تأثرت الفنانة التشكيلية الطبيبة "فيفيان جبور" بالمدرستين الواقعية والسريالية مقدمةً لوحات صادقة تعبر في بعضها عن عوالم مستوحاة بشخوصها وقصصها من الواقع وتاركةً في أخرى بصمة دخانية خاصة بها.

من الموهبة إلى الاحتراف

مدوّنة وطن تواصلت مع الفنانة التشكيلية د. "فيفيان جبور" والتي قالت: «ظهرت موهبتي الفنية منذ الصغر.. في بداية مشواري بدأت أرتاد معهد "صبحي شعيب" للفنون الجميلة بشكل متكرر، واستمريت في ذلك حتى أثناء دراستي الجامعية للطب البشري في جامعة "البعث"، كان بناؤنا الجامعي مشتركاً مع كلية العمارة، كنت أجد نفسي دائماً برفقة طلاب العمارة وفي مراسمهم وكنت أشارك معهم في المعارض التي ينظمونها.. وبعد انتقالي إلى مدينة "طرطوس" انضممت لمجموعة "أورنينا" للفنون الجميلة مع باقة من الفنانات بتوجيه من الفنان التشكيلي "جورج شمعون"، وبقيت معهم مدة ثلاث سنوات تقريباً، بعدها أحسست أن الفن يناديني لأقدم الأكثر والأجمل، عندها بدأت العمل بمفردي على إقامة معرضي الفردي الأول بعنوان "دخان راقص"، والذي استغرق مني عملاً لمدة حوالي السنة ونصف السنة وكان ثمرة جميلة لسنوات مضت».

أذكر جيداً عندما بدأت بفترة اختصاص الجراحة العينية ومسكت مشرط العمليات، كان الطبيب المشرف يقول إن يدي ثابتة وكأنني أرسم أثناء إجرائي للجراحة العينية، فموهبة الرسم تعدّت الورق والألوان لتمتد إلى الجراحات التي أجريها

ثنائية الطب والفن

تزاول الفنانة الطبيبة "جبور" عملها في مهنة طب العيون، وتمارس في الوقت نفسه موهبتها في رسم اللوحات التشكيلية وحول ذلك تقول: «دائماً ما وجدت طريقة للتوفيق بين دراستي أو عملي كطبيبة جراحة عينية، وبين موهبتي في الرسم الذي يشكل بالنسبة لي فسحة الأمل والبهجة بين كل شيء آخر أعيشه، وفي السنوات الأخيرة وفي ظل انشغالي بممارستي لمهنتي ودوري كأم لأربعة أطفال أصبح الوقت المخصص للرسم في نهاية اليوم بعد انتهاء كل الواجبات الأخرى، لذا أقول أنني طبيبة صباحاً وفنانة تشكيلية مساءً».

لوحة "الصرخة"

وتتابع بقولها: «أذكر جيداً عندما بدأت بفترة اختصاص الجراحة العينية ومسكت مشرط العمليات، كان الطبيب المشرف يقول إن يدي ثابتة وكأنني أرسم أثناء إجرائي للجراحة العينية، فموهبة الرسم تعدّت الورق والألوان لتمتد إلى الجراحات التي أجريها».

مشاركات متنوعة

حول مشاركاتها تقول: «شاركت في العديد من المعارض الجماعية في عدد من المحافظات السورية أحدثها، معارض "من مجاني الإبداع" في "طرطوس"، "ألواح تتكلم" في "دمشق" دار الأوبرا، "لا للعنف" في "طرطوس" عام 2019، كما شاركت في عدد من المعارض التكريمية للشخصيات الفنية في "طرطوس" و"دمشق" التي نظمها الفنان والناقد التشكيلي والمؤرخ الموسيقي "أديب مخزوم"، منها "طرطوس تحتفي بجبران" عام 2018، "تكريم الفنان والناقد الفني "أديب مخزوم" عام 2019، معرض "ذاكرة وطن" لتكريم الفنانة التشكيلية "سوسن جمال"، وآخر بعنوان "ذاكرة وطن لتكريم الفنان التشكيلي "علي الكفري" عام 2019، ومعرض لتكريم الفنانة التشكيلية "ليلى رزوق" عام 2020، كما شاركت في عدد من المعارض الجماعية الافتراضية، منها معرض "معاً ضد كورونا"، بتنظيم من موقع اتحاد "الفنانين العرب"، معرض "مبدعون من أجل السلام والمحبة والجمال" بتنظيم من اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين فرع "طرطوس"».

