استمر الكابتن "جميل الأعسر" حتى الخامسة والثلاثين في لعب كرة القدم، ودرّب فرق الرجال دون غيرها، واكتشف مهارات اللاعبين ووطن مراكزهم، وحسّن فكرة الانتماء الرياضي إلى النادي، وصعد بناديه إلى الدرجة الثانية مرات عدة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الكابتن الرياضي "جميل مصطفى الأعسر" بتاريخ 29 تموز 2016، وهو لاعب ومدرّب سابق من دون شهادات أكاديمية في "نادي بانياس الرياضي"، وهي حالة قلما نراها، مع إنجازات رياضية منها تغيير ترتيب النادي، والصعود إلى الدرجة الثانية، إضافة إلى مسيرة رياضية يُجمِع الرياضيون على ذكرها الطيب، حيث قال: «الرياضة بوجه عام تواصل اجتماعي وحياة متجددة، وهذا ما أحققه حالياً من خلال الجري اليومي على الكورنيش البحري، وهو ما جعلني أتمتع بلياقة بدنية عالية، إضافة إلى أنها حالة من تفريغ الطاقة الكامنة التي تختزن بداخلي، فهي بالنسبة لي متعة أتعاطاها بمحبة دائمة، ولا يمكن أن يمر يوم من دون رياضة، حتى لا أشعر بالموت السريري، وتجدر الملاحظة هنا أنه لا يمكن الشعور بقيمة الرياضة إلا بعد أن يبدأ الإنسان فقدان الصحة تدريجياً مع تقدم العمر».

كان الكابتن "جميل" يتبع سياسة الاجتماعية خلال اللعب، أي قبل كل مباراة يحادث اللاعبين ويتحسس مشكلاتهم وهمومهم لتبسيطها وصولاً إلى تحفيز طاقة اللاعب الرياضية بحسب مركزه وقدراته الرياضية؛ وهو ما انعكس إيجاباً على النتائج الرياضية التي حققها

وعن البدايات، قال: «في بداية ممارستي لكرة القدم كان المدرب يدفعنا إلى الجري يومياً، وكنا نتذمّر، وبعد مدة أدركنا أهمية الجري في لعبة كرة القدم، حيث كان حلمي تقديم الكثير للرياضة وكرة القدم بوجه خاص، ولكن المقومات الرياضية في مدينتي الصغيرة "بانياس" ضعيفة جداً، فلا ملاعب ولا استثمارات تدعم اللاعبين من أجل التخصص والاحتراف، وهو الأمر الذي أطال مدة لعبي كلاعب حتى الخامسة والثلاثين من عمري، حيث توجهت بعدها إلى التدريب الفطري المعتمد على الموهبة، ومن خلال التدريب اكتشفت الكثير من الأمور التي كنت أراها كلاعب أساسية، ومنها توفير مقومات الرياضة كالنادي والاستثمارات الرياضية لمصلحة النادي، وعليه بدأت أطالب خلال المؤتمرات بها».

الكابتن أحمد الضائع

ومما سبق نرى أن الكابتن "جميل" يملك فكراً خاصاً تجاه الرياضة، لذلك كان لابد من التعمق في الحقيقة للوصول إلى ذاك الفكر، وهنا كان الجواب في حديثه بالقول: «الرياضة المدرسية سابقاً كانت جديرة بكل الاحترام؛ لأنها كانت الرديف الأهم والخزان البشري لتقديم وصناعة اللاعبين، وعلى سبيل المثال كانت مدرسة "ابن خلدون" رديفاً أساسياً لـ"نادي بانياس الرياضي"، بل هي ولادة الموهوبين، على عكس أيامنا هذه؛ فأطفالنا اليوم والأجيال القادمة مظلومة من حيث توفر أماكن اللعب وتفريغ الطاقات الرياضية، فلا ملاعب تجمعهم ولا رياضة مدرسية، بل أمامهم الشوارع الإسفلتية فقط».

