حدث دراماتيكي قاده للريشة الطائرة وشكّل مفصلاً حقيقياً في تطوير مهاراته الرياضية والتدريبية والإدارية لينشئ فرقاً ويبني حضور الريشة الطائرة في ملاعبنا والمحافل الدولية التي احتكر لاعبوه بطولاتها لسنوات عديدة.

علاقة أبوية جعلت منه مرجعاً لكل من تدربوا تحت إشرافه ورعايته -التي لم يكن لها سقف وحدود وفق آراء اللاعبين- ورؤيته التي جعلت الريشة الطائرة وعلومها هدفاً له اشتغل عليه ليثبت جدارته في مرحلة كانت فيها هذه الرياضة محطّ الاهتمام والرعاية ويقول: يوسف أبو منذر «تأسس الاتحاد السوري للريشة الطائرة عام 1985 ووجدت اسمي بين أعضاء الاتحاد السبعة حاولت الاستقالة لكن إدارة نادي الشرطة أجبرتني على الاستمرار وكلفت بمرافقة المدرب القادم من كوريا لبناء أساس اللعبة فنياً وهيكلياً، أنا في الأصل لاعب كرة قدم منذ بداية السبعينيات لأكثر من اثني عشر عاماً ولم تكن التفاصيل الإدارية تشغلني، لكن الظروف سارت بي إلى طريق حمل المتعة والشغف لمعرفة تفاصيلها بطولاتها وكل ما يقدم خبرة إضافية عنها».

بفضل تعبه أنجزنا بطولات جمهورية عديدة في فئة الفردي والزوجي والاختلاط وحتى في بطولات العرب كذلك الأمر في سنين كثيرة أحرزت المراكز الأولى عربياً، هو عمود من أعمدة اللعبة ومن مؤسسي هذه اللعبة في الجمهورية العربية السورية وله بصمات كبيرة

البداية حرضته على بذل جهود كبيرة لإدارة علاقته مع اللعبة واللاعبين وما لديه من فرص لمتابعتهم ودعمهم بطرق علمية صحيحة لتحقيق النجاح الذي حققه من خلال لاعبين شباب دربهم سنوات عديدة بمحبة وتضحية كبيرة دعمت وصول اللاعب السوري للمنافسة في المحافل الدولية، واحتكرت الفرق السورية بطولات عربية ودولية بما يزيد على ثمانية عشر عاماً.

يوسف أبو منذر ومتدربوه

يقول: «أعدُّ نفسي محظوظاً مع العلم أنني وإخوتي نشأنا في ظروف صعبة، أنا ابن طبقة فقيرة وقد ولّد سفر الوالد لتحصيل لقمة العيش معاناة كبيرة، وكانت المشاركة بجانب معين من الرياضة نوعاً من الترفيه ارتبط أيضاً بمعاناة وتعب كبيرين فقد كنت مضطراً للحصول على وظيفة بعمر مبكر ففي عام 1974 عملت مع نادي الشرطة، وأعدت دراسة الشهادة الثانوية بعدها سجلت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم الجغرافيا عام 1985 ومشت مسارات الحياة متوازية وسبق ذلك في عام 1983 أوفدت لألمانيا ونلت شهادة دبلوم في الرياضة».

"أبو منذر" جذبه عالم اللعبة الجميل وأخذ يبحث عن مصادر وكتب يطبع مع ناديه ويوزع منشورات ومعلومات للتثقيف، طوّر نفسه تدريبياً وكان الاهتمام كبيراً من قبل الجهات المختصة في تلك المرحلة وتمكن لاعبوه من احتكار البطولات على مدار ثمانية عشر عاماً استمر فيها مدرباً وكلف بتدريب المنتخب الوطني أكثر من مرة وعند اللعب عربياً ودولياً كانت النتائج جيدة وممتازة في أحيان كثيرة مثل بطولات قبرص تركيا وفي إيطاليا عام 1994 الأكثر تميزاً عندما حصل اللاعب "رشاد خانكان" على المركز الأول وكان حدثاً كبيراً، وتتابع النجاح والتميز في إيران ودورات المتوسط كمدرب ولاعب مرة عندما شارك لدعم المنتخب في بالي عام 1987، سنوات كان فيها دافع الاستمرار هواية وعشق وشغف لم ينته مع انتقاله للتدريب في الأردن عام 2006.

اللاعبون باسل الدرة وبسام عوض

ويضيف: «شهادة حق أقولها أن الريشة الطائرة في سورية نالت دعماً كبيراً واهتماماً باللاعبين كانوا لاعبين موظفين وهذا ما شجع على احتراف اللعبة، وتقديم كل ما لديهم من جهود ورفع مستوى التجاوب مع كادر التدريب وبذلك بقيت سورية متقدمة لسنوات على محيطها العربي في هذه اللعبة».

"أبو منذر" لم ينتقل لبلد آخر بسبب ضعف مقومات اللعبة في سورية على العكس من ذلك وكما أخبرنا ففي سورية نضجت اللعبة وكان حاضراً في عملية البناء لثلاثة أجيال كل جيل تطور وحصل على تراكم معرفي وتابع مع من سبقه، ويذكر ما بين عام 2000 و2004 لاعبين منهم "باسل الدرة" و"عمار عوض" و"وينال عبدالله" و"أحمد السواس" واسم كبير "رشاد خانكان" بطل بطولة إيطاليا الدولية وبطولات قبرص "طارق سلو" "نورس عبد الواحد" لكنه وافق على السفر لاختبار أماكن أخرى وتجربة جديدة وتجاوب مع عروض من الأردن ليتابع مشواره الرياضي ويحقق نقلة نوعية.

عن التجربة في التدريب خارج سورية التي يستمر بها حتى هذا التاريخ يقول: «في البداية لمست مشاعر التوجس بين اللاعبين لكنها لم تؤثر في طريقة التعاطي مع التدريب ورؤيتي لتنظيم استراتيجية جديدة للتدريب ولأنني عشقت اللعبة جهدت لقراءة كل النظريات من خلال ما عايشته من مراحل تدريبية في دول مختلفة كمتدرب تأثرت بها كنظريات وتجارب أحترمها وأعرف مزاياها لكنني لم أتبناها فأنا مع الكل لكن في التدريب كنت أختار الأنسب للظرف والبيئة التي أعمل بها وهذا بالضبط ما أشعر أنه ساعدني في تحقيق النجاح والرضا عن كل ما أقوم به، وعلى هذا الأساس أعطيت من الصلاحيات الكثير وكانت الثمار جيدة منها السنة الماضية في بطولة غرب آسيا بالبحرين ووصول لاعبيه للمراكز الأول والثاني بالبطولة وعلى مستوى الفئات العمرية حقق بصمة واضحة بالنسبة لواقع اللعبة في الأردن».

وفق اللاعب والمدرب حالياً "باسل الدرة" فهو مدرسة رياضية خرجت أبطال وبطلات ليس فقط مدرباً، بل كان أباً وأخاً وصديقاً للكل ولم يبخل بالدعم المادي أو المعنوي.

ويضيف: «كرس حياته للعبة كان همه بناء لاعبين ولاعبات على مستوى الجمهورية والعرب وحتى آسيا، عاش بالملعب فترة لا يمكن لأحد أن يجاريه بعدد الساعات التي كان يقضيها ضمن والملعب، كان مدرب نادي للشرطة ومدرب منتخب وطني وأنا لست لاعباً في نادي الشرطة وساندني وله فضل كبير برفع المستوى الفني لدي».

وعن الإنجازات يختتم "الدرة": «بفضل تعبه أنجزنا بطولات جمهورية عديدة في فئة الفردي والزوجي والاختلاط وحتى في بطولات العرب كذلك الأمر في سنين كثيرة أحرزت المراكز الأولى عربياً، هو عمود من أعمدة اللعبة ومن مؤسسي هذه اللعبة في الجمهورية العربية السورية وله بصمات كبيرة».

أخيراً ينسب "أبو منذر" تجاربه لعشق المغامرة والتجربة وحب الاطلاع فالمدرب الذي حضن لاعبيه بعطاء أبوي وهو من مواليد 1954 يقتدي بحديث مدرب ألماني نصحه ورفاقه بالقول في ختام إحدى الدورات أن كل ما قام بتدريسه من معلومات أنتج بمخابر سليمة وراقية لكن على الآخرين أن يدرسوا التربة ويختاروا النبات الذي زرع فيها حتى لا يتوقعوا نتائج أكبر من الممكنة، بالتالي فكل استراتيجيات المدرب مرهونة بالبيئة التي ينشأ بها الفريق وقدرة المدرب تتمثل باستنساخ أفضل النسخ وأنسبها لهذا الواقع.