من خط الانطلاق تبصر الدرّاجة "رجاء" خط النهاية ومراحل التتويج وتتجهز لها، لم تشارك ببطولة إلا وكانت على المنصات الأولى؛ لامتلاكها قدرة تحمّل أذهلت المهتمين ورفعت ناديها إلى الدرجة الأولى.

وفي لقاء مع الدراجة "رجاء فؤاد وردة" في منزل أسرتها بمدينة "بانياس" تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 تموز 2015، عن سرّ اهتمامها برياضة الدراجات الهوائية، فقالت: «رافقتني هذه الرياضة من عمر سبع سنوات، عندما اقتحمت محبة الدرّاجات الهوائية حياتي بطريقة مختلفة عما كنت أشعر به سابقاً، وحينها تم توجيهي إلى التمرن في "نادي مصفاة بانياس"، وبدأت التمرين بمساعدة المدرب "أبو العبد الزير"، وهذا كله بمساعدة أسرتي وخاصة أمي المشجع الأول لي.

تميزت الدراجة "رجاء" بقدراتها الجيدة على التحمل، وتمكنت من توظيف هذه القدرة في اختصار الوقت والزمن والمنافسة، إضافة إلى حبها لرياضة الدراجات، وهو الأمر الذي مكنها من تحقيق بطولة العرب في عدة منافسات

وبعد عام ونصف العام تقريباً كانت لي أول مشاركة ضمن بطولة المراكز في محافظة "حماة"، وحصلت على المركز الحادي عشر على مستوى "سورية"، وهذا بحد ذاته بلور محبتي وحفزني على تقديم المزيد، لا بل زاد من تصميمي وأشعرني بأن حلمي سيتحقق، وعزيمتي في الطريق السليم».

الدراجة رجاء وردة بعد الانتهاء من إحدى البطولات

على الرغم من صغر عمرها كانت على قدر التحدي الذي أوكل إليها، فشاركت ببطولات معتمدة على ما تملكه من مقومات نفسية وجسدية، وهنا قالت: «بعد البطولة الأولى شاركت ببطولة أقيمت في محافظة "اللاذقية" وحصلت فيها على المركز السادس، ومنهم من قال لي إنني صغيرة على تحقيق إنجاز رياضي، غير مدركين أنني أمتلك قدرة تحمّل لا يمكن تصورها.

وفعلاً باشرت التدريب المتواصل واليومي بإشراف مدربي في مضمار النادي، لحوالي ثلاث ساعات يومياً، مع صديقتي الدراجة "رمق العص" التي كانت تسهل عليّ الكثير من الأمور العائلية فيما يخص فترات التدريب والتأخر وغيرها، وبعدها شاركت ببطولة الجمهورية وحصلت على المركز الأول، على الرغم من المنافسة القوية جداً من قبل نخبة دراجي "سورية"، وحينها بدأت اختبارات انتقاء لاعبي المنتخب، وكنت حينها في الصف الأول الثانوي».

أثناء تكريمها

وتتابع: «بدأنا تصفيات العشرة الأوائل للمشاركة بالمنتخب الوطني، وحينها كان ترتيبي بين الستة الأوائل، وشاركت بمعسكر مغلق استمر لثلاثة أشهر في "دمشق"، لتصفية الأفضل والحصول على ست لاعبات فقط، وتدربنا بعدها للمشاركة ببطولة "الإمارات" عام 2003، وخلال المشاركة حصلت على المركز الثالث فردي، وضمن تصنيف الفرق حصلنا على المركز الأول، وفي عام 2004 تم التحضير لبطولة "الجزائر" ضمن معسكر مغلق في "دمشق"، وفيها حصلت على المركز الأول فردي، والأول تصنيف ضد ساعة، وعقبتها المشاركة ببطولة "الأردن"، وحصلت على المركز الأول والميدالية الذهبية، وحينها أصبحت في "البكلوريا" وتوقفت عن اللعب لفترة وصلت إلى خمس سنوات وأكثر، وجميع هذه الإنجازات سجلت لمصلحة "نادي مصفاة بانياس" لانتمائي إليه، فترفع إلى الدرجة الأولى».

