عملية صيد بحرية أتقنها أغلب الصيادين، تفيض عليهم بخيرات البحر بعد فترة "التكاثر"، فخيراتها البحرية كثيرة ومتنوعة مقارنة مع ما يتم اصطياده في بقية مراحل الصيد الأخرى، هي "صيد الضوء".

كما هو معروف في فترة "صيد الضوء" كما وصفها الصياد "محمد درباك" من صيادي مدينة "بانياس"؛ تكثر الأنواع بعد مرحلة المنع، وهنا قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 19 أيلول 2015: «سمكة "السكمبري" من أبرز أسماك صيد الضوء الذي يبدأ بعد مرحلة المنع؛ وهي مرحلة التكاثر لدى الأسماك، حيث تبدأ مع بداية شهر حزيران وتنتهي مع نهاية أيلول، وعملية الصيد هذه مميزة تعتمد على أمور عدة يدركها الصياد ليكون صاحب صيد وفير في كل رحلة صيد بحرية، ومن هذه الأمور الإنارة القوية التي يستخدمها في عرض البحر لجذب الأسماك حولها، وطريقة الصيد المخصصة لها التي تسمى صيد "التحويق"، إضافة إلى الكادر البحري الكبير من الصيادين.

من أهم فوائد صيد الضوء أنه يتم اصطياد الأسماك الكبيرة الخاصة بالأعماق، وهذا نتيجة تجمع أسماك البزرة على الضوء؛ وهي وجبة مهمة لتلك الأسماك، حيث تجد في تجمعها فرصة كبيرة لتناولها بكميات كبيرة وبجهد أقل

فمن المعروف أن صيد الضوء يعتمد بالأساس على الإنارة القوية عندما يغيب ضوء القمر، لتكون الإنارة الاصطناعية بدلاً من ضوء القمر، وهي أغلب الأحيان ضوء "اللكس" التراثي القديم، وهذا في السابق، أما في الوقت الحالي ومع التطور فتتوافر أضواء أقوى من ضوء القمر كـ"البنجكتور" و"الليدات" العاملة على البطارية، كبديل جيد لضوء "اللكس"، ووفرت فترات صيد قد تستمر حتى مع توافر ضوء القمر، لأنه من المعروف أن الأسماك تحب الضوء وتنشط خلاله».

الصياد محمد درباك

الصياد "خالد الخليل" العتيق كما يقال له في الصيد البحري، يقول: «الكمية التي يصطادها الصياد في عملية صيد الضوء كبيرة جداً ومتنوعة، لأنها بالأساس تعتمد على صيد "التحويق"، أي إنها تجمع مختلف أنواع الأسماك الكبيرة والصغيرة، وهذا يعتمد على مهارة الصياد وخبرته في اختيار لحظة الصيد وسحب الشباك لتجميع الأسماك ضمنها ثم رفعها على ظهر المركب.

حيث يكون على متن المركب العديد من الصيادين المتأهبين لسحب الشباك، بعد إغلاق الشبكة من الأسفل عبر سحبها، لتصبح كالوعاء المقعر».

ساحة السمك في بانياس

ويتابع: «الأسماك التي تحب الضوء وتنجذب له هي الأسماك الصغيرة التي تعيش ضمن أسراب سمكية كبيرة العدد، وتجمعها حول الضوء يجذب مختلف أنواع الأسماك الأخرى الكبيرة المعتمدة بغذائها على تلك الأسراب، وهذا هو السبب الأساسي لاصطياد مختلف أنواع الأسماك عبر عملية صيد الضوء؛ التي يعدّها الصيادون وفيرة مقارنة مع طرائق الصيد الأخرى».

الصياد "يوسف اسماعيل خليل" ممن تمرس على صيد الضوء حوالي أربعين عاماً، قال: «بعملية صيد الضوء نبحر نحو أربعة أميال بحرية في عرض البحر، حيث تدخل أسراب الأسماك إلى تلك المياه نتيجة دفئها، وتسمى حينها الأسماك العائمة، ومع دخولها إلى المياه الخفيفة يتم تتبعها ومراقبتها حتى تتجمع حول الضوء، لتبدأ عملية جمع الشباك و"تحويقها" مع بعضها بعضاً ثم سحبها، ومن أهم الأسماك التي يمكن اصطيادها بواسطة صيد الضوء: "التريخون"، و"المليفا"، و"السفرني"، و"العتعوت"، و"العصيفرة" الكبير، وأذكر أنه قبل نحو عشرين عاماً كان أبرز أنواع أسماك صيد الضوء هو "العصيفري" فقط، حيث كنا نصطاد نحو عشرين "فرشاً" تقريباً في كل رحلة بحرية على الضوء وأيضاً السكمبري، و"الفرش" هو الصندوق الخشبي الذي توضع فيه الأسماك خلال عملية صيدها على ظهر المركب، لكن في الوقت الحالي قلّت الكميات نتيجة الصيد الجائر في أوقات المنع».

"فرش" السمك

ويتابع الصياد "يوسف": «من أهم فوائد صيد الضوء أنه يتم اصطياد الأسماك الكبيرة الخاصة بالأعماق، وهذا نتيجة تجمع أسماك البزرة على الضوء؛ وهي وجبة مهمة لتلك الأسماك، حيث تجد في تجمعها فرصة كبيرة لتناولها بكميات كبيرة وبجهد أقل».

وبالعودة إلى الصياد "محمد درباك" قال: «الصياد بالعموم هو سيد نفسه خلال كل رحلة صيد، لكن في عملية صيد الضوء يكون الصياد الربان مسؤولاً عن عدة صيادين وعليه الاستمرار في الصيد على الرغم من كل الظروف، لأنه مؤتمن على معيشة عائلات الصيادين الآخرين، وهي علاقة حميمية نجدها في صيد الضوء لصعوبة الظروف المحيطة بها وأغلبها في الليل».

ويضيف: «بخبرة الصياد وتمرسه على صيد الضوء يمكن أن يدرك موعد بدء موسم صيد الضوء، وذلك من خلال حرارة المياه، حيث يدرك حينها أن الأسماك ستبدأ الخروج من أعماق المياه أو ما يعرف بالمياه الثقيلة إلى المياه الخفيفة، حيث تنشط الأسماك في المياه الدافئة.

وبالعموم هي مرحلة صيد ممتعة كحالة عامة لكنها صعبة كمتابعة ووقت، حيث تستهلك أغلب وقت الصياد، ابتداءً من ساعات غروب الشمس وحتى ساعات شروقها، مع يقظة كاملة في جميع الحواس، لأننا لا ندرك لحظة قدوم الأسماك نحو الضوء وتجمعها».