رسم رقمي للطفل "فواز قطيفان"

الفن نافذة الروح

من إحدى مشاركاتها

وتتابع الفنانة "جبور" التي أصبحت عضواً في اتحاد الفنانين التشكيليين فرع "طرطوس" عام 2020 بالقول: «أشارك منذ انتسابي للاتحاد في المعارض التي يقيمها، وحالياً أحضر لمعرض فردي جديد بروح جديدة، وأعدُّ الفن رسالة ونافذة الروح تتجلى فيها الأفكار والمشاعر بالطريقة الأبهى، أعمالي كما قال عدد من متابعيها "فيها روح"، أي أنني عندما أرسم لا بدّ أن أشعر بروح اللوحة، لا أقبل أن تكون مجرد لوحة وألوان.. رسمت للقضية الفلسطينية وللوحدة الإنسانية، رسمت لدعم جيشنا السوري الباسل، وكل حالة فيها مشاعر إنسانية تدفعني للرسم، مؤخراً رسمت بطريقة الرسم الرقمي لوحة لدعم الطفل المختطف "فواز القطيفان"».

تقنيات وموضوعات متعددة

ترسم الفنانة د. "جبور" بالعديد من التقنيات وتحدثنا عنها بقولها: «أحب التقنيات إلى قلبي الألوان الزيتية لأنني أحس بالدفء عند استخدامها، أحس بالأصالة، لا ألتزم بمدرسة فنية واحدة لكن لوحاتي فيها الكثير من المدرستين الواقعية والسريالية، حاولت أن أكوّن لنفسي بصمة خاصة بحيث أن من يرى أي عمل من أعمالي سيعلم أنه لي دون توقيع، وتتنوع موضوعات لوحاتي ففيها الأنثى بكل حالاتها، وفيها العشق للكتب والشموع وكل ما هو جميل كالورود والعيون».

رأي نقدي

من جهته "أديب مخزوم" فنان تشكيلي وناقد ومؤرخ موسيقي يقول: «تجسد الفنانة التشكيلية د. "فيفيان جبور" في لوحاتها الكتب القديمة، المرأة، الآلات، النوتة الموسيقية، الشمعدان، الشمعة المشتعلة، والكتل المتكونة من ذوبانها، والمحبرة وريشة الطائر التي كانت تستخدم في كتابة المخطوطات القديمة وغيرها، وتركز لإظهار الخيوط الدخانية المتصاعدة من هذه العناصر على شكل وجه أو حركة راقصة أو طير أو سلم موسيقي وغير ذلك، كما تمنح أشكالها أجواء التعتيق أو البعد الزمني، وتركز لإظهار أدق درجات الدقة في الرسم والتلوين الواقعي، واقعية سحرية أو واقعية قصوى، بينما تبدو العناصر المرسومة على هيئة دخان متصاعد، أقرب إلى الصياغة الخيالية والرمزية والتعبيرية المبسطة والمختصرة».

ويتابع حول مشاركاتها بقوله: «التشكيلية د. "فيفيان جبور" المختصة في طب جراحة العيون لم يمنع عملها اليومي في عيادتها بـ"طرطوس"، عشقها المزمن والأبدي للفن والثقافة، ولوحاتها تفرض على المشاهدين نوعاً من الواقعية الشديدة الوضوح والبروز، وهذه الحقيقة نلمسها حين نتأمل الكتب والمخطوطات التي تجسدها وتمنحها ألوانها الحقيقية، التي تبدو قادمة من عمق الأزمنة، والتحدي يكمن في محاولة رسم هذه المشاهد والعناصر بواقعيتها السحرية أو القصوى التي تميزت بها، وكانت في مراحل سابقة قد شاركت بمعرض "ألواح تتكلم" تحت إشراف الفنان "جورج شمعون"، حيث جسدت النحت بالرسم وأعطت ألواحها الإحساس الحجري، واستعادت أجواء بعض المنحوتات السورية القديمة، التي تبدو كأنها قادمة من العصور الغابرة في فجر التاريخ، فكانت هذه التجربة بمنزلة ردة فعل عفوية ضد محاولات تخريب وسرقة وتهريب الآثار السورية في مرحلة الحروب والأهوال، وبذلك ساهمت في إلقاء بعض الأضواء على تلك الكنوز الأثرية السورية، التي لا مثيل لها في كل تاريخ البشرية القديم والحديث، وكان الهدف التنبيه إلى ضرورة اعتماد الطرق الأكثر حداثة في خطوات ترميم وحماية الآثار».‏‏‏

نشير إلى أنّ الفنانة التشكيلية د. "فيفيان جبور" ولدت في مدينة "حمص" عام 1983، حاصلة على بورد سوري في الجراحة العينية تدرس حالياً العلاج النفسي بطريقة الرسم، وحاصلة على عدة شهادات تكريم لمشاركاتها في معارض فنية عدة.