يعرف التمويل الصغير والأصغر بأنه تقديم الخدمات المالية المختلفة ( قروض وادخار وتحويلات وتأمين.... الخ) للفئات التي لا تتمكن من الحصول على هذه الخدمات من القطاعات المصرفية القائمة ومن أهم صفات برامج التمويل المستدام أنها تنظر للمستفيد من خدماتها كعميل يحصل على خدمة مقابل رسوم محددة وليس كمتلق لمعونة، لذا فهي تسعى لتطوير خدماتها لتلبي احتياجات العميل بأسرع وقت ممكن.
وبالرغم من بعض المحاولات في سورية لإقامة برامج تعنى بتنمية مشروعات التمويل الصغير والأصغر إلا أنها ظلت محدودة وقاصرة لعدم وضوح الرؤيا والوعي لدى مختلف شرائح المجتمع بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه مثل هذه البرامج، ومع مرور الوقت ونتيجة لتراكم الخبرات وتوسع الفهم والمدارك بين الجيل الشاب خرجت مؤسسة بداية التي تعنى بتوفير مصدر تمويل وتطوير لقطاع المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر إلى النور لتكون بذلك أول مؤسسة سورية تقدم خدمات التمويل الصغير في سورية.
تمثل كلمة "بداية" الأحرف الأولى BIDAYA) Boosting & Inspiring Dynamic Youth Achievement) والتي تعني باللغة العربية "دعم و تحفيز الشباب" من خلالها تبدأ فرص الانطلاق للطاقات الشابة في أعمال خاصة تعتمد على أفكارهم وجهودهم بدعم من مرشدين مختصين. السيد مهند عوكل المستشار المالي لمؤسسة بداية ومدير عام شركة التنمية للاستشارات المالية ذكر أن فكرة مؤسسة "بداية" ظهرت إلى النور عندما قامت السيدة أسماء الأسد، بزيارة إلى المملكة المتحدة في عام 2002 بحثت خلالها مع أحد الجمعيات العالمية لأعمال الشباب والتي تسمى Youth Business International طبيعة عمل هذه الجمعية والمنهجية المتبعة لديها من أجل دعم الشباب. في عام 2004، أُطلقت "بداية" كمشروع ريادي بمساعدة منظمات أخرى، وهي الصندوق السوري لتنمية الريف FIRDOS، جمعية تطوير وتفعيل دور المرأة في التنمية الاقتصادية MAWRED، وجمعية رواد الأعمال الشباب SYEA. في عام 2006، تم ترخيص بداية كمؤسسة خاصة غير ربحية غير حكومية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، كما تم اعتمادها من قبل الجمعية العالمية لأعمال الشباب YBI لتكون جزء من شبكتها. في عام 2007 فتحت بداية لها مكتباً في حلب وعام 2009 مكتبا في دير الزور وأضاف عوكل: أن المؤسسة تسعى إلى تفعيل وتنشيط الريادة لدى الشباب الذين يملكون أفكار لأعمال ناجحة والمتميزين بالخبرة ولديهم دليل القدرة على النجاح وذلك من خلال تقديم الدعم المالي و التشبيك في مجال الإرشاد والتوجيه بالإضافة إلى خدمات الدعاية والتسويق. ولا بد من الاشارة الى أن وجود المرشدين المتطوعين الذين يملكون الخبرات الواسعة في قطاع الأعمال هو النواة الأساسية لمشروع "بداية"، لذا فإن "بداية" تحرص على تزويد كل رائد عمل يستفيد من دعمها بمرشد متطوع / مستشار يسعى لتقديم المساعدة المستمرة والنصح الدائم خلال المدة المتفق عليها (عادةً لمدة ثلاث سنوات). وحول من يمكنه الاستفادة من خدمات المؤسسة ذكر "عوكل" أن بداية تساعد كل شخص لديه فكرة عمل جيدة وعمره بين 18 – 35 عاماً وهو غير قادر على جمع كل المال الذي يحتاجه من أجل البدء بمشروع أو التوسع بمشروعه القائم فهي تقدم دعم مالي يصل إلى 200 ألف ل.س برسم إداري بسيط. ومستشار أعمال لمدة ثلاثة سنوات. وفرص هامة لتكوين العلاقات العامة والترابط والتعاون مع رواد أعمال آخرين.
