منذ تأسيسها قبل 23 عاماً استطاعت الفرقة النحاسية في "مشتى الحلو" أن تثبت حضورها وتترك بصمة مميزة بين أهالي المنطقة، من خلال مشاركتها الدائمة في المناسبات الوطنية والدينية وتنظيمها للمهرجانات التي تشهدها المنطقة، فضلاً عن اعتبارها مدرسة موسيقية تستقطب المواهب الشابة وتدعمها.

ظروف التأسيس

يستعرض "غسان ميخائيل" رئيس ومؤسس الفرقة النحاسية في "مشتى الحلو" في حديثه "لمدونة وطن" مراحل نشوء الفرقة التي بدأت كفكرة، أسستها بالاشتراك مع الدكتور "يعقوب جرجس"، ومع دراسة المعطيات والإصرار المتزامن بدعم المجتمع الأهلي استطاعوا تحويل هذه الفكرة إلى واقع، ليتم التأسيس عام 1999 وسميت الفرقة النحاسية "فرقة مراسم كنيسة مشتى الحلو" .

ويضيف "ميخائيل" : "في البدايات تمت الاستعانة بمدرب مختص بموسيقا الفرق النحاسية وآلاتها، وفق برنامج يعنى بتعلم قراءة النوط الموسيقية التي تضمنت بعض النوط البيزنطية، ومع تتالي الدورات المكثفة، استلمت تدريب الفرقة ابنتي "فيفيان" لمدة تتراوح 18 عاماً، وحالياً استلمت هذه المهمة "جيهان ميخائيل" و"كارول نصار" مع مساعدة بعض عناصر الفرقة لهما، ونقوم بشكل دوري بإنشاء دورات جديدة، حيث تتراوح أعمار الأعضاء من 11 حتى 35 عاماً، ويتراوح عدد الأعضاء حالياً بحدود 75 عضواً ينقص أو يزيد حسب ظروف الأعضاء، فمنهم من هاجر إلى الخارج، ومنهم من يلتزم بدراسته الجامعية".

هيكلية الفرقة

يشير "ميخائيل" إلى الآلات التي تستعملها الفرقة، وهي (الترمبيت، كورنيت، كلارينيت، بريتون، أوكوليس، سيكسفون، طبول، طنابر و صنيرات) ويلفت إلى خطة التطوير التي تسير عليها الفرقة إن كان من ناحية التكنيك الموسيقي أو الانتشار، من خلال المشاركة في معظم المناسبات الوطنية والدينية في المنطقة، فقد شاركت الفرقة في عدة مهرجانات منذ 2002، وتألقت في مهرجانات المشتى المتتالية، والمهرجان الذي شكل بصمة مهمة لنا تقديم موسيقا الرحابنة عام 2008، وتنظيم مهرجانات أخرى، وهناك خطط مستقبلية تهدف إلى تطوير الفرقة خلال السنوات القادمة إن أسعفتنا الظروف.

ويوضح مؤسس الفرقة، ان سيادة المتروبوليت "باسيليوس منصور" راعي أبرشية عكار وتوابعها للروم الأرثوذكس، يعد الداعم الأول للفرقة النحاسية في المشتى، بالإضافة إلى عرابين آخرين ترفع لهم القبعة لدورهم المعطاء، ولمجلس رعية "مشتى الحلو" أيضاً.

ويختتم "ميخائيل" حديثه بالتأكيد على دعم المجتمع الأهلي للفرقة، وثقة أهالي الأعضاء بالمشرفين عليها، فالموسيقا الراقية رسالة ومنهج ثقافي تربوي وأخلاقي، وعندما يدخل الطفل أو المراهق هذا العالم الراقي سينعكس إيجاباً على حياته ومجتمعه.

مهارات

تصفُ الشابة "لارا مراد" أحد أعضاء الفرقة النحاسية "لمدونة وطن" تجربتها منذ الطفولة في الفرقة النحاسية وتقول :"بدأت العزف في الفرقة النحاسية منذ عام 2000 وكان عمري آنذاك 13 عاماً".

تعزف "مراد" اليوم على آلة الطنبور، تعدُّ انتماءها للفرقة قد أتاح لها خلق جسر تواصل اجتماعي مع أعضاء الفرق النحاسية الأخرى في المهرجانات المشتركة، خلالها تعلمت العزف على آلة أحبتْها وقراءة النوط الموسيقية بدقة.

وتضيف: "اكتسبت مهارة القيادة لأنني أدرب الكشاف ما زاد من قدرتي على التنظيم وترتيب الأولويات، لأن الكشاف مسؤولية والتزام وأشجع الجيل الجديد على المشاركة التي من خلالها يعرف قيمة العمل الجماعي، كما يتعلم مهارات أخرى، والعزف على آلة موسيقية يعدُّ متعة بحد ذاته".

في السياق نفسه يرى "ابراهيم منصور" أحد المتابعين للفرقة ونشاطاتها، أن الفرقة تطورت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، وهي دوماً تستقطب وجوهاً جديدة ومتفاوتة الأعمار، وهذا مؤشر صحي من قبل الأهل والطفل، ودليل على مستوى إدارة الفرقة، فالتربية في مجتمعنا تتعرض للخطر، وكل تلوث تربوي وثقافي وموسيقي ينعكس كارثياً على هذا الجيل، خاصة مع موجة الفن الهابط التي تنتشر مؤخراً، والفرقة النحاسية خير نشاط لملء وقت فراغ الطفل أو المراهق، فضلاً عن المتعة في متابعة نشاطات الفرقة.