سلك طريقاً شائكاً منذ البداية، ومن بين يديه تخرج أبطال كبار، خمسة وأربعون عاماً في ميادين الرياضة قضاها ومازال "اللاعب، المدرب، الحكم".

مدونة وطن "eSyria" التقى المدرب "أحمد درغلي" في "قاعة تدريب الكاراتيه" في "الصالة الرياضية" بمدينة "طرطوس" بتاريخ 14 آذار 2014، متحدثاً عن تاريخه وحاضره في رياضة الكاراتيه، حيث يقول: «لعبت "الكاراتيه" وفق طريقة مدرسة "كوكوشونكاي" لمدة خمس سنوات، ثو تحولت إلى مدرسة "شوتوكان" -وهي إضافة إلى مدارس أخرى في الكاراتيه تتبع إلى الاتحاد الدولي للكاراتيه- وشاركت في أول بطولة في صالة الفيحاء ضمن فئة الناشئين، وأذكر من الأسماء المشاركة حينها: "بشير حوّا، سمير جمعة، محمد محمد، محمد بخيل، مسلم رحمة،..."».

من ملاعب التراب، من الغرف الصغيرة وباحات المدارس نشأ "أحمد درغلي"، وانطلق بجيل كامل من لاعبي الكاراتيه، واليوم يدرب أبناءهم، هو من أقدر المدربين في محافظة "طرطوس"، ومن الرياضيين الذين قاسوا وعانوا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم

بعدها شارك "درغلي" في بطولة "العمال" بـ"حلب" لفئة الشباب، واقترب في معظم البطولات التي شارك فيها من المراتب الأولى لكن عدم وجود مدرب يتابعه حرمه من الوصول إلى قمة التتويج: «من هنا أدخل في الحديث إلى مدى المعاناة التي كنت أصطدم بها في سعيي للحصول على "حركة جديدة" في أسلوب قتال "الكارتيه"، فما بالك في برامج تدريب ومحاولة الحصول على خبرة متقدمة، سواء كان الأمر يتعلق بشح المعلومات التي يمكن من خلالها التعرف على الجديد في عالم الكاراتيه، أم في تحفظ أصحاب الخبرة حين ذاك في منح معلوماتهم للمتدربين الجدد، عدا أن المستويات المتطورة في "الكاراتيه" كانت محصورة في محافظات "دمشق، حلب، والقنيطرة"، وبدوري كنت أسافر إلى "دمشق واللاذقية" كل فترة للحصول على حركات جديدة في "الكاتا" لأعود وأعطيها للمتدربين الجدد في "طرطوس"، الذين كنت أدربهم في ظروف قاسية مقارنة مع ما هو موجود الآن، سواء بتدريبهم أرضيات "ترابية" وعلى "الزفت، والإسمنت"، وصولاً إلى الركض لمسافات بعيدة باتجاه "صافيتا"، حيث أدربهم طوال النهار ومن ثم نعود عند المغيب ركضاً إلى مدينة "طرطوس"، وكذلك باتجاه منطقة "أبوعفصة، والحميدية"».

الأستاذ "أحمد درغلي" خلال تدريبه للاعبي الكارتيه في "الصالة الرياضية" المركزية

قضى هذه المرحلة بطولها وهو يلعب "الكاراتيه" كلاعب أو مدرب باعتبارها هواية دون مقابل مادي وعلى حسابه الشخصي، حباً بها كرياضة ورغبة منه في تطويرها ضمن محافظته ليصنع جيل المستقبل من لاعبي الكاراتيه بـ"طرطوس": «تعلمت في ذلك الوقت من مدربين أوائل كنت أزورهم في اللاذقية "محمد نجار، غسان فيزو، سعيد ماوردي"، وإلى "حمص" عند المدرب "عمر عاتقة"، وبرفقة المدرب "محمد عرب" القادم إلى "طرطوس" من "حلب" حصلنا على المرتبة الثالثة في بطولة "عمال سورية" في "اللاذقية" في حدود عام 1986، وفي ذلك الوقت كانت "الكاراتيه" في طرطوس موزعة بين "طرطوس وبانياس"، فكنت أذهب إلى بانياس لألتقي لاعبي الكاراتيه هناك "نادر ومحمد الشيخ خميس، سمير العص، وعلي الأعسر وعقل شما"، وبالنسبة إلي فقد كنت حينها أحمل درجة "الحزام البني"».

