تميّزت التشكيلات الصخرية المكونة لنبع "عين العطشان" من ناحية الارتفاع والحوض الذي تشكّله، لكن حالة ظهوره واختفائه بسرعة، وارتباط هذا الظهور بعوامل شبه مجهولة هي السمة الأبرز له.

بعض أهالي "مشتى الحلو" ربطوا حالة تميز "نبع العطشان" بموقعه؛ وهذا ما أشار إليه المهندس المتقاعد "سمير عوكي" في حديثه لمدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 29 آذار 2016، يقول: «يقع نبع "عين العطشان" على مجرى مياه جوفية ويمتد من الجنوب إلى الغرب، وهو من الينابيع المتميزة في "المشتى" لعدة حالات؛ أهمها التشكيلات الصخرية التي تشكله، والتي ترتفع جداً من جهة وتنخفض لتساوي الأرض من جهة أخرى، وهذا انعكس على طبيعة النبع وتوفره ظاهرياً لمدة ساعات أو أيام غير منضبطة المواعيد، ففي مرحلة فيضان المنبع تتساقط الحجارة ضمن بركة النبع وتغلقها مؤقتاً إلى حين يتم تعزيلها من قبل أهالي "المشتى"، وهذه حالة من العناية والمحافظة عليه تأصلت تراثياً بين أبناء "المشتى" لقيمته المكانية والخدمية عندهم، على الرغم من وجود نحو عشرة ينابيع أخرى في البلدة».

سمي النبع بهذا الاسم لأنه يظهر فجأة ويختفي فجأة، بأوقات وفترات غير محسوبة، لم نتمكن من تحديدها بدقة، وعليه سميت المنطقة بمنطقة "العطشان" نسبة إليه

ويتابع: «محيط النبع عبارة عن حواكير زراعية صغيرة المساحة نتيجة طبيعة المكان ووعورته، وهذا أدى إلى عملية استثمار لمياه النبع عند الفيضان لري المزروعات منه، وأغلب الزراعات كانت عبارة عن محصول القمح وبعض الخضار، فهو النبع الأقرب إليهم لتوظيفه في عملية الري، حتى إن أغلب الأهالي استخدموا مياهه للشرب، فكانت عمليات النقل تتم بواسطة الجرار الفخارية المحمولة على الرأس أو الكتف نتيجة وعورة المكان».

المهندس سمير وإلى يمينه المهندس إلياس

في مرحلة من المراحل الزمنية السابقة حاول بعض أهالي "المشتى" معرفة سرّ النبع، ومتى يمكن أن يظهر، وهل هو مستمر جوفياً، وهنا قال المهندس "سمير": «حاولنا سابقاً حفر بئر ارتوازية بجانب النبع لتكون مورداً مائياً احتياطياً، وبعد أن ظهرت المياه تركت على حالها، وهذا جعلنا ندرك أن النبع مستمر الجريان جوفياً ولو بكميات قليلة».

وعن سبب تسميته قال: «سمي النبع بهذا الاسم لأنه يظهر فجأة ويختفي فجأة، بأوقات وفترات غير محسوبة، لم نتمكن من تحديدها بدقة، وعليه سميت المنطقة بمنطقة "العطشان" نسبة إليه».

حوض النبع، لكنه جاف وتظهر الصخور المرتفعة

الموظف "مجدي خوري" من أبناء "المشتى"، قال: «حالات ظهور النبع ليست لها علاقة بكمية الأمطار الهاطلة، وإنما مرتبطة بحسب الأحاديث التراثية المتناقلة بطبيعة الرياح المتحركة في المنطقة، حيث يمكن أن يظهر في الصباح ويختفي في المساء ليوم أو ساعات فقط، وقد تتكرر الحالة عدة مرات أو لا تتكرر، وهذه أمور ميزته عن بقية الينابيع المعروفة في "المشتى"».

ويتابع: «في هذا العام ظهرت مياه النبع حين كان معدل الأمطار 200مم، بينما في سنوات سابقة كان معدل الأمطار نحو 1200مم ولم يظهر، وهذه أيضاً ميزة تضاف إليه، وتجعله ذا شأن لدى الأهالي ليحافظوا عليه».

السيد مجدي خوري

المهندس المتقاعد "إلياس صباغ"، تحدث عن معرفته بجغرافية النبع بقوله: «بعضهم يقولون إن مجرى هذا النبع متصل بنبع "عين العروس"، ففي إحدى الروايات التراثية قيل إن بعض أهالي "المشتى" وضعوا "برمنكنات" ملونة في مياه "نبع العطشان"؛ وهي عبارة عن صباغ ملون ليدركوا مجراه ومكان خروجه، ونتيجة ذلك ظهرت المياه الملونة في نبع "عين العروس"».

ويضيف: «في شهر كانون الأول من عام 2015 ظهرت مياه النبع بمعدل هطول مطري 200مم، علماً أنه لم يظهر سابقاً بأقل من معدل هطول 600مم، وهي حالة استثنائية يمكن إضافتها كتميز لظهوره المفاجئ والسريع، ففي عرفنا التراثي ندرك من ظهوره أن المياه الجوفية المتوفرة تكون بكميات جيدة جداً، أي إن تباشير الزراعة لمن يرغب ستكون جيدة».

أما الموظف المتقاعد "نزيه عيسى" وهو مهتم بالأرصاد الجوية، فقال: «النبع عبارة عن حوض مائي جوفي؛ وهذا يختلف عن بقية الينابيع المعروفة التي تعدّ الأنهار الجوفية مصدر مياهها، فعندما يرتفع منسوب هذا الحوض تظهر المياه بسرعة وقوة تغمر الحوض الصخري الخارجي، والعكس صحيح، وهي حالة مميزة أدركناها بطبيعة المياه التي ظهرت بالبئر الارتوازية التي حفرت بجانب النبع».