حضاراتٌ كثيرة قامت في جبال الساحل السّوري، والشّاهد عليها ما خلّفته من آثارٍ متنوّعة، أبرزها المدافن العائلية القديمة التي تعود إلى فتراتٍ زمنيّة مختلفة ومنها مدفن "النيحا" في ريف "الشيخ بدر" في محافظة "طرطوس".

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 تشرين الأول 2019 مع "بسام وطفة" رئيس قسم التنقيب في دائرة آثار "طرطوس" ليحدثنا عن موقع المدفن وكيفيّة اكتشافه فقال: «تتبع قرية "النيحا" إلى منطقة "الشيخ بدر"، حيث تقع في الجهة الشماليّة الشرقية منها، وتبعد عنها ما يقدّر بحوالي 8 كيلومترات، أمّا المدفن فهو موجود ضمن جرف صخري يقع في أرض زراعيّة قريبة من البيوت السّكنيّة لأهالي القرية، وبناءً على المعلومات التي وردت إلينا من قبل محافظ "طرطوس" عن وجود مغارة أثريّة في القرية، قمنا في شعبة التنقيب بإجراء الكشف الفوري اللازم، حيث تبيّن وجود مدفن جماعي منحوت في الصّخر الكلسي الطّبيعي، وفيه عمود منحوت بالصّخر أيضاً و5 قناطر، والمدفن مملوءٌ بالرّدميّات وبحاجة إلى الكشف الفوري والسّريع، وقد تمّ اتّخاذ كلّ الإجراءات اللازمة لأعمال التّنقيب والكشف وتأمين الحراسة اللّازمة للموقع، وبالفعل بدأت عمليّات التّنقيب بدءاً من إزالة الرّدميّات من المدخل المحفور في الصّخر من الجهة الغربيّة لبواّبة المدفن، واستمرّت الأعمال حتى انتهاء تنظيفه من الرّدميّات المتراكمة».

تتبع قرية "النيحا" إلى منطقة "الشيخ بدر"، حيث تقع في الجهة الشماليّة الشرقية منها، وتبعد عنها ما يقدّر بحوالي 8 كيلومترات، أمّا المدفن فهو موجود ضمن جرف صخري يقع في أرض زراعيّة قريبة من البيوت السّكنيّة لأهالي القرية، وبناءً على المعلومات التي وردت إلينا من قبل محافظ "طرطوس" عن وجود مغارة أثريّة في القرية، قمنا في شعبة التنقيب بإجراء الكشف الفوري اللازم، حيث تبيّن وجود مدفن جماعي منحوت في الصّخر الكلسي الطّبيعي، وفيه عمود منحوت بالصّخر أيضاً و5 قناطر، والمدفن مملوءٌ بالرّدميّات وبحاجة إلى الكشف الفوري والسّريع، وقد تمّ اتّخاذ كلّ الإجراءات اللازمة لأعمال التّنقيب والكشف وتأمين الحراسة اللّازمة للموقع، وبالفعل بدأت عمليّات التّنقيب بدءاً من إزالة الرّدميّات من المدخل المحفور في الصّخر من الجهة الغربيّة لبواّبة المدفن، واستمرّت الأعمال حتى انتهاء تنظيفه من الرّدميّات المتراكمة

وعن وصف المدفن يكمل القول: «بعد إزالة الرّدميّات تمّ الكشف عن مدفن جماعي منحوت في الصّخر، يقوم في وسطه عمود محفور من أصل الصّخرة ذات الشكل الدائري المزيّن بخطوط طولانيّة مائلة وغائرة، له تاج بسيط سماكته لا تتجاوز السبع سنتيمترات، ويتقدّم المدفن مدخل محفور في الصّخر يمتد بطول 5 أمتار تقريباً، قد تبيّن أنّ هذا المدخل كان عبارة عن قناة مائيّة مغطاة بالحجارة، ولم يعثر إلا على حجرة واحدة منها، ويبلغ ارتفاع القناة 90 سنتيمتراً وعرضها يتراوح بين 40 إلى 45 سنتيمتراً، ويلي المدخل باب المدفن الذي ينفتح على بهو يتوزّع حوله أحد عشر معزباً تتوضع ضمن 5 قناطر، فإلى الجهة اليمينيّة للداخل قنطرة ثمّ العمود ثمّ قنطرة أخرى باتّجاه شرق غرب كل منها يضمّ معزبين، ويقابلها قنطرتين مناظرتين لهما في الجهة اليساريّة للداخل وبالاتّجاه نفسه وبعدد وأبعاد المعازب، كما توجد قنطرة أخرى في الجهة المقابلة للبوّابة وهي أكبر من القناطر السّابقة، تضمّ 3 معازب تتّجه باتّجاه شرق غرب وبمقاييس المعازب الساّبقة نفسها، ومن الملاحظ أنّ المعازب ترتفع بمقدار يتراوح بين 75 إلى 85 سنتيمتراً، وارتفاع المدفن الأعظمي يبلغ 175 سنتيمتراً، أيضاً لاحظنا خلال العمل وجود ثقوب في أسفل كل معزب، اتّضح أنها لتصريف المياه إلى البهو ومنه إلى القناة الأماميّة الموجودة في المدخل، وقد وجدنا أيضاً بعض الكتابات اللّاتينيّة على الجدار الشّمالي الّذي يفصل بين القنطرتين اليساريّتين، كما يوجد رسم سمكة على الجهة الشّماليّة الدّاخليّة للمدفن، بالإضافة إلى مجموعة من السّرج الفخاريّة، وثلاث قطع نقديّة برونزيّة، ومجموعة من الخرز وصليب مالطي، وبشكل عام أعمالنا اقتصرت على إزالة الرّدميّات من المدفن ويبدو واضحاً أنّه تعرّض للنهب في فترات سابقة».

بسام وطفة رئيس شعبة التنقيب

المدرّس "محمد أحمد" من أهالي ريف "الشيخ بدر" والذي زار مدفن "النيحا" أكثر من مرّة إضافةً إلى غيره من المدافن يقول: «منطقتنا بشكل عام تعدُّ من المناطق التي شهدت حياةً بشريةً منذ العصور القديمة، وما يشهد على هذا الآثار التي تكثر في المنطقة واللّقى التي تمّ العثور عليها والعائدة إلى فترات تاريخيّة متنوّعة، أيضاً المدافن القديمة والتّي تعرف بـ(النّواغيص)، وهي تختلف عن بعضها باختلاف الفترات الزمنيّة الّتي تعود لها، والحقيقة أنّني اعتدت على زيارة المدافن التي أسمع عنها في أرياف "طرطوس" و"الدريكيش" و"الشيخ بدر" و"القدموس"، لشغفي للتعرف على آثار الحضارات الّتي مرّت على هذه الأرض، والتقاط الصّور لحفظها ضمن مجموعة صور خاصة أنشأتها بهدف توثيقها وإطلاع أبنائي وأصدقائي عليها، ومن أبرزها مدفن "النيحا" وهو من المدافن المميزة التي زرتها، وهنا أدعو الجمعيّات الأهليّة والمنصّات الإعلاميّة المتنوّعة إلى تسليط الضوء عليه وعلى غيره من المدافن لتشكّل مع ما يحيط بها من مناطق طبيعيّة قبلةً للسياحة الدّاخليّة البيئيّة خاصّةً».

يذكر أنّ مدفن "النيحا" يعود إلى الفترة البيزنطيّة، وقد بدأت أعمال التنقيب للكشف عنه في العام 2005 وانتهت عام 2006.