نبع مياه روماني بكتلته البنائية الحجرية، حمل اسم السلسلة الجبلية المتربع على إحدى كتلها الثلاث من الأسفل، يمكن أن يرى الزائر له دون سواه زواحف وحشائش نادرة، منها "كلب العو، الشكلس".

يقع نبع "عين السريجيات" ضمن الحدود الإدارية لقرية "بيت الكرم" التابعة لمدينة "الدريكيش"، وهو نبع كما وصفه أحد المهتمين بالتراث؛ "نمير محمد" من أبناء وسكان القرية، تراثي لارتباطه بحياة أبناء القرية، وتاريخي لقدمه وجذوره الممتدة إلى العهد الروماني، وهنا قال "نمير محمد" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 نيسان 2015: «جميع أبناء القرية شربوا من مياه هذا النبع، وبعضهم ما زالوا يشربون منه حتى الآن، ونحن كأسرة منهم، وتميزت مياهه بأنها معدنية وفق التