعاون بين الغرفة والهلال الأحمر، كما أنني أفتخر بمشاركتي بعدد من أنشطة الغرفة الاجتماعية كنشاط "معكم الحياة أحلى" الذي استهدف الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال الطبيعيين، وشاركت بمشروع زراعة الغابة البيئية وكنت بقمة السعادة عندما حفرت بيدي وساهمت بزراعة الأشجار، وفي العام الحالي 2011 شاركت بمشروع تدوير الورق بالتعاون مع عدة منظمات وجمعيات».
وعن مشروع "لنتحدث الإنكليزية" الذي بادر فيه "الصفدي" وهو حالياً مدير لهذا المشروع للعام 2011 في الغرفة قال: «في سنة 2009 طلبت من رئيس الغرفة الفتية "بحمص" "رامي داوود" العمل بمشروع أسميناه "لنتحدث الإنكليزية"، انطلاقاً من أن معظم المتطوعين بالغرفة من الشباب المثقفين والمتعلمين، لكن القليل منهم يستخدم اللغة الإنكليزية في حياته، فأصريت على هذا المضي بهذا المشروع وفعلاً بدأنا بنفس العام، من خلال طاولة مستديرة تجمع المشاركين والمحادثة حكماً بالإنكليزية حول موضوع يتم الاتفاق عليه مسبقاً وتحضيره من قبل المشاركين، مع مساعدة الأعضاء ذوي الإمكانيات الضعيفة والمتوسطة في اللغة قدر الإمكان، وتعاونا بالبداية مع الأستاذ "طلال شمسي باشا" من أصدقاء الغرفة مقيم ببريطانيا ساعدنا كثيراً في الجلسات التي كانت إيجابية ومفيدة، وتابعنا بالمشروع وتم اختياري في هذا العام 2011 مديراً هذا المشروع». وفي كلمة أخيرة توجه "غسان" فيه للشباب قال: «أعتبر أن أسرتي زرعت، والـ JCI سقت وجعلتنا ننمو بإنسانيتنا ولا يزال ينمو فينا فعل الخير وحب الناس، وازداد حبنا لبلدنا أكثر. أنصح كل الشباب الذين بالتأكيد لكل منهم بذرة طيبة، والذين يرغبون بتنمية هذه البذرة ويودون أن يقدموا شيئاً لهذا البلد ولأسرتهم ومجتمعهم، فالغرفة الفتية الدولية هي مكان يناسبهم كثيراً لتنمية قدراتهم ومواهبهم وإنسانيتهم وروح العمل التطوعي وفعل الخير».
الكاتب: كنان متري
عودة للرئيسية
|