- في حينها كان الأمل ينظر من البعيد إلى برج القلعة حيث تشع القناديل بالعتمة بنظرات لم يأكلها الحزن ولم تكن لتتأثر ببلورات النور المتطايرة داخل أعماق الظل والعتمة، حيث مايزال يجول في عقله الكثير من النجوم التي تنير له طريق الخلاص من ملك الظلام. فإذا بصديقه اليأس يحنو على كتفه بوجهٍ ليلي كئيب رغم أن نظراته تحمل نوراً ولكنها متعفنة من طول انتظارها لرؤية شروق الشمس في السماء من جديد.
- مددت يدي إلى قلبي لأبعثر انتفاضة عشرات السنين فانتشلت من بينها حجراً كان عالقاً في حلق طعنة مخفية في مكان ما بداخلي ثم رميته على تلك العيون المنتشية بنار حقدها.. فأقوا بالحجر إلى الزوايا وراحوا يركلونه بنعال جنودهم ويسحقونه تحت جنازير دباباتهم ولم يكتفوا بذلك بل تقدموا .. تقدموا إلي ومروا من فوق طفولتي وداسوا على ورود أمي ومزقوا سماء بلادي بدخان سجائر وحشيتهم.
- وبعد صمت غريب عكره صوت ابتسامات السجين تكلم الحكيم بلهجة هادئة مع السجين وقال له: ألم تفكروا بالسلام؟ .. ألا يرغب قائدكم بهدنة تكون أماناً لنا ولكم؟ حسناً سنقبل بشروطه مهما كانت ، فقط دعوا أطفالنا يعيشون بسلام.. سنحافظ لك على حياتك وسنعيدك إلى قائدك على أن تقنعه أن لاسبيل للقتال وقد قبلنا كافة شروطه قبل أن يطرحها علينا..
وماإن فتحت أبواب الحصن ليخرج منها ذلك الرسول – السجين – حتى ركض ليعانق بذراعيه السماء وكأنها أجنحة طائر هرب للتو من قفصه وهو يصيح ويضحك ويغني للحرية.
- كانت تورق بجمال يثير أصوات ذكور العصافير عن دفء إناثها كلما اصفر خريف جديد في عمرها. ولكنها صماء لاتسمع كل النداءات التي تناشد جمالها مما جعل الجميع يعزفون عنها معتقدين أن جمالها يصنع في حياتها تكبراً عن كل الذكور.
في أحد الأيام التقت بشاب نظر إليها دون أن يحرك شفتيه .... إلا أنه اقتطع ورقة من دفتره وكتب عليها أحبك فابتسمت، مما جعل بقية الشباب يكتبون لها كل يوم رسائل على شرائط ملونة وأوراق الورد، ولكن خطوطهم كانت إما حادة الزوايا لتعقد حاجبيها، أو أنها ذات أحرف متداخلة لترتسم على وجهها علامات استغراب وحيرة، فجميع أصابعهم لم تستطع أن تكتب ببساطة خط ذلك الشاب.
- تقابلت مدينتان على ضفتي نهر متقابلتين، فقالت المدينة الأولى للثانية : كدنا أن نكون مدينة واحدة لولا هذا النهر.
فأجابتها المدينة الثانية: صحيح، فالنهر يمنع سكاننا من أن يلتقوا، فقالت ا؟لأولى: مارأيك أن نمد جسراً فوق النهر ليجتمع سكاننا وتختلط الأعراق وتمتزج الثقافات..
فابتسمت المدينة الثانية لفكرة الأولى وتم تشييد الجسر.
قالت المدينة الأولى للثانية : من يتذكر أننا كنا مدينتين؟؟
|