إطلالات ساحرة وطبيعة استثنائية تميز "الحارة الغربية" في قرية "كاف الجاع"، لكن ليس بالموقع والطبيعة والمناخ تتميز فقط، إنما ببيوتها القديمة التي ما تزال تروي للأبناء حكايات الأجداد ودفاعهم عن قدسية الأرض.

عن تاريخها، يقول المعمر "شفيق حسن" ابن المجاهد "سليم زينة" من أهالي قرية "كاف الجاع"؛ الذي التقته مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 25 تموز 2020: «أقام فيها الشيخ "صالح العلي" قبل ما يزيد على مئة عام، ومنها انطلقت الشرارة الأولى للثورة ضد الاحتلال العثماني، وبرفقة المجاهد "سليم حسن" المعروف بـ"سليم زينة"، وهو أحد الأجداد المؤسسين للقرية، حيث قاما بالتصدي للجنود الأتراك عام 1916، رداً على اعتدائهم على الأهالي ونهب الخيرات، وتواصلت لاحقاً ضد المستعمر الفرنسي منذ أن دخل الساحل السوري، حتى أصبحت بيوت الحارة بأكملها معقلاً للشيخ ورجاله، ومنها أيضاً كان يتم التواصل مع الحكومة العربية في "دمشق"، ومع المجاهد "ابراهيم هنانو" وغيرهم من رجالات الوطن، وعلى الرغم من تعرضها للحرق مرتين على يد الاحتلال الفرنسي، إلا أن البيوت القديمة فيها ما تزال خير شاهد على ذلك التاريخ المشرّف وحكاياته».

إن معركة التصدي للظلم والدفاع عن الشرف والكرامة في "كاف الجاع" ضد الأتراك، لفتت انتباه "الشريف حسين" قائد الثورة العربية الكبرى إلى أهمية التعاون والتنسيق مع الشيخ "صالح العلي"، بهدف توحيد الجهود في القضية المشتركة، وقد تم التنسيق وتبادل المعلومات لاحقاً مع الأمير "فيصل بن الحسين" الذي استمر لاحقاً في دعم الشيخ "صالح" ورجاله ضد الفرنسيين أيضاً، الأمر الذي جعل القرية ككل من أهمّ المعاقل الرئيسية للثورة ضد الاحتلالين العثماني والفرنسي في الساحل السوري

الباحث والمؤرخ "زين العابدين آل رمضان" قال: «إن معركة التصدي للظلم والدفاع عن الشرف والكرامة في "كاف الجاع" ضد الأتراك، لفتت انتباه "الشريف حسين" قائد الثورة العربية الكبرى إلى أهمية التعاون والتنسيق مع الشيخ "صالح العلي"، بهدف توحيد الجهود في القضية المشتركة، وقد تم التنسيق وتبادل المعلومات لاحقاً مع الأمير "فيصل بن الحسين" الذي استمر لاحقاً في دعم الشيخ "صالح" ورجاله ضد الفرنسيين أيضاً، الأمر الذي جعل القرية ككل من أهمّ المعاقل الرئيسية للثورة ضد الاحتلالين العثماني والفرنسي في الساحل السوري».

بيت قديم

أما عن الموقع والطبيعة فيها، فقال المدرس "سامي حسن": «تقع الحارة في الجزء الغربي من قرية "كاف الجاع"، ويشرف عليها من جهتها الشمالية جرف صخري ضخم، تصل شدة انحداره في بعض الأماكن إلى تسعين درجة، وقد جاء اختيار أجدادنا المؤسسين للسكن في هذه المنطقة لسببين، الأول بينهما كثرة ينابيعها العذبة، والتي يتجاوز عددها السبعة، منها ينابيع رئيسية وبعضها الآخر صغيرة تشحّ صيفاً، أما السبب الثاني فمتعلق بمناخ الموقع كونه وبفضل الجرف الصخري محميّ من الرياح الشمالية شديدة البرودة في فصل الشتاء، وأكثر ما يميز هذا الموقع هو النزهات بين أشجار التوت والجوز العتيقة بالقرب من العين، وعلى الرغم من مضي السنوات الطويلة، إلا أن الملامح العامة للمنطقة لم تتغير، مع دخول البعض من مظاهر الحداثة إليها، ولا سيّما في طريقة بناء البيوت، كما يتخلل الجرف الصخري ما يسمى (المَدرَج) وهو طريق ضيق نحته الأجداد ليتميز بانحداراته، وهي منطقة رائعة يقصدها محبو التصوير وجمع الأعشاب البرية، وتشكل إحدى المقومات الهامة لقيام سياحة بيئية إذا ما تم الترويج لها».

وعن أبرز زراعاتها بين الماضي والحاضر قال: «تعدُّ البيئة الجبلية ذات المناخ البارد موطناً مناسباً للعديد من الزراعات أبرزها التفاح، الذي اعتمد عليه أهالي "الحارة الغربية" في فترات سابقة كمحصول رئيسي، إلى جانب اهتمامهم بزراعة أشجار التوت بهدف تربية دودة القز لإنتاج الحرير، لكن لاحقاً تراجعت هذه الزراعات، لتحل محلها زراعة التبغ، وهو المحصول الرئيسي لمعظم العائلات هنا، ويعتمدون على مردوده في إعانتهم على متطلباتهم الحياتية، وبالإضافة إلى هذا يبرز الاهتمام المتزايد بزراعة الزيتون والقمح، وأنواع من المحصولات الزراعية الأخرى كالحمص، وبعض أنواع الخضراوات الحقلية حول المنازل».

جانب من الطبيعة
المعمر "شفيق حسن"