نبع بسيط بموقعه وأهميته؛ منح اسمه للقرية التي أسسها الشيخ "علي ميا" بجواره، فكان للاسم معنى ودلالة ارتبطت بقضيب شجرة الزعرور البرية، حيث موطن حلّ وترحال هذا الشيخ.

عندما كان أبناء قرية "عين قضيب" يسألون الأهالي عن جدهم للتبرك به والاستماع إلى أحاديثه ونوادره؛ يجيب الأهالي إنه بجانب "قضيب الزعرور"، حيث لم يكن لهذا النبع أي تسمية أو أهمية، وهنا قال التشكيلي الدكتور "علي حمدان" من أهالي وسكان القرية لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 تموز 2015: «خلق جدنا الأول الشيخ "علي ميا" طقوساً خاصة به، مارسها يومياً بجانب نبع ماء مجاور للمباني السكنية في القرية، أساس هذه الطقوس الزهد في الله، وكنا كأطفال حين نسأل عنه يأتينا الجواب إنه بجانب قضيب شجرة الزعرور، هذا القضيب المستقيم الشامخ المعمر؛ استظل بظله جدنا الشيخ "علي" سنوات طويلة، مستمتعاً ببرودة المكان وهدوئه وجمالية الطبيعة من حوله بسبب توافر المياه دائمة الجريان، التي كانت تقصدها النسوة في القرية لجمع مياه الشرب وسقاية المواشي.

ترتفع القرية عن سطح البحر نحو 1108 متر، وهو ما انعكس على برودة الطقس في الصيف والشتاء، وعلى برودة المياه باستمرار، وجعلها مياهاً نظيفة من ملوثات المناخ بوجه دائم، وبالتالي أصبحت مورداً مائياً مهماً في القرية، وعلى جانبه استقر الشيخ المجاهد "صالح العلي" ورفاقه خلال معركة "عين قضيب" ضد الاحتلال الفرنسي

ومنهم من قال إن أساس القرية كسكن بري بعيداً عن المنازل كان بجوار تلك الشجرة وذاك النبع، الأمر الذي دفع الأهالي للاهتمام بالنبع وبنائه بالحجارة الطبيعية منذ ما يقارب 200 عام».

الدكتور "علي حمدان"

ويتابع الدكتور "حمدان" توضيح كيف حصل النبع على اسمه، وكيف تحول الاسم إلى لفظ شعبي بسيط وفق اللهجة المحكية: «لكون النبع مقصد شيخ القرية الدائم، دفع الأهالي لتوطين اسم له، فكان الاسم من وحي المكان والقصة التي جمعت الشيخ به، حيث كانوا يقولون باستمرار: "الشيخ بجانب قضيب الزعرور"، ومع تبسيط الكلمة وتداولها أصبحوا يقولون: بجانب "نبع القضيب"، نسبة لقضيب الزعرور المميز عن بقية أنواع الأشجار التي كانت متواجدة في المكان، ولكثرة تداوله وسهولة اللفظ أصبح اسم النبع "عين القضيب"، حيث حصلت القرية كتجمع سكاني واستيطان بشري على ذات الاسم مع إضافة كلمة القرية في أول الكلام، لكونه علامة فارقة ضمن الموقع الجغرافي للقرية».

المختار "نورس إبراهيم" عاش طفولته بجانب النبع، حدثنا قائلاً: «النبع مقصد جميع أبناء القرية، لقربه منهم وعلاقتهم به، وأغلب المنازل في الحارة الغربية لا تبعد أكثر من 200 متر عنه؛ وهو ما جعلهم على صلة مباشرة به، حتى إنهم وجدوا أن من الضروري والمهم جداً المحافظة والعناية بالنبع، ليستمر عطاؤه والفائدة منه، خاصة فيما يتعلق بمياه الشرب، حيث كان مصدرهم الوحيد لذلك، وقد قيل عنه في تلك المرحلة أنه نبع "كفري" لانبثاق مياهه من بين الصخور الصماء».

داخل النبع

ويتابع المختار "نورس": «بني للنبع غرفة حجرية بمساعدة جميع أبناء القرية وبتشاركية اجتماعية ميزت هذا العمل، وبإشراف الجد "حمدان محمد"، أقدم بنّاء للحجارة الطبيعية في القرية، فكانت مساحتها حوالي تسعة أمتار مربعة، وارتفاعها حوالي المترين، وشكلها كما الأبنية التراثية التي كانت سائدة في تلك الفترة والمستمرة كنظام عمارة حتى وقتنا الحالي، ولكن شكل سقفها كان مميزاً، وهو وفق نظام العقد الحجري الذي ينتهي في الأعلى بحجر القفل».

جهز بجانب النبع من الجهة السفلية الأمامية ما كان يطلق عليه اسم "الرامة"، وهنا قال المعمر "علي محمد": «حرصاً على مياه النبع من التلوث ولأهميتها بالنسبة لشرب المواشي؛ أسس للفائض من هذه المياه مجمع مائي صغير بمساحة خمسين متراً مربعاً، أطلق عليه اسم "رامة عين قضيب"، حيث كانت مقصد جميع الرعاة في وقت الظهيرة للراحة وشرب الماعز والأبقار منها، ناهيك عن أنها كانت ملعب الأطفال للهو وتعلم السباحة، وهذا زاد من قيمتها وفضلها على الجميع من عدة نواحٍ».

"الرامة" بجانب النبع

أما الجد "علي إبراهيم" من أهالي وسكان القرية، فقال عن طبيعة مياه نبع "عين قضيب": «ترتفع القرية عن سطح البحر نحو 1108 متر، وهو ما انعكس على برودة الطقس في الصيف والشتاء، وعلى برودة المياه باستمرار، وجعلها مياهاً نظيفة من ملوثات المناخ بوجه دائم، وبالتالي أصبحت مورداً مائياً مهماً في القرية، وعلى جانبه استقر الشيخ المجاهد "صالح العلي" ورفاقه خلال معركة "عين قضيب" ضد الاحتلال الفرنسي».

يشار إلى أن نبع "عين قضيب" يقع على الحدود الإدارية الفاصلة بين محافظتي "طرطوس" و"حماة"، ويبعد حوالي ثلاثة كيلومترات عن الأتوستراد الدولي الواصل بينهما.