واظب "درغلي" في هذه الفترة على السفر إلى "دمشق" لإجراء دورات في التدريب والتحكيم: «كنت أعود إلى طرطوس لتدريب الكاراتيه في "قاعة للتدريب" في "الملعب البلدي"، إلى أن أخذت منا القاعة لمصلحة "كشافة الشبيبة" بعكس السبب المعلن بأنها لـ"نادي الرماية"، بعد ذلك وبمساعي الأستاذ المرحوم "ماهر كيلاني" رئيس فرع الاتحاد الرياضي بطرطوس، حصلنا على هذه القاعة التي أدرب فيها اليوم، وكان أخي "محمد درغلي" كذلك يدرب فيها الكاراتيه، بدأنا وقتها استقبال الراغبين في التدرب "رجال شباب ناشئين، وأشبال"، والتحضير للمشاركة في البطولات. ظهرت لدي عدة وجوه شابة شاركت من خلالها استحقاقات الجمهورية "للكاراتية" من أمثال: "ياسر شربا، محمود درغلي، يحيى العتر،.." أيام الصالة القديمة في الملعب البلدي، في حين كانت بطولة "حلب" آخر مشاركة فعلية بالنسبة إلي في البطولات، واجهت حينها بطل آسيا "محمد نور شمسي"، لكني دفعت ثمن انطلاق "الكاراتيه" بطرطوس وعدم وجود مدربين، وحتى أدنى المعلومات والتجهيزات اللازمة للتدريب، كانت التضحية ثمناً باهظاً لكل شيء استطعت الوصول إليه، لهذا اتجهت إلى التدريب وإعداد جيل جديد يحقق ما لم أحققه في زماني».

الأستاذ "أحمد درغلي" خلال تحكيمه في إحدى بطولات الجمهورية للكاراتيه

يعود الأستاذ "أحمد درغلي" إلى البدايات فيقول: «قبل عام 1975 كانت الكاراتيه تمارس في المدارس مثل "عقبة بن نافع، ومصطفى خلوف، وغياث أحمد" بالتعاون مع الشبيبة وعن طريق بعض اللاعبين أمثال: "حسن الكفروني، أحمد حنونة، نضال بيروتي، عيسى محمد،...". وفي عام 1975 جاء المدرب اللبناني "عبد السلام ياسين" إلى طرطوس بمساعدة الأستاذ "فايز أحمد" وتم افتتاح مركز لتدريب "كاراتيه كيوشناي"، حيث التحق به عدد من اللاعبين أمثال "جمال نابلسي، نديم خلوف"، ونفس اللاعبين السابقين إضافة إليّ.

بعد ذهاب المدرب اللبناني استمر المدربان "جمال النابلسي وعاطف علي" بتدريب المجموعة، ثم جاء المدرب "أحمد الحلبي" الذي كان يعمل مساعداً في الشرطة وقام باستقدام المدرب "فاضل الراضي" من "دمشق" على فترات متقطعة لنشر لعبة الكاراتيه ضمن عناصر الشرطة وحفظ النظام، ومنذ ذلك الوقت بدأت وتابعت مسيرتي الرياضية كلاعب، ومن ثم كمدرب حتى هذه الحظة».

المدرب "أحمد درغلي" خلال حديثه "لمدونة وطن"

الأستاذ "محمود درغلي" رئيس "لجنة منتخبات سورية للكاراتيه" وأحد تلامذة المدرب "أحمد درغلي" تحدث عن مدربه بالقول: «اليوم وبجهود جماعية صار يحسب حساب "لكاراتيه طرطوس"، عبر توليفة جمعت الجهد الذي بذله الأستاذ "أحمد" وبعض زملائه المدربين عبر تاريخهم، حيث انطلقنا باتجاه الأرياف عبر مدربين كانوا طلاباً لديه وأنا منهم، والهدف الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من لاعبي الكارتيه لاكتشاف المواهب، ولذلك تجد أينما ذهبت في "طرطوس" طلاباً وأبطالاً كانوا يوماً تلامذة الأستاذ "أحمد درغلي" في "الكاراتيه"، عدا دوره الكبير في التحكيم، وتحكيمه لبطولات مهمة وحساسة خلال مسيرته الرياضية، كذلك إشرافه على "معسكرات الصاعقة" لطلاب الثانوية».

في اتصال هاتفي تحدث الأستاذ "باسم رحال" مسؤول سابق عن "مكتب الألعاب الفردية" في "الاتحاد الرياضي العام في طرطوس"، وهو من الجيل الرياضي الذي ينتمي إليه الأستاذ "أحمد درغلي"، حيث قال: «من ملاعب التراب، من الغرف الصغيرة وباحات المدارس نشأ "أحمد درغلي"، وانطلق بجيل كامل من لاعبي الكاراتيه، واليوم يدرب أبناءهم، هو من أقدر المدربين في محافظة "طرطوس"، ومن الرياضيين الذين قاسوا وعانوا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم».