لا داعي للقلق. فلن نطالبك بأن تكون منظما إلى حد الملل. التنظيم الإيجابي لا يعني طلب الكمال. بل يعني أن تكون منظم ا بالدرجة التي تحتاجها، وبما يتناسب مع مرآزك الوظيفي وطموحاتك وتطلعاتك وصورتك التي تريد ترسيخها لدي الآخرين، وصورة مؤسستك لدي العملاء والموردين. سيطرتك علي عملك واستثمار وقتك وتنظيم أوراقك ليس دليلا أكيد ا علي أنك إنسان  منظم. المهم هو التحكم في أولوياتك ووضعها في نسق متكامل يوازن بين تفاصيل العمل اليومي ورؤيتك الكلية للمستقبل.

 هذا يعني الموازنة بين الخاص والعام، وبين العمل والمنزل. وبين الإنتاج والتطوير وبين البحث والتسويق، وبين القديم والجديد. ليست هناك وصفة سحرية يمكن لكل منا اتباعها لبلوغ قمة التنظيم. فالتنظيم الفعال هو مزيج من أدوات وعادات كثيرة يمكن استخدامها بطريقة إيجابية لإنجاز العمل بفاعلية ولتحقيق الأهداف. تحديد الهدف هو الركيزة الأساسية للوصول إليه. " فإذا كنت لا تعرف إلى أين أنت ذاهب، فسوف ينتهي بك الأمر في أي مكان".
هذا هو سر قوة التنظيم الإيجابي. وبدون تحديد الهدف، لن تنفعك كل أدوات وأساليب التنظيم، ولن تغير سلوكك كل برامج التدريب، مهما قرأت من آتب عن النجاح والفعالية والتحفيز والعمل بذكاء بدلا من العمل بعناء.
بعض الناس ينتابهم التوتر عندما يفكرون في مشكلة التنظيم. هؤلاء يعتبرون التنظيم مظهرا سطحيا وليس جزءا حيويا من جوهر الإنسان ورسالته في الحياة هذا النوع من القلق ينتج عن سوء التنظيم، وسوء التنظيم يضع الإنسان تحت ضغوط مستمرة، فتكتمل دائرة الفوضوي وتستمر. الحل الوحيد لهذه المشكلة هو وضع التنظيم علي قائمة الأولويات وتخصيص وقت كل يوم لترسيخ التنظيم الإيجابي وجعله عادة مكتسبة لا تبرح المرء في المكتب أو في البيت.

التخطيط و الترتيب:
التنظيم الإيجابي يقوم على مرتكزين أساسيين هما : التخطيط وترتيب الأولويات . وقد وضع (أدوين بلس) في كتابه Getting Things Done أبجدية ترتيب الأولويات وآلمة أبجدية هنا مشتقة من (أ.ب.ج.د) فهو يرتب الأولويات كما يلي :
أولوية (أ): خاصة بالأعمال الهامة والعاجلة، وهى الأعمال التي ننجزها من خلال إدارة الأزمات أو بأسلوب المطافئ التي لا تتدخل إلا بعد اشتعال الحريق ويركز معظم المديرين على هذا الأسلوب لأنه لا يحتاج إلى تخطيط، أو لأنهم مجبرون على ذلك.
أولوية (ب): خاصة بالأعمال الهامة وغير العاجلة ، وهى الأعمال التي ننجزها والرؤية التي نصوغها من خلال التخطيط الإستراتيجي وإدارة المستقبل. ويتجاهل معظم المديرين هذه الأولوية لأن نتائجها بعيدة المدى، ولأنهم يعتقدون أنه لا داعي للتخطيط ما دام العمل يسير بشكل مقبول، ولأنهم لم يجربوا العمل وفق هذا الأولوية ولم يجربوا منافعها من قبل.
أولوية(ج): تتعلق بالأعمال العاجلة وغير الهامة، وهى الأعمال التي ننجزها لإرضاء الآخرين، أو لعدم إدراكنا لضآلة قيمتها ، أو لأننا غير مدربين على إدارة الذات واستثمار الوقت آمورد إستراتيجي ومجال للمنافسة.
الإدارة الفعالة للذات تتطلب استثمار معظم الوقت في إدارة الأولوية (ب)، وجزء كبير من الوقت في إدارة الأولوية(أ) وأقل جزء من الوقت للتعامل مع الأولوية (ج).
في المجتمعات الأقل تقدماً توجد أيضاً الأولوية (د)، وهي تتعلق بالأنشطة غير الهامة وغير العاجلة. وهذه الأنشطة لا تدخل في صميم العمل. لأنها نتاج الوقت المهدر والمجهود الضائع في أنشطة تضر بالعمل مثل: الاتصالات التليفونية الشخصية للحديث في أي شئ، والاجتماعات الناتجة عن صراع في داخل المؤسسة، والبطالة المقنعة التي تؤثر سليباً علي الروح المعنوية، والزيارات المفاجئة التي تربك العمل.
هذه الأولوية السلبية التي تسود في المجتمعات المختلفة يمكن القضاء عليها بالتخطيط المسبق واستثمار جزء من الوقت المتاح في الأولوية (ب) لوضع سياسة يكون من ضمن أولوياتها التخلص من الأنشطة (د).

