حكايات كثيرة يرويها أبناء مدينة "القدموس" عن منطقة كانت تمثل مكاناً لاجتماع أجدادهم وميداناً لاستعراض قوة أبنائهم في مختلف الرياضات، إضافة إلى سباقات الخيل التي تجري فيما بينهم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 19 آب 2018، المعمّر "معن المير سليم" وهو من السكان القلائل المقيمين في قلعة "القدموس" ليحدثنا عن حيّ "الميدان" في المدينة، حيث قال: «في البداية علينا أن نميز بين حيّ "الميدان"، وحيّ "الميدان العتيق"، وعلى الرغم من أن صفة العتيق قد ارتبطت به إلا أنه لا يزال حديث النشأة، وعمر المباني فيه لا يتجاوز الثلاثين عاماً، ويقال عنه إنه في مراحل تاريخية قديمة جداً كان ميداناً لسباق الخيل، لكن هذه المعلومة غير مؤكدة، بل تناقلها الأبناء عن الآباء والأجداد، ويمثل الآن مدخل المدينة الغربي، وهو منطقة حيوية تستقطب العديد من المنشآت التجارية والورشات على اختلافها، ومنه تتفرع الطرقات من "القدموس" إلى القرى المجاورة، منها: "القديميسة"، و"الفنيتيق"، و"السميحيقة"، وغيرها. أما حيّ "الميدان" الذي نتحدث عنه، فهو الحي الذي يمتد من السور الشمالي للقلعة حتى المنطقة المسماة "المقص"، بمسافة تقارب ثمانمئة متر، وهي منطقة واسعة ومنبسطة، وقبل عدة سنوات لم يكن فيها إلا عدد قليل من المنازل والمباني، منها: منزل "عبد الحميد زعرور"، وبناء عائلة "أبو عبد الله"، وبناء بيت "الهندي"، وبناء بيت "الخدام"، والآن يقارب عمر الحيّ مئتي عام».

"الميدان" تسمية لمنطقة كانت تجري فيها سباقات الخيل، كما أنه لفظ ساميّ مشترك يعني الفسحة المتسعة والمعدة للسباق ولعب الخيل وترويضها، وقيل هو الميدان لتحرك جوانبه واضطرابه عند السباق، وأيضاً تعني الساحل والأرض والمضمار، وبهذا يصبح المعنى ساحة اللعب القديمة أو الأرض القديمة، أما "الميدان" في الفارسية، فيعني محل شرب الخمر

ويتابع: «في السابق، وبالتحديد خلال فترة الاحتلال العثماني وبعده الفرنسي، كانت هذه المنطقة ميداناً يجتمع فيه رجال "القدموس" الأقوياء وشبابها لممارسة مختلف الرياضات التي تحتاج إلى القوة البدنية الكبيرة، ومنها المكاسرة والتنافس في رفع الأثقال والأوزان الكبيرة، وأيضاً رياضة ركوب الخيل، حيث كانت تجري فيه السباقات باستمرار، وغير ذلك من النشاطات المتنوعة والمختلفة، وبعد الاستقلال ومرحلة النهوض التي شهدتها المدن السورية ومنها "القدموس"، والازدياد في عدد السكان، وما فرضه من توسع عمراني كضرورة لا بد منها، أصبح حيّ "الميدان" يمثل قلب مدينة "القدموس"، وسوقها التجاري الذي يمثل امتداداً لسوق المدينة القديمة».

المعمّر معن المير سليم

أما المدرّس المتقاعد "عبد الحميد الجندي" من سكان الحي القديم في المدينة المجاور للقلعة، فقد أضاف: «مع أن التاريخ القديم لحي "الميدان" لم يتم توثيقه رسمياً، إلا أننا نحن أبناء المنطقة ما زلنا نحتفظ فيه من خلال حكايات الآباء والأجداد، ومن الحكايات التي أذكرها عن هذا الحي، أنه في الماضي كان مقصداً ليس فقط لأهالي "القدموس" وجوارها، بل كان قبلة للرجال الأقوياء من مختلف المحافظات السورية، وحتى من الدول المجاورة، مثل: "لبنان"، و"فلسطين"، و"العراق"، و"تركيا"، وفي أحد الأيام قدم رجل تركي بهدف منافسة أبناء المنطقة، فقام برفع جرن حجري ثقيل بكلتا يديه، فتصدى له أحد رجالنا الأقوياء وحمل الجرن بيد واحدة ورفعه لعدة مرات متتالية، وما كان من الرجل التركي إلا الخروج من المنافسة مستسلماً، وهذه إحدى القصص، ولا يزال هناك الكثير من الحكايات لتروى عن تاريخ هذه المنطقة وبطولات أبنائها».

وفيما يخص معنى التسمية، قال "بسام وطفة" رئيس قسم التنقيب في دائرة آثار "طرطوس": «"الميدان" تسمية لمنطقة كانت تجري فيها سباقات الخيل، كما أنه لفظ ساميّ مشترك يعني الفسحة المتسعة والمعدة للسباق ولعب الخيل وترويضها، وقيل هو الميدان لتحرك جوانبه واضطرابه عند السباق، وأيضاً تعني الساحل والأرض والمضمار، وبهذا يصبح المعنى ساحة اللعب القديمة أو الأرض القديمة، أما "الميدان" في الفارسية، فيعني محل شرب الخمر».

عبد الحميد الجندي