ألوان حارة وأخرى باردة تتركز على سطح لوحاتها لتشكل لنا مدرسة جديدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بدمشق المدينة واللون، هي ألوان "رولى" التي تسكن روحها.
موقع "eDamascus" كان له فرصة اللقاء مع الفنان التشكيلي "سعد القاسم" ليحدثنا عن تجربة "قوتلي" الوحشية في الفن التشكيلي، قائلاً: «نشأت موهبة "رولى قوتلي" التشكيلية في منزل دمشقي مملوء بالإبداع حيث درست الموسيقا والفن التشكيلي دراسة أكاديمية وبذلت جهداً شخصياً كبيراً للاطلاع على تجارب فنية مختلفة وهو ما يمكن اكتشاف أثره في لوحاتها بشكل عام وخاصةً بمراقبة خط التطور فيها خلال السنوات العشرة الأخيرة وبشكل أكثر وضوحاً منذ عام 1995 وحتى الآن».
فلوحاتي التي أنجزها هي أشبه بالرسم البدائي إلى حد ما، فقد اعتبرت "المدرسة الوحشية" أن ما يزيد من تفاصيل العمل عند رسم الأشكال إنما هو ضار للعمل الفني وخاصةً أن رائد هذه المدرسة الفنان "هنري ماتيس" الذي استخدم عناصر زخرفية إسلامية في لوحاته مثل "الأرابيسك" أي "الزخرفة النباتية الإسلامية"
ويضيف "القاسم": «هي ملونة قديرة ومتمكنة، أعمالها يمكن إرجاعها إلى الفترة التي بدأ فيها الفن العربي الحديث يبحث عن شيء جديد في الشكل والموضوع ووجد ذلك في الشرق كما في تجربة "ماتيس" الذي يعتبر الأب الروحي للفن الحديث في أوروبا والغرب، فأخذت "رولى" المنطق نفسه واعتمدت الألوان في محيطها والجمال الكامن في الأشياء البسيطة المألوفة حولها، تفردت لوحاتها بالتطور الحاصل في مفاهيمها اللونية، وفي البداية كان من الممكن أن ترى ألواناً تشبه ما استخدمه "فنانو المدرسة الوحشية"، ألواناً صارخة حارة صريحة استمرت حاضرة في تجربة "رولى" مرتقبة في الوقت ذاته طريق نضج مستمر تجلى خلال السنوات الأخيرة بصياغة لونية جديدة لأجل عالم لوني غني متناغم على درجة عالية من السحر والإمتاع».
أما الفنان التشكيلي "كمال صالح" الذي هو متابع لمعارض "رولى" كان معجباً بفكرة موضوعات لوحاتها الوحشية، قال: «لقد فوجئت، بأول معرض لـ "رولى"، فهي فنانة تشكيلية ولديها جرأة جميلة جداً واستطاعت أن تعطينا فكرة عن أعمال فترة العشرينيات والثلاثينيات بالقرن العشرين من خلال معارضها، فتراها أحياناً تمزج ألواناً ليست منسجمة مع بعضها لكنها ضمن اللوحة الواحدة تعطي اتجاهاً رائعاً بالكل وهنا صعوبة هذا العمل وإن كان لا يتناسب مع المكان وهذه الطريقة بالرسم أعتبرها من الطرق الإبداعية والصعبة وبنفس الوقت تحمل جمالية خاصة وعندما تنظر إلى أي لوحة من لوحات "رولى" تندمج بها وبألوانها وطريقة التشكيل التي تأخذك إلى عالم آخر، وأكثر شيء يلفت نظري الطاقة التعبيرية الموجودة لدى الفنانة، فهي تحاول أن تجسد من خلال اللون أشكالا تعطي انطباعاً واقعياً ضمن تصوره ورؤيته الفنية».