ويتابع: «المقرّ ضروري للنادي لكسب اهتمام الأسرة تجاهه وإرسال الأبناء للتدريب، إضافة إلى الاستثمارات لتقديم الدعم للاعبين من لباس وغيره، ففي المقر تمارس الألعاب الرياضية المختلفة والأحاديث الرياضية ويجتمع اللاعبون، وهذا بحد ذاته اجتماعية نحن نفقدها في رياضتنا، وفقدانها يهدد الرياضة في المدينة، لذلك كنت أطالب به في المؤتمرات الرياضية دائماً، لكن من دون جدوى».

الدكتور والرياضي بسام صبح

ركز الكابتن "جميل" في مسيرته الرياضية على العلاقات الاجتماعية؛ لأنها السبيل للوصول إلى رياضة حقيقية نافعة، وهنا قال: «تسلمت إدارة "نادي بانياس الرياضي" عدة دورات، لما قدمته له من خبرة وما اكتسبته من محبة فيه، حيث كان اللاعبون يجمعون على قبولي كمدرب لهم، والسبب طبيعة العلاقات الاجتماعية التي أسستها فيه، والتي نالت رضا الجميع، ومنها انطلقت إلى أهمية تكريس روح الجماعة في اللعب، وكانت من أبرز النتائج تغير ترتيب النادي نحو الأفضل بين بقية نوادي المحافظة، حيث صنف من أفضل نوادي المحافظة بعد "نادي الساحل"، كما ساهمت بتغيير مفهوم الانتماء إلى النادي».

ويؤكد الكابتن "جميل" فكرة أن المدرب لا يصنع اللاعب وإنما يكتشفه؛ لأن الموهبة تخلق مع اللاعب وعلى المدرب صقلها، ويتابع: «ضمن الفريق نرى لاعبين فقط أو ثلاثة جديرين بمراكزهم، وبقية اللاعبين مجهزين تماماً للعب الكرة تسعين دقيقة؛ أي إن الفريق يعتمد على اثنين فقط للفوز، والبقية للمحافظة على الإنجاز، لذلك حاولت التركيز على فئة الرجال دون بقية الفئات، على الرغم من أن تدريبهم أمر حساس جداً، وعليه صعدت بالنادي إلى الدرجة الثانية في أحد أدوار الإياب على الرغم من صعوبة المباريات مع أقوى الفرق السورية، وهي كانت بصمة لي في حياة النادي».

الكابتن جميل الأعسر

ويضيف: «لقد منحت النادي وكرة القدم عمري، لأن التدريب مهمة صعبة جداً، فلدى المدرّب عشرون لاعباً من مختلف المستويات العقلية والسلوكية والمهنية، لذلك يجب أن أكون على مستوى عالٍ من الإدراك والحرفية بالتعامل والفهم، فكنت أنا أحلل شخصية كل لاعب وأصنع له دراسة خاصة، لمعرفة نقاط الضعف والقوة لديه، وحتى الغوص في المشكلات الاجتماعية والهموم الأسرية لمعرفة إمكانية التوصل إلى حلها».

وفي لقاء مع الكابتن الرياضي "أحمد الضائع"، قال: «كان الكابتن "جميل" يتبع سياسة الاجتماعية خلال اللعب، أي قبل كل مباراة يحادث اللاعبين ويتحسس مشكلاتهم وهمومهم لتبسيطها وصولاً إلى تحفيز طاقة اللاعب الرياضية بحسب مركزه وقدراته الرياضية؛ وهو ما انعكس إيجاباً على النتائج الرياضية التي حققها».

أما الرياضي الدكتور "بسام صبح"، فقال: «الكابتن "جميل" من خيرة الرياضيين في المدينة، بما امتلكه من خبره وموهبة، كما أنه تميز بجداول تدريبية استباقية لكل لاعب بحسب مهاراته وقدراته الرياضية، وعليه ساهمت بتحسين وتوطين واكتشاف مراكز اللاعبين الرجال ضمن الفريق، وأذكر أنه في إحدى مباريات كأس الجمهورية صعد بفضل هذا النوع من التدريب والترتيب والتكتيك إلى دور الثمانية عام 2009-2010».

يشار إلى أن الكابتن "جميل الأعسر" من مواليد مدينة "بانياس"، عام 1962.