أسرار متعددة ومترابطة كانت الحامل الأساسي لهذه الإنجازات الرياضية التي حققتها الدراجة "رجاء"، وعنها قالت: «قدرة تحمل ضغوط التعب والإرهاق، والرغبة بتحقيق شيء يسجل في تاريخي الرياضي والاجتماعي؛ خلق لدي حالة من التصميم على التمرين اليومي المتواصل صباحاً ومساءً، ولمسافات طويلة كانت تزيد على 100 كيلومتر أحياناً، وهذا كان غير عادي باعتراف بعض المهتمين والمدربين».

الدراجة حلا عبود

الدراجة "رجاء" تزوجت وأنجبت طفلين وانفصلت عن زوجها، ولكن هذا لم يكبح شغفها بالدراجات، وهنا قالت: «بعد بطولة "الجزائر" تزوجت وحصلت على مكرمة وظيفة من السيد رئيس الجمهورية، ومن حوالي العام ونصف العام تقريباً اتصل أحدهم من إدارة "نادي مصفاة بانياس"، وطلب مني العودة إلى الفريق لمساعدته بالعودة إلى الدرجة الأولى بعد أن تراجع إلى الدرجة الثانية، وفعلاً بعد تدريب لمدة أسبوع فقط، شاركت ببطولة أقيمت في مدينة "بانياس" عام 2013 على ما أعتقد، بمشاركة لاعبي المنتخب، وحصلت على المركز الثالث فردي، وهذا انعكس على تصنيف الفريق فترفع النادي إلى الدرجة الأولى، وهنا توليت تدريب الفريق لتأسيس قواعد يعتمد عليها في المستقبل.

وفي هذه المشاركة وللمرة الأولى ينتابني الخوف من عدم تحقيق مركز لأنني انقطعت عن اللعب لفترة طويلة، ولكن التصميم على تحقيق المركز كان شعاري، عززه مرافقة ولديّ ومتابعة نظراتهما لكل مرحلة، وهو ما منحني الطاقة التحفيزية الإضافية لتحقيق التقدم».

في المعسكرات المغلقة نظام يطبق بدقة، قالت عن انعكاساته: «فيما يخص التدريب فهو يسير بدقة، وهذا مهم جداً للحصول على فترات الراحة المناسبة، كما يمكن خلالها التعرف إلى قواعد هذه الرياضة الفنية والإدارية والتنظيمية، أما بالنسبة للغذاء فليس لتنظيمه أي علاقة من وجهة نظري، لكن نوعيته أمر مهم، حيث وخلال كل معسكر نتناول ثلاث وجبات نظامية خلال اليوم، يسمح لنا بتناول الخبز في وجبة الإفطار فيها، أما في بقية الوجبات فنعتمد على الأرز والمواد البروتينية والنشوية».

هذا التاريخ الرياضي الحافل لم يخلُ مما يمكن تسميته إعجازاً، قالت عنه: «في إحدى المشاركات وخلال مرحلة الانطلاق، أصاب الدراجة عطل، وهو ما اضطرني للتوقف لصيانتها، وهذا أدى إلى تقدم اللاعبين لمسافات طويلة جداً تتجاوز 2كم، وبعد إصلاحها انطلقت بسرعة كبيرة، وحينها أتذكر أنني لم أكن أرى أمامي سوى خط النهاية وتتويجي وفق مركز متقدم، وفعلاً حققت المركز الثاني، وأصاب الذهول الجميع لقدرة التحمل التي أبديتها والقدرات التي أظهرتها».

وفي لقاء مع الدراجة "حلا عبود" قالت: «تميزت الدراجة "رجاء" بقدراتها الجيدة على التحمل، وتمكنت من توظيف هذه القدرة في اختصار الوقت والزمن والمنافسة، إضافة إلى حبها لرياضة الدراجات، وهو الأمر الذي مكنها من تحقيق بطولة العرب في عدة منافسات».

يشار إلى أن الدراجة "رجاء وردة" من مواليد عام 1987 في مدينة "بانياس".