محصول اليانسون في قرية "شمسين" من المحاصيل المهمة التي ساهمت بتحسين الواقع المعيشي لأبناء القرية، فتميزوا بزراعته، وحصل على الرعاية والاهتمام كأهم المحاصيل الزراعية التراثية، حتى اعتبره بعضهم استراتيجياً.

خلال إحدى مراحل العناية والاهتمام بمحصول اليانسون، زارت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 أيار 2015، قرية "شمسين" التابعة لناحية "الطواحين"، والتقت المعمر "شاهر محمود زيدو" من سكان وأهالي القرية؛ الذي تحدث عن هذا الموسم وقال: «يعد موسم اليانسون في قريتنا "شمسين" من مواسم الخير التي يعتمد عليها أهالي القرية للاكتفاء الذاتي وتحسين أوضاعهم المادية، وهذا عمل اعتدناه كأسرة منذ القدم، وكأنه محصول استراتيجي بالنسبة لنا، حتى إن هذه الحالة واحدة بالنسبة للكثيرين من أبناء القرية، فلا ينتجون في بعض الحقول المخصصة سواه، وهذا ليس بضعف حيلة للعمل الزراعي، بل لمنح الحقول حقها من الرعاية والعناية والراحة، وهو الأمر الذي انعكس على طبيعة المنتج، وجعله في صدارة المنافسة بالجودة والنوعية بالنسبة لمنتجي اليانسون.

موسم زراعة اليانسون يوفر العديد من فرص العمل في القرية، ومنها ما يخص من ابتعد أفراد أسرته عنه نتيجة الأعمال الوظيفية خارج القرية، حيث كان الاعتماد في السابق وضمن الطقوس التراثية الخاصة بهذا الموسم على أفراد الأسرة الواحدة بحميمية العلاقة فيما بينهم

وهذا الأمر حمّل الأهالي في القرية الكثير من المسؤولية تجاه المحافظة على سمعتهم في إنتاج اليانسون على مستوى المنطقة، ولا أبالغ إن قلت على مستوى المحافظات، حيث ترى في مواسم الجني الكثيرين من التجار يحاولون الحصول على المنتج بمنافسة فيما بينهم، علماً أنه يوجد ما يعرف باليانسون الشامي، الذي يعد محصولاً منافساً».

المعمر شاهر زيدو

المعمر "علي عباس" قال: «يعتمد أبناء قرية "شمسين" على زراعة اليانسون كثيراً، بخلاف القرى المحيطة بهم، التي اعتادت زراعة التبغ كمحصول استراتيجي رئيس، وهذا عامل أساسي دفعهم للتفرد بالنوعية كالتفرد بالزراعة على مستوى القرى المحيطة، فترى من يريد شراء اليانسون لزوم صناعة عصير روح العنب "العرق"، يقوم باتصالاته المسبقة أي قبل موسم الجني، للربط بكلام الرجال على الكمية التي يريدها، ليصار فيما بعد الجني لدفع قيمته والحصول عليه، وهذا من دافع الالتزام بالكلام التجاري والتعاملي».

المزارع "أحمد حبيب" قال: «لا نملّ العمل والجهد الذي يحصل عليه موسم اليانسون، لأنه بالنسبة لنا موسم زراعي رئيس، ولا أحد يدرك لماذا اختصينا به منذ القدم، ومن كان صاحب الفكرة والمبادرة بزراعة للمرة الأولى في القرية، وهنا يمكن القول إن هذا الموسم كانت له الطقوس التراثية التي تميزه، والتي تتجسد فيها حالة من التكافل الاجتماعي، وأهمها المساعدة في الزراعة، ثم المساعدة في العناية والجني».

نبتات اليانسون

وبالعودة إلى المزارع "شاهر زيدو" قال: «العمل بزراعة اليانسون يحتاج إلى الخبرة والمهارة والصبر، وجميع الأعمال الحقلية تتم في ساعات الصباح الباكر، حيث الأجواء المنعشة المريحة للعمل، أو خلال ساعات ما قبل المغيب حين تكون حرارة الشمس قد بدأت الانخفاض، خاصة أن ضمن حقول اليانسون لا توجد أشجار نستظل بظلها، إلا في المحيط فقط، وهذا ما يمنحنا شعوراً استثنائياً لا يمكن أن نشعر به في مواسم المحاصيل الزراعية الأخرى المنتجة في حقول القرية».

ويضيف: «موسم زراعة اليانسون يوفر العديد من فرص العمل في القرية، ومنها ما يخص من ابتعد أفراد أسرته عنه نتيجة الأعمال الوظيفية خارج القرية، حيث كان الاعتماد في السابق وضمن الطقوس التراثية الخاصة بهذا الموسم على أفراد الأسرة الواحدة بحميمية العلاقة فيما بينهم».

حقول اليانسون

في الأغلب كل أسرة في قرية "شمسين" هي منتجة لليانسون، لكن لكل عمل استثناءاته، وهنا قال: «أغلب أفراد وأسر القرية هم من مزارعي اليانسون، حيث ينتج كل منا ما يقارب حوالي خمسين كيلوغراماً سنوياً، ويحتفظ بقسم منها لصناعة عصير روح العنب "العرق"، وهي صناعة تراثية في القرية مستمرة وقائمة، ويبيع الفائض للتجار المتجولين القادمين إلى القرية في كل موسم، ويبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منها حوالي 800 ليرة سورية، وهو سعر مقبول ومناسب من وجهة نظر أغلب المزارعين، وحالة القبول هذه لا نراها بالنسبة لمزارعي مختلف المحاصيل الأخرى، وهذا تميز وتفرد بالنسبة لمحصول اليانسون».