أطفأ مهرجان التسوّق لذوي الاحتياجات الخاصة في "السويداء" شمعة دورته الثانية عشرة، التي شهدت فعاليات عملت على كسر عزلة المعوقين جسدياً واستثمار طاقاتهم الإنتاجية والفكرية والفنية ضمن أنشطة غنية، وبفترة زمنية تطورت بعدد الأيام من أسبوع إلى أسبوعين وبنوعية فعاليات كرست وجود المهرجان كنشاط سنوي غني ومتابع من قبل الشرائح كافة.

نافذة تسويقية

يقول "نزار شجاع" رئيس اللجنة الإدارية في "الجمعية السورية للمعوقين" وهو أحد المؤسسين، إن خصوصية المهرجان ميزةً وسمة كونه مخصصاً لشريحة تعدُّ جزءاً لا يتجزأ من المجتمع لها احتياجات وحقوق، وعليهم واجبات ولا بدّ من مشاركتهم مع المجتمع، والتعريف بما لديهم من طاقات ومواهب وأنشطة في هذا المهرجان الذي أطلقته الجمعية عام 2010 لتأسيس نافذة تسويقية لمنتجات المعوقين جسدياً، ومساحة لتقديم أعمالهم وفرصة للحوار والتوعية والدمج.

هذا السوق خلق نافذة للتسويق، ومن المهم أن يكون لهذه الشريحة سوق ومهرجان كان نواة لتلاقي المعوقين جسدياً، وبداية لأنشطة وفعاليات تطورت لتغطي كل الجوانب، لنتمكن من تعزيز مواهب الشباب وتحفيزهم للعمل والعطاء رغم الصعوبات، كي لا تكون الإعاقة عائقاً يمنعهم من كسب الرزق والعمل وتطوير طاقاتهم

ويضيف: «هذا العام أقامت الجمعية المهرجان الثاني عشر على التوالي، وتضمن سوقاً لمنتجات ذوي الهمم ومن صنع أياديهم، وشمل كل الأعمال اليدوية والمنظفات والخبز العربي والتحف والإكسسوارات وغيرها، وعلى هامش المهرجان، كانت هناك عدة أنشطة منها تكريم الرياضيين من ذوي الهمم وتقدير مشاركاتهم وما حققوا من نتائج مميزة، وتضمن اليوم الأدبي مشاركات أدبية راقية، واليوم الفني واليوم الصحي ويوم الطفل ويوم التوعية الاجتماعية ويوم الاكتفاء الذاتي ويوم التراث، وجميع هذه الأنشطة جرى تنفيذها بمشاركة فعالة من المنتسبين وأسرهم وشرائح داعمة للمهرجان، مما ساهم في نجاحه كنشاط سنوي نعوّل عليه لتعزيز حضور المعوق في المجتمع، ومساعدته للقيام بما عليه من واجبات وحقه بالعمل والحياة الكريمة والتعليم».

من أجواء مهرجان التسوّق

رغم الصعوبات

من اليوم الفني

بداية المهرجان كما يقول "شجاع" بدأت من البحث عن مكان لعرض منتجات المعوقين ولأسبوع فقط، وبسبب الإقبال والتشجيع تطور العمل من ناحية المكان المناسب والذي استقر الآن في بهو بلدية "السويداء"، ويمنح للمهرجان مجاناً مع كل التسهيلات، وعاماً بعد عام تطور العمل لتنويع النشاطات على هامش السوق، ورغم ظروف الحرب القاسية، استمر المهرجان بفضل فريق عمل منسجم ومتناغم ودعم الجهات الحكومية والأهلية والاجتماعية.

ويتابع حديثه: «المهرجان كوّن أسرة متحابة، وازداد عدد أفرادها وأعطى نموذجاً وقوة للآخرين وأخرج كثيراً من المعوقين من عزلتهم وأمّن فرصة عمل للكثير منهم، وخلق جواً مفعماً بالحب والعمل.. ورغم ضعف الدعم المادي الذي حال دون تغطية كل الأنشطة والأفكار، تمكّن الفريق من إيصال رسالة المهرجان للمجتمع الذي ساهم معنا بأيام المهرجان وعرضنا مواهب ذوي الهمم كما يليق بها وتم التكريم لعدد كبير منهم».

أنشطة وفعاليات

وعن أهم فعاليات هذا العام يقول "شجاع" : «أقيم المهرجان الثاني عشر لذوي الهمم تحت شعار من "صنع يدي"، وقد خصص فيه يوم لشرح أهمية عمل وإنتاج ذوي الهمم، وتم بمبادرة ودعم من مشروع "معاً للاكتفاء الذاتي" من قبل الدكتورة "ربيعة زحلان" والسيد "مناف الريشاني"، حيث تم دعم ثلاثة أشخاص لإقامة ثلاثة مشاريع إنتاجية لذوي الهمم، وبدوره فريق "غراس" للتنمية كان له حضوره الجميل معنا، عبر تقديم تقدير وهدية مادية لذوي الهمم الثلاثة أصحاب المشاريع، وتخلل اللقاء عدة فقرات فنية ومسرحية هادفة وحضور شخصيات داعمة».

ويضيف: «اليوم الثاني خصص للتوعية الاجتماعية تحت شعار "مجتمعي مسؤوليتي"، وبمشاركة فريق الشباب في جمعية تنظيم الأسرة، وطرح محور للنقاش حول أهمية الأسرة بالمجتمع، كما قامت جمعية تنظيم الأسرة بإدارة جلسة حوارية حول "أهمية الأسرة ودورها في التنشئة الاجتماعية"، والعوامل التي تبنى عليها الأسرة مثل الالتزام والتواصل الاجتماعي والتوافق الروحي والقدرة على مواجهة الضغوط النفسية، والتقدير والمحبة، إضافة لقضاء الوقت معاً، كما ناقش الحضور موضوع التماسك الأسرى، وتم عرض مسرحية بأسلوب مسرح خيال الظل حول هذا الموضوع، وجرى تخصيص يوم للطفولة، حيث اجتمع خمسة وخمسون طفلاً من ذوي الهمم والأصحاء في حالة دمج جميلة وهادفة، وغنوا ولعبوا ورقصوا، وقام فريق تنظيم الأسرة مشكوراً بتقديم فقرات وألعاب هادفة وتقديم مسرح الظل، وإجراء مسابقات ثم قام فريق الجمعية بزيارة الأطفال المرضى في قسم الأطفال في المستشفى الوطني وقدم لهم الهدايا متمنين لهم الشفاء العاجل».

ويشير "شجاع" إلى تنظيم اليوم الفني، وتنوعت المواهب المشاركة فيه بين عزف وغناء ومسرح بحضور الفنان "سمير وزير" والفنان "رفعت بو عساف"، وبمشاركة كل من "تامر شلغين" "ريدان الزاقوت" "ماهر العلي" سيف نعيم" "إخلاص الغريزي" "سلمى عزام" "حسان شقير" "وسام الباسط" "حسين مهنا" "أماني مرداس" مايا عبيد" "سمير الوزير" "حنان أبو عجرم" "سالم الخطيب" "عمر الصالح" ومواهب مميزة من ذوي الهمم.

كما أقيم اليوم التعليمي تحت شعار (علمك سلاحك)، وتم تكريم الطلاب من ذوي الهمم ممن نالوا الشهادة الثانوية والإعدادية، وتمت هذه الفعاليات بحضور شخصيات متابعة لعمل الجمعية وكل في مجاله إلى جانب هيئات المجتمع وأصحاب الشركات والفعاليات الذين قدموا هدايا ودعم للمشاركين وهذا دليل اهتمام المجتمع ودعمه للمهرجان والسوق الذي يخلق فرصة عمل إلى جانب الفعاليات الهادفة.

لقاء عمل

"منير فهد" أحد المنتسبين للجمعية ومن أقدم المشاركين بالمعرض بإنتاج مناحله من العسل يقول: «هذا السوق خلق نافذة للتسويق، ومن المهم أن يكون لهذه الشريحة سوق ومهرجان كان نواة لتلاقي المعوقين جسدياً، وبداية لأنشطة وفعاليات تطورت لتغطي كل الجوانب، لنتمكن من تعزيز مواهب الشباب وتحفيزهم للعمل والعطاء رغم الصعوبات، كي لا تكون الإعاقة عائقاً يمنعهم من كسب الرزق والعمل وتطوير طاقاتهم».

"إخلاص الغريزي" إحدى المشاركات تقول: «منذ تسع سنوات باشرت بالعرض من خلال هذا السوق، وقد عرف عملي وانتشرت حرفتي من خلاله، وأنا اليوم أشارك بعدة معارض.. المهرجان بكل ما تضمنه أصبح موسماً سنوياً نلتقي بإخوة وأحبة نتشارك ساعات جميلة حوّلتنا لعائلة واحدة، نتشارك على مساعدة الأطفال والشباب والكبار مهما كان نوع الإعاقة لتصبح الحياة أكثر بهجة وجمالاً».