مقومات جسدية امتلكتها كلاعبة كاراتيه، فكانت محفزة لها ولمدربها لاستثمارها رياضياً بعد قولبتها، لتحصل على بطولة المحافظة ومن ثم تتوج بطلة الجمهورية ثلاث مرات متتالية، وأصبحت نموذجاً لتشجيع الرياضة الأنثوية في مدينتها.

مشاركة لاعبة الكاراتيه "صبا حسن" عن فئة تحت سن ستة عشر عاماً وتحت وزن أربعة وخمسين كيلوغراماً، كان مناسباً لبنيتها الجسدية وعمرها الصغير، لكن هذا لم يمنعها من متابعة تحصيلها العلمي، بل تفوقها على حدّ قولها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 كانون الأول 2015، وتقول: «أمارس الرياضة منذ خمس سنوات، ونجاحي في هذا المجال كان له الأثر الإيجابي في تفوقي العلمي، حيث أعطتني الرياضة الدافع الحقيقي للانسجام مع التحصيل الدراسي، فكنت فيه المتفوقة، لأنها ساهمت بتحفيز قدراتي العقلية ونشطت ذهنيتي أكثر مما كانت عليه، فأنا أرى في الرياضة العامة رياضة عقلية تحريضية تنشيطية، وهو الأمر الذي مكنني من محاكاة الكثير من الأمور العلمية بسرعة وعقلانية وبديهية جيدة، حتى على مستوى تنشيط الذاكرة وقت الحاجة».

في البداية كنت الفتاة الوحيدة بين اثنين وعشرين شاباً، وهذا أخجلني للوهلة الأولى، لكن تشجيع زملائي الشباب في اللعبة ودعمهم لي أعطاني الكثير من الدفع، وللعلم لم أشعر معهم يوماً بالتحدي، بل كانوا كإخوة لي، منحوني من خبرتهم الكثير

وعن بداياتها الرياضية تقول: «في بداية ممارستي للعبة الكاراتيه واجهتني الكثير من العقبات؛ أهمها النظرة التشاؤمية من قبل المجتمع والبيئة المحيطة بي لممارستي كأنثى لهذه الرياضة العنيفة، لكن أسرتي كانت إلى جانبي، فحصلت منها على الحافز والتشجيع، وأخذ بيدي مدرّبي الكابتن "علي مصطفى" فمنحني من خبرته الكثير، حيث إن إقامتي بعيدة عن مكان التدريب، لكن تعاون إدارة "نادي مصفاة بانياس" وتأمين النقل لي، سهل عليّ متابعة التدريب منذ البداية، حيث منحوني الثقة، وكنت حريصة أشد الحرص على المحافظة على تلك الثقة، فتوجتها بالعديد من المراكز الأولى المحلية وعلى مستوى الجمهورية».

اللاعبة صبا خلال التدريب الذاتي

وتضيف: «في البداية كنت الفتاة الوحيدة بين اثنين وعشرين شاباً، وهذا أخجلني للوهلة الأولى، لكن تشجيع زملائي الشباب في اللعبة ودعمهم لي أعطاني الكثير من الدفع، وللعلم لم أشعر معهم يوماً بالتحدي، بل كانوا كإخوة لي، منحوني من خبرتهم الكثير».

عندما تكون المنافسة قوية وفيها أسماء لاعبين يعدّون قامات في بطولة الكاراتيه، يزداد الإصرار لدى اللاعبة "صبا" وكأنها حصلت على جرعة قوة، وهذا حافز لتحقيق أهدافها بالتتويج بالمركز الأول ببطولات متعددة؛ ومنها كما أوضحتها بالقول: «أول بطولة شاركت فيها على مستوى المحافظة، حصلت على المركز الأول لفئة تحت الستة عشر عاماً تحت وزن أربعة وخمسين كيلوغراماً، وبعدها توجت بالمركز الأول على مستوى الجمهورية، وكنت وفية لهذا المركز واستحوذت عليه لبطولتين إضافيتين وحتى الآن.

اللاعب علي برهوم وإلى يمينه الكابتن علي مصطفى واللاعب محمد حسن

آخر بطولة شاركت فيها كانت بتاريخ 2 أيلول 2015، تحت عنوان: "الأولمبياد الوطني الثاني للناشئين"، وحصلت فيها على المركز الأول عن فئة تحت الستة عشر عاماً تحت الأربعة وخمسين كيلوغراماً، كما شاركت ببطولة غرب آسيا في ماليزيا، وكانت أول بطولة خارجية أشارك فيها، وهذا يعدّ إنجازاً على الصعيد الرياضي برأي المختصين، على الرغم من عدم حصولي على مركز».

وفي لقاء مع اللاعب "علي برهوم" من "نادي مصفاة بانياس"، عن "صبا" يقول: «لقد كان لوجود اللاعبة "صبا" الأثر الكبير في تحفيزي الرياضي وتفوقي في بعض الأحيان، فمن البداية كانت المشجع لي بروحها الرياضية، وهذا ساهم بإظهار طاقات رياضية كامنة لدي، لم تكن تظهر لولا أنها أنثى تشاطرني ذات اللعبة الرياضية، وذلك لكونها أقدم مني في النادي، فكنا نذهب معاً إلى التدريب ونعود معاً، حتى أصبحنا رفاق درب واحد، إضافة إلى تميزها بالالتزام والقوة البدنية وقوة الطموح والإرادة».

بطلة الجمهورية صبا حسن

أما الكابتن "علي مصطفى" مدرب لاعبة الكاراتيه "صبا"، ورئيس اللجنة الفنية في الاتحاد الرياضي في "طرطوس"، فيقول عنها: «ما تمتعت به اللاعبة "صبا" من مقومات ذلّل الكثير من الصعوبات، وأهمها النقل الذي وفرته إدارة النادي لها، كما أن مشاركتها على مستوى مدينة "بانياس" ساهمت بتشجيع الرياضة الأنثوية، فكانت حافزاً للكثيرات لتنمية مهارتهن والخوض في غمار الرياضة بمختلف اختصاصاتها».

ويتابع: «أنا أرى فيها حالة فريدة من نوعها، وذلك بالاعتماد على المقومات التي امتلكتها، ومنها الطول المناسب للذراعين والقدمين، وانسجامها مع طول القامة، إضافة إلى اهتمامها وأسرتها ومتابعتها التدريب المتواصل في أصعب الظروف، ومنها الظروف الأنثوية، وهذا أيضاً كان حافزاً لتشجيع شقيقها لينمي ويستثمر مهاراته وطاقاته الرياضية، بالتوازي مع أحد المعارف في القرية ذاتها».

يضيف الكابتن "علي": «المقومات التي امتلكتها اللاعبة "صبا" والإنجازات التي حققتها، كانت كفيلة بدخولها المنتخب الوطني، وتمثيله في بطولة "غرب آسيا"، ومجمل هذا شجع وساهم بإطلاق الرياضة الأنثوية في مدينة "بانياس"، فتمكنت من تخطي حاجز الخجل بكل جدارة، لأنها لم تكن تنظر إلى جنس الخصم كذكر أم أنثى، بل كانت ترى فيه هدفاً يجب التغلب عليه واجتيازه بقوة».

يذكر أن اللاعبة "صبا حسن" من مواليد عام 2000، في قرية "العريضة" قطاع قرية "الصليب" شمال مدينة "بانياس".