وبالتالي تكون الخدمات المقدمة من "بداية" هي: - دعم مالي متناهي الصغر: تقدم بداية دعم مالي متناهي الصغر، سقف الدعم 200 ألف ل.س بفترة سداد مدتها ثلاثة سنوات. إن من أهداف بداية وضمن النقاط التي تركز عليها تقديم المستوى الأفضل من الاستثمارات من أجل تلبية احتياجات سوق العمل المحلية وإبراز طريقة جديدة للسداد بدون إضافة أعباء على المستفيد/المقترض.
- الإرشاد والتوجيه: تم تصميم برنامج الإرشاد والتوجيه بدقة عالية من أجل مساعدة رواد الأعمال الشباب للبدء بعمل خاص بهم. سيقوم عدد من الخبراء والمختصين في مختلف المجالات (التمويل والقانون والتسويق والتوزيع والإنتاج والتصنيع) بالإضافة إلى مجالات أخرى بمرافقة المستفيد الذي تم اختياره من قبل لجنة تقييم المشاريع في "بداية" لتساعده على تحسين خطة العمل ومعرفة احتياجات المشروع وتقديم النصح وإبراز نقاط القوة في الخطة. من يستفيد من "بداية" هو كل شاب أو فتاة ممن
• يحمل الجنسية السورية أو من في حكمهم. • يتراوح عمره بين 18-35 عاماً. • غير قادر على الحصول على أية مساعدة مالية من جهات أخرى. • عاطل عن العمل أو العامل بدوام جزئي وذو دخل محدود. • من لديه فكرة عمل قابلة للتنفيذ. • من لديه الطاقة والحماس والموهبة والمعرفة الكافية بفكرة العمل المقترحة. • أن يكون الدخل المتوقع من المشروع المقترح هو الدخل الأساسي للمستفيد. في عام 2004 قدمت مؤسسة بداية تمويلا لمشروعين، وفي العام 2005 قدمت التمويل لـ(13) مشروع، وفي العام 2006 استقلت مؤسسة بداية بقرار من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وعملت كمؤسسة غير ربحية ضمن قانون الجمعيات. وقد بلغ مجمل القروض التي قدمتها المؤسسة للعام 2011 في دمشق (200) مشروع، وفي حلب (30) مشروع وفي دير الزور (10) مشاريع. لبداية مجلس إدارة ومجلس تنفيذي وجميع المكاتب التي سبق ذكرها تعمل وفق النظام الداخلي لمؤسسة بداية أي التمويل بدون فوائد وتقديم التدريب قبل منح التمويل وأثناء عمل المشروع ولغاية تسديد القرض.
وختم السيد "عوكل" حديثه: «بداية كأي مؤسسة قد تواجهها بعض العقبات بالقوانين والتشريعات، فنحن نود أن تكون أكثر مرونة بالتعامل لنستطيع أن نوسع دائرة خدماتنا». تميزت المشاريع التي تخرجت من المؤسسة بتميزها وبالفكر الخلاق والإيمان الشديد بالفكرة، ومن أصحاب المشاريع المميزة نذكر الشاب "مؤيد حمودة" الذي تخرج من معهد التعويضات السنية، وتتلخص فكرة "مؤيد" بتصنيع جهاز طبي لمخبري الأسنان (المشمعة) يقوم بتسهيل عملهم في عملية تشكيل السن من خلال الرؤوس المعدنية المرفقة والمشمعة التي يقوم بتغطيس السن فيها. عمل مؤيد في مخبر أخيه بعدها تقدم لمؤسسة بدية وحصل على تمويل وقدره 200.000 ل.س، قام مؤيد ببيع بحدود 15 جهاز داخل سورية تقريبا واستقبل طلبية 30 جهاز للأردن والآن مؤيد بصدد تطوير جيل جديد رقمي من هذا الجهاز مع وجود ميزات جديدة مضافة إليه. لم يكتفي مؤيد بهذا الجهاز فحسب بل طور جهاز لأطباء الأسنان يسهل عملهم بمبلغ منافس وبدأ بتوزيعه. ربح مؤيد جائزة الريادة الأولى لعام 2009 للغرفة الفتية JCI التي كرمته بدورها بمبلغ 75.000 ل.س. قام مؤيد بتصميم شعار وتسمية لجهازه Magma حيث اعتبرها خطة لتأسيس شركته الطبية في المستقبل القريب.
السيد "عدنان بدران" هو المشرف على مشروع الشاب "مؤيد حمودة" والذي تحدث عنه بالقول: «ما يميز مؤيد هو إيمانه بفكرته وقناعته بنجاحها، ودوري اقتصر معه على ترتيب الأفكار ومساعدته على التسويق والترويج للفكرة».
الكاتب: لانا حاج حسن
عودة للرئيسية
|