وعن بدايات "رولى قوتلي" بالفن التشكيلي بشكل عام حدثتنا قائلةً: «أحببت الرسم في سن مبكرة، وبتشجيع من والدي الدكتور "محمد نبيل القوتلي" ومن والدتي "هالة مهايني" أستاذة في كلية الفنون الجميلة ومن مركز "أدهم إسماعيل" للفنون التشكيلية الذي أغنى ميولي الفنية، وتعلمت الفن التشكيلي على يد أستاذي "ألفرد حتمال" الذي اكتشف موهبتي وأخذ بيدي مشجعاً وعندما قاربت الرابعة عشرة من عمري تأكدت بأن مستقبلي لن يكون منفصلاً عن موهبتي وولعي بالرسم».
وتابعت "رولى": «بدأ طريقي الفني بشكل مدروس بعد تخرجي في كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصميم الداخلي عام 1995 باستخدام اللونين الأسود والأبيض وبدأت التركيز على الضوء والظل وتظليل المساحات الضوئية وأبعادها لأنتقل للتواصل مع الفراغ الحار فأغنيت الفكرة باستخدام تلك الألوان للوصول إلى التطور في مفاهيمها اللونية، واعتمدت على صيغ لونية جديدة خلقت منها عالماً متناغماً على درجة عالية من السحر والإبداع، وهذا الفكر ينتمي إلى المدرسة "الوحشية" وهو اتجاه فني قام على التقاليد التي سبقته، وركزت على الضوء المتجانس والبناء المسطح فكانت سطوح الألوان تتآلف دون استخدام الظل والنور، أي دون استخدام القيم اللونية، فقد اعتمدت على الشدة اللونية بطبقة واحدة من اللون وهو أسلوب التبسيط في الأشكال المعتمدة في المدرسة».
وأشارت "رولى": « فلوحاتي التي أنجزها هي أشبه بالرسم البدائي إلى حد ما، فقد اعتبرت "المدرسة الوحشية" أن ما يزيد من تفاصيل العمل عند رسم الأشكال إنما هو ضار للعمل الفني وخاصةً أن رائد هذه المدرسة الفنان "هنري ماتيس" الذي استخدم عناصر زخرفية إسلامية في لوحاته مثل "الأرابيسك" أي "الزخرفة النباتية الإسلامية"».
وأضافت "قوتلي": «من خلال مشاركتي في أعمال ترميم في حي "القيمرية" في "دمشق" القديمة وجدت نفسي قادرة على التعبير عما يدور خلف جدران البيوت الدمشقية القديمة، فنشأت علاقة حميمة مع مفردات البيت الدمشقي، فالحنين للتراث امتزج مع كل ذرة شكلتها بمجملها ألق البيت العربي وقد ظهر ذلك جلياً بأعمال قدمتها وأنا بعيدة عن "سورية ودمشق" بالأخص».
والجدير بالذكر أن "رولى قوتلي" تخرجت في كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصميم الداخلي عام 1995 ومن المعهد العالي للموسيقا كعازفة على آلة البيانو عام 1997، وشاركت "رولى" في ورشة عمل رسم في "غرناطة"، والتحقت بكلية "هيرون للفنون" حيث تلقت محاضرات في الدراسات العليا في فنون رسم قصص الأطفال، وهنا تفوقت بين أقرانها ببساطة ما قدمته من رسم اتجهت به إلى الواقعية، والتحقت بدورة تدريبية لتعلم الرسم على الزجاج المعشق في "الولايات المتحدة الأمريكية"، وهي عضو في نقابة الفنون الجميلة وعضو جمعية رسامين ومؤلفين كتب الأطفال في "الولايات المتحدة الأمريكية"، ومن المعارض التي قدمتها، المعرض الفردي الأول في مركز الدراسات الفرنسية بدمشق عام 1998، ومعرض "دمشق" السنوي 2004، ولديها مشاركة في معارض جماعية في "أمريكا"، ومعرض الشباب في خان "أسعد باشا"، ومعرضها الأخير الذي أقيم في ثقافي "أبو رمانة" بعنوان "الضوء يملأ المكان".