في منتصف طريق عام "بانياس - القدموس" على الخط الإداري الفاصل بينهما، وعلى مقربة من أحد الممرات الجبلية القديمة توجد منطقة "ببربيدان"، وهي من المنتزهات الطبيعية المحمية حتى الآن.

أول ما يلفت الانتباه، البيت الحجري القديم، الذي يبدو أن ساكنيه قد هجروه منذ عشرات السنين، إضافة إلى عدد من الطواحين الحجرية القديمة جداً، التي من المرجح أنها استخدمت لعصر الزيتون أو العنب، وهذه المنطقة لا تزال غير معروفة للكثيرين حتى الآن، وتحتاج إلى مسح أثري دقيق من قبل الجهات الأثرية المختصة في محافظة "طرطوس"، وتعدّ مدونة وطن "eSyria" أول وسيلة إعلامية توثّق هذا المكان، الذي زارته بتاريخ 24 نيسان 2018، والتقت المعمّرة "ناصف عز الدين" من قرية "الحطانية" المجاورة، وقد تحدثت لنا عن هذه المنطقة، فقالت: «منذ صغرنا كنا نسمع روايات الأهالي عن قرية قديمة كانت قائمة في هذا الموقع بالتحديد، وكانت القرية تسمى "ببربيدان"، وتقول القصص القديمة التي تناقلها الأهالي جيلاً بعد جيل، إن هذه القرية كانت واقعة على طريق الحرير القديم وضمن أحد الممرات الجبلية التي تصل الساحل مع الداخل، وهذا الممر الذي أتحدث عنه هو ذاته الوادي الذي نحن فيه الآن؛ وهو ما يدل على وجود تلك القرية في هذه النقطة هو بعض القبور القديمة الموجودة فيها، ولهذه المنطقة خصوصيتها لدى الأهالي؛ فقد قاموا ببناء شرفة واسعة للاستمتاع بالهدوء خاصة في أيام العطل، وكثيراً ما تجتمع العائلات لقضاء أجمل الأوقات في أحضان الطبيعة، مع المحافظة التامة على الغابة وما تحتويه».

كثيراً ما نقوم أنا وأصدقائي بزيارة هذه المنطقة، لما تمنحه من طمأنينة وهدوء وطاقة إيجابية تنسينا تعب الدراسة، وقد اعتدنا أن نصطحب معنا بعض الأكلات الشعبية والمشروبات المحببة، وبعض أصدقائي يقومون بالتقاط أجمل الصور؛ لكونهم يجدون في هذه المنطقة المكان المناسب لممارسة هوايتهم في التصوير؛ لتنوع المناظر الطبيعية فيها، وتعدد ما تحتويه من نباتات وطيور وحيوانات

وعن صفات ومميزات الموقع، يقول المهتم بالبحوث الجغرافية في منطقة "القدموس" المدرّس "سامي حسن": «"ببربيدان" منطقة لا يعرفها إلا قلة من أبناء ريف "القدموس" و"بانياس"، فهي واقعة تماماً على الخط الإداري الذي يفصل هاتين المنطقتين إحداهما عن الأخرى، ويبعد عن كل منهما مسافة تقدر بخمسة عشر كيلو متراً تقريباً، وهو في الجهة المقابلة لوادي "جهنم" من جهة الجنوب، وتتبع لقرية "الحطانية" التي تمثل أطرافها الشمالية، أما من الغرب، فتشكل قرية "اسقبله" وواديها امتداداً لهذا الوادي».

بيت قديم مهجور

ويتابع: «المسافر بين "بانياس" و"القدموس" لا ينتبه إلى وجود هذه المنطقة المخفية خلف الأراضي الزراعية والبيوت، وهي عموماً لا تبعد عن الطريق الرئيس إلا مسافة قصيرة لا تزيد على مئتي متر، لنصل بعدها إلى غابة من أشجار السنديان والبلوط والبطم وشجيرات الجوز"، وأنواع من النباتات المتسلقة مثل الباطور، وأنواع من الأعشاب البرية التي أغنت التنوع النباتي المذهل والمميز، كما أن أكثر ما يلفت الانتباه هو غناها ببعض أنواع الحيوانات كالسناجب التي تسمى في المنطقة قط "أبو عرس"، وبعض أنواع الحيوانات الأخرى التي تختبئ نهاراً، لكن يمكن سماع أصواتها بوضوح مختلطة مع أصوات الطيور المتنوعة، مثل: "أبو زريق، والبلابل، والشحرور"، وأنواع من العصافير، لتكوّن مع بعضها معزوفة تزيد من روعة وسحر المنطقة وهيبتها. أما طبيعة التضاريس، فهي عامل إضافي إلى جانب الغنى الحيوي الذي يضفي مزيداً من الجمال، حيث تشرف على الوادي حافات ذات انحدارات شديدة تحوي تشكيلات صخرية تظهر من خلالها المنطقة وكأنها قلعة صنعتها الطبيعة، وهذا يمكن أن يجعلها قبلة لعشاق الهدوء والطبيعة والمسير، وكل أساليب السياحة البيئية في حال تم التعريف بها إعلامياً، وحمايتها من التعديات التي قد تتعرض لها هذه الغابة الغنية، التي تعدّ محمية طبيعية».

"عاصم أحمد" أحد شباب ريف "القدموس"، قال: «كثيراً ما نقوم أنا وأصدقائي بزيارة هذه المنطقة، لما تمنحه من طمأنينة وهدوء وطاقة إيجابية تنسينا تعب الدراسة، وقد اعتدنا أن نصطحب معنا بعض الأكلات الشعبية والمشروبات المحببة، وبعض أصدقائي يقومون بالتقاط أجمل الصور؛ لكونهم يجدون في هذه المنطقة المكان المناسب لممارسة هوايتهم في التصوير؛ لتنوع المناظر الطبيعية فيها، وتعدد ما تحتويه من نباتات وطيور وحيوانات».

طريق في الغابة
المعمرة ناصف عز الدين