أعمال اليوم والأسبوع
بعد أن تعرفت علي ( أبجديات ) تحديد الأولويات، يمكنك استخدامها جنباُ إلى جنب مع الأفكار التالية التي تساعدك علي التحكم بعملك اليومي والأسبوعي:
١. خطط لعمل الغد من اليوم، واكتبه علي شكل قائمة أو خطوات عمل. وضع هذه القائمة مبكراً يساعدك علي بدء يوم العمل بذهن صافي ورؤية واضحة.
٢. آن مرناً واستخدم إحساسك الداخلي وفطرتك وخبرتك في تعديل المواعيد وتغيير الأولويات طبقاً لاحتياجات العمل.
٣. حدد موعداً خاصاً مع نفسك آل يوم لأداء الأعمال الهامة جداً، والتي تحتاج إلى تركيز شديد. في هذا الوقت يمكن للسكرتيرة أو لأحد الزملاء تلقي مكالماتكن ويمكنك الخلو بنفسك في مكان أخر خارج مكتبك لمنع المقاطعات. خصص مثل هذا الوقت للتخطيط أو للتقييم أو للمراجعة أو لقراءة التقارير والتعليق عليها.
٤. لا تخلط في قوائم العمل اليومي والأسبوعي بين الأولويات ( أ) و(ب), وأحذر أن تطغى الإدارة بأسلوب المطافئ علي عملك وحياتك. لا تجعل الأولويات (أ) تزيد عن ثلاثة أو أربعة نشاطات كل يوم، وخصص بعض الوقت للأولوية (ب) مهما وجدت ذلك صعباً في البداية. عندما تقدم الأولوية (ب) ستجني ثمار ذلك بسرعة وتبدأ بتحقيق بعض أهدافك طويلة المدى، والتي ستقلل من اعتمادك علي الأولويات الأخرى بالتدريج.

* إدارة الذات
يستخدم بعض خبراء الإدارة مصطلح (إدارة الوقت) للتعبير عن إدارة الذات وإدارة الناس عبر الزمن. وهذا خطأ كبير لأن الوقت يدور ولا يدار. وإنما يمكننا إدارة أنفسنا وإدارة الآخرين أيضاً خلال الوقت. فسواء أدرنا أنفسنا أم أقعدناها. فإن الزمن لا يتوقف وكذلك المنافسون. الإدارة الفعالة للذات تؤدي إلى توفير الوقت واستثماره وانتهاز الفرص من خلاله. ولهذا السبب بالتحديد فإن الفعالية الشخصية لا تعني إنجاز أكبر قدر من العمل كل يوم. و إنما إنجاز أهم الأعمال في أقل وقت.

أفكار بسيطة لتوفير الوقت
احمل معك منظماُ أو مفكرة لتسجيل الأفكار والمواعيد، ولا تعتمد علي الذاكرة. 
- جدول الأنشطة المتشابهة ونفذها معاً: حدد ساعة معينه للاتصالات التليفونية والرد علي المراسلات وإصدار التعليمات للعاملين.
- اشتر احتياجاتك بكميات: سواء كانت احتياجات شخصية أو مكتبية، فمن الخطأ الخروج للبحث عن هدايا المناسبات وطوابع البريد في كل مرة تحتاج لواحدة منها.
- اتصل لتأكيد المواعيد قبل مغادرة المكتب أو البيت.
- استخدم جهاز التسجيل لغربلة الاتصالات: لا ترد إلا علي المكالمات الهامة، واطلب من المتصلين تحديد أنسب وقت للاتصال بهم حتى لا تضيع وقتك في مكالمات بلا نتائج.
- قم بعملين في نفس الوقت: يمكنك قراءة مجلتك المفضلة أو أحدث كتاب وصلك وأنت تنتظر أحد الاجتماعات، ويمكنك الاستمتاع للموسيقي الهادئة وأنت تمارس رياضة المشي.
- لا تغادر مكتبك ويداك فارغتان: اسأل نفسك وأنت تهم بالخروج عما يمكنك حمله أو فعله وأنت في الخارج، فقد تتغير الظروف وتجد لديك فائضاً من الوقت.
- خصص وقتاً للتغيير : مهما كنت تحب عملك أو تجد فيه متعنك، غير روتين حياتك مرة أو مرتين كل أسبوع حتى لو آكان هدف التغيير هو مجرد استعادة حيويتك والخروج على المألوف.

إدارة الناس
الزملاء والعملاء

من هم عملاؤك؟
اطرح هذا السؤال علي من تعرفهم من الرؤساء والزملاء والأصدقاء، وستتلقى إجابات غير صحيحة في ٩٠ % من الحالات. كل الشركات والمنظمات تعرف شعار (العميل علي حق دائماً), وترفع شعار (العميل أولاً) وللأسف الشديد فان الشعارين غير صحيحين.
لكي يكون العميل دائماً علي حق يجب أن يكون دائم الاطلاع علي المعلومات التي تهمه داخل الشركة، بحيث يبني مواقفه علي أسس صحيحة، وبما أن هناك معلومات تتعلق بمستقبل الشركة وموقفها التنافسي، فهناك معلومات لا يمكن الإفصاح عنها. هذا يعني أن العميل لا يكون علي حق، إلا بمقدار ما يتوافر له من معلومات. من ناحية أخري، فان كثيراُ من الشركات لا تستطيع تحديد العميل. عندما ننظر إلى الهياكل التنظيمية في المنظمات نجدها – في الغالب – تضع العميل في مؤخرة أولوياتها. كل الهياكل التنظيمية تبدأ برئيس مجلس الإدارة أو المدير العام في الصندوق الكبير علي القمة. يليه نوابه ومساعدوه ومستشاروه. تليه الفروع و الإدارات والأقسام الفنية والخدمية والإدارية. ضمن هذه الطبقة نجد إدارات التسويق والمبيعات وخدمة العملاء وقد تتأخر هذه الإدارات إلى المستوي التنظيمي الرابع وربما إلى الخامس. وأخيراً الجنود والرعايا الذين يقومون بكل الأعمال اليومية التي تضيف قيمة حقيقية لمنتجات الشرآة، ويؤدون كل الخدمات في أدني الهرم التنظيمي أو السلم الإداري.

الهرم الإداري الجيد

العملاء على القمة والإدارة هي القاعدة

كل الناس عملاء
هذا التنظيم المناقض للشعارات المرفوعة ناتج عن القصور المطلق في تحديد العملاء. التنظيم المطلوب هو الذي يقضي بأن كل الناس – بدون استثناء – عملاء، وهم قسمان:
عملاء خارجيون: أولئك الذين يشترون منتجاتنا وخدماتنا (المشترون) والذي يزودوننا بالمواد الخام والخدمات والخبرات (الموردون).
عملاء داخليون: أولئك الذين يعملون معنا ومن أجلنا: الموظفون والمستشارون والمرشدون والمروجون والأصدقاء الذين يتحدثون عنا.
معظم الشركات تعجز عن إدارة آلا النوعين من العملاء. فبينما تهتم شركات بالعملاء علي حساب الزملاء، فان نسبه قليلة تهتم بالزملاء علي حساب العملاء، ونسبة أقل تهتم بالعملاء والزملاء معاً. لكي نكون فعالين، علنا إن نعتبر كل الناس عملاء علي درجة واحدة من الأهمية. أفراد الأسرة عملاء في البيت،وأفراد المجتمع عملاء في الشارع، وأفراد المؤسسة عملاء في المكتب، والعملاء عملاء في السوق. يقول نائب الرئيس الأمريكي ( ال جور) في تقرير له بعنوان (من المعوقات إلى النتائج: بناء حكومة تعمل أفضل بتكاليف أقل) "يجب أن تركز حكومتنا علي خدمة عملائها. الناس لا يدركون أنهم عملاء للحكومة، وأن خدمتهم واجب عليهم ". بعض الحكومات تعتبر أفراد الشعب رعايا ومستهلكين، لا موارد بشرية ومنتجين. والشركة تعتبر الموظفين جزءاً من أملاكها، مع أنهم مالكوها، والموظفون يعتبرون العملاء الخارجيين مجرد مشترين عابرين، مع أنهم يدفعون مرتباتهم.
آم شركة في العالم أدرآت تأثير هيكلها التنظيمي علي إنتاجيتها ورآزت علي وضع العملاء الخارجيين أولا. لنتصور هيكلاً تنظيميا يبدأ بوضع (العملاء الخارجيين) علي قمة الهرم الإداري ، يليهم العاملون في التسويق والمبيعات والدعم الفني (الصف الأول من العملاء الداخليين) الذين يقومون علي خدمة العملاء الخارجيين. يليهم مديرو الإدارات الإنتاجية والوظيفية والذين يعملون علي خدمة ودعم (العملاء الداخليين) الذين يخدمون ( العملاء الخارجيين), حتى نصل إلى رئيس مجلس الإدارة وزملاءه الأعضاء لنجدهم قابعين في اسفل الهرم الإداري، يحملون زملائهم وعملائهم علي أكتافهم.

الاتصال .. الاتصال
الاتصال الفعال هو أهم نشاط إنساني علي الإطلاق حتى ليقال بان الإنسان حيوان يجيد كل أنواع الاتصال. الهرم الإداري الجديد الذي تحمسنا له يبقي شكلا بلا مضمون إذا لم يعكس روح الألفة والمحبة بين أفراد المنظمة، وينقل هذا الشعور بحيث يحس به كل عميل. فمهما أوتيت من ملكات الابتكار، ومهما صرخت بأعلى صوتك مطالبا الناس بالإنجاز، فلن يجدي ذلك نفعاُ، إذا ما انبعثت في أرجاء المنظمة مشاعر عدم الاهتمام. وهناك قول مشهور مؤداه:
"الناس لا يهتمون بماذا وكم تعرف، إذا لم يعرفوا أولا كم .. وبماذا تهتم." وهناك مجموعة من القواعد الذهبية التي تزيد من فعالية الاتصال داخل المنظمة ومنها :
جاهد لتجعل كل العاملين يعرفون كل التفاصيل. يقول الرئيس الأمريكي الأسبق (توماس جفرسون): " عندما تحجب المعلومات عن الناس فانك تحصل علي الإشاعات اللامبالاة والغضب "
- اجعل عملية الاتصال واضحة ومباشرة
- استخدم قنوات اتصال متعددة ولكن محددة
- اسأل الناس عن آرائهم ومواقفهم.
- قنن عمليات الاتصال الروتينية والمتكررة.
- افرط وبالغ في الاستمتاع إلى أقصي مدي محتمل.
في طريق الاتصال ذي الاتجاهين، تكون قناة الاستقبال اكثر نفعا من قناة الإرسال.

المصدر: سوزان سلفر