حجارة ضخمة جداً شيدت بأفضل الأساليب والطرق والمعدات الخاصة بفن العمارة في أواخر القرن الثاني الميلادي، لتشكل معبد الإله "زيوس" "بيت خيخي"، الذي يعد إعجازاً معمارياً متميزاً.

فمعبد الإله "زيوس" "بيت خيخي" أو "بيت سيسي" الذي يبعد عن مدينة "صافيتا" حوالي ثلاثين كيلومتراً باتجاه الشرق، يتبع لناحية "سبة" بحسب حديث الأستاذ "بسام وطفة" رئيس شعبة التنقيب في "دائرة آثار طرطوس"، ويتابع لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 تشرين الأول 2014: «يقع المعبد على السفح الشمالي الغربي لجبل النبي "صالح"، ويرتفع عن سطح البحر نحو 700 متر، ويعتقد أن تسميته بـ"حصن سليمان" ربما كانت مرتبطة بمعجزة البناء، نظراً لضخامة حجارته التي ليست من صنع البشر، وإنما من صنع الجان، ولكن هذا الاعتقاد يبقى ضمن إطار التخيل والتخمين، وليس حسب الدلائل التي تشير إلى استخدام أفضل الأساليب والطرق والمعدات الخاصة بفن العمارة الذي نفذ الحصن من خلالها.

لقد أدت العوامل الطبيعية والبشرية إلى تهدم قسم من سور المعبد والهيكل ورواق البوابة الرئيسية، وإلى تغيير في المعالم الداخلية للسويات الأرضية، لذلك من الصعب حالياً القيام بأي أعمال ترميم في المعبد، قبل أن تتم أعمال الكشف الأثري لحجارة المعبد وإزالة الردميات، لذلك بدأنا بعملية الكشف الأثري لتحديد السويات وترحيل الردميات، وقد أعطت أعمال الكشف الأثري السابقة بعض النتائج، حيث تم العثور على ثلاث ليرات ذهبية من الفترة الفاطمية، كتب عليها: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن علياً ولي الله". إضافة إلى أساور فضية ومجموعة من القطع النقدية البرونزية من الفترة الرومانية، وقسم من حجارة السور والأدراج المؤدية إلى الهيكل المركزي، وبعض حجارته التي كانت مدفونة

وفيما يخص التسمية ففي ذلك إشارة إلى وجود جذور كنعانية، لأنه ربما كان يقوم في ذاك الموقع معبد للإله "بعل" إله الطقس عند الكنعانيين والموازي للإله "زيوس" عند اليونان، وقد خصص للإله اليوناني "زيوس" رغم بنائه في العهد الروماني، أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث الميلادي، في عهد الأباطرة السوريين من الأسرة السيفيرية عام 193-235 ميلادي، فهناك كتابة تتضمن الرسائل التي وجهها القيصر "فالير يانوس" عام 253-260 ميلادي والقيصر "غالينوس" 260-268 ميلادي إلى بعض الشخصيات، وتوصي هذه الرسائل حاكم الولاية باحترام الامتيازات التي منحها الملوك السلوقيون الأقدمون لهذا المعبد، كما أن هناك رسالة أخرى موجهة من الملك "أنطيوخوس" إلى حاكم الولاية وفيها تعد قرية "بيت خيخي" أو "بيت سيسي" وقفاً للمعبد، كما أن الإيرادات المتوافرة من هذا المعبد ومن هذا الوقف تصرف على تقديم الذبائح شهرياً للمعبد، وتعفى قرية "بيت سيسي" من دفع الضرائب للدولة، ويتمتع المعبد بحق حماية كل من يلجأ إليه، وتعقد سوق تجارية مرة كل شهر حول المعبد».

الأستاذ بسام وطفة

والمعبد يتألف من سور شبه مستطيل، وهنا يقول الأستاذ "بسام": «يمتد هذا السور شمال جنوب بطول 134 متراً، وعرض خمسة وثمانين متراً، ويزيد عرضه في الربع الأخير من الجهة الغربية ثلاثة أمتار بطول حوالي عشرين متراً.

وبني المعبد من حجارة كلسية منحوتة ضخمة جداً، يبلغ طول بعضها نحو ثمانية أمتار، وسماكتها نحو مترين وارتفاعها نحو ثلاثة أمتار، وتم بناؤها بطريقة التعشيق والتدرج على مداميك قاعدية أصغر حجماً، وخاصة في الضلع الشمالي، وهنا يجب الإشارة إلى أن للحصن أربع بوابات في كل ضلع بوابة تقوم في نقطة المنتصف، وتتوافق مع الجهات الرئيسة الأربع، حيث تقع البوابة الرئيسية في الضلع الشمالي، وإلى جوارها مدخلان جانبيان يميني ويساري، وبنيت البوابات الأربع بأسلوب نحتي متدرج منفتح باتجاه الخارج، وكذلك العتبات والواجهات، وزينت برسوم هندسية ونباتية وآدمية نحتية بديعة، وفي سقف كل منها باستثناء البوابة الجنوبية المزالة نحتت لوحة مستطيلة الشكل مؤطرة تحمل زخارف ورسوماً».

البوابة الرئيسية للمعبد

أما بالنسبة للهيكل فيقول المهندس "مروان حسن" رئيس الدائرة: «يتربع الهيكل فوق قاعدة صخرية وسط الصحن، وهو مؤلف من طابقين مفتوح باتجاه الشمال، كان مسقوفاً بشكل "جملون" قبل أن يهدم.

يبدأ الهيكل بدرج عريض مؤلف من ست درجات مع متكئات حجرية جانبية، ثم ينقسم إلى قسمين جانبيين بينهما فاصل يؤديان إلى مصطبة عريضة واسعة ومبلطة بحجر من القطع الكبير المنحوت، تتفرع عنها أرضية حجرية مبلطة في البوابة الشرقية قسم منها أزيل، كذلك يتفرع عنها درج مؤلف من أربع درجات مع متكآت جانبية أزيل قسم منها، ويؤدي هذا الدرج إلى أرضية حجرية مبلطة، كانت تشكل المستوى الأساسي لأرضية الصحن، وقد بقي قسم منها.

الحجارة الضخمة للسور

ويلي المصطبة المذكورة درج ذو متكآت متدرجة، تتناسب مع كل مصطبة تليها، وصولاً إلى قاعدة الطابق الثاني، تعلو بداية المتكئات الحجرية قواعد حجرية منحوتة لتيجان مختلفة الأشكال، بعضها حمل رؤوس سباع فاغرةً فاهها.

وجدران غرفة الطابق الثاني للهيكل دعمت بأقفال حجرية على شكل أنصاف أعمدة، ويقوم في وسط جدار غرفة الطابق الشرقي مدخل باب صغير منحوت يؤدي إلى غرفة الكهنة، وقد لاحظنا وجود حقول منحوتة مخصصة لتثبيت لوحات معدنية على يمين الباب ويساره، أزيلت اللوحات وبقيت مسامير التثبيت، أخذ أحدها شكل صليب على يمين الباب، ربما كانت تحمل أسماء الكهنة أو معلومات تتعلق بالمكان».

ويتابع المهندس "مروان": «لقد تمكنا من الكشف عن وجود طبعة قدم الرجل اليسرى، بشكل نحتي على سطح إحدى حجارة المتكأ اليساري المؤدي إلى الهيكل المركزي بعد المصطبة الأولى، مع وجود حرفين كتابيين.

كما تمكنا من الكشف عن وجود طبعتي قدمين كبيرتين بشكل نحتي، على سطح إحدى حجارة المتكأ نفسه، ولكن قبل المصطبة الأولى، وإن وجود هكذا دليل يذكرنا بالطبعات التي تواجدت في معبد "عين دارة" الآرامي، وربما الأمر يتعلق بعادة كيفية الدخول إلى المكان والإشارة إلى قدسيته، كما تم العثور أمام باب غرفة الكهنة على كتلة حجرية تحمل كتابة منقوشة باللاتينية ناقصة، كما توجد منقوشة على القسم العلوي من عمود ينتهي بمسننات وأفاريز بشكل مربع، زواياه تحمل كل منها صورة آدمية لكنها مخربة، وهي موجودة في الجهة الغربية من الدرج المتفرع من المصطبة الأولى باتجاه البوابة الغربية على الأرض».

ويختم حديثه السيد "مروان": «لقد أدت العوامل الطبيعية والبشرية إلى تهدم قسم من سور المعبد والهيكل ورواق البوابة الرئيسية، وإلى تغيير في المعالم الداخلية للسويات الأرضية، لذلك من الصعب حالياً القيام بأي أعمال ترميم في المعبد، قبل أن تتم أعمال الكشف الأثري لحجارة المعبد وإزالة الردميات، لذلك بدأنا بعملية الكشف الأثري لتحديد السويات وترحيل الردميات، وقد أعطت أعمال الكشف الأثري السابقة بعض النتائج، حيث تم العثور على ثلاث ليرات ذهبية من الفترة الفاطمية، كتب عليها: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن علياً ولي الله".

إضافة إلى أساور فضية ومجموعة من القطع النقدية البرونزية من الفترة الرومانية، وقسم من حجارة السور والأدراج المؤدية إلى الهيكل المركزي، وبعض حجارته التي كانت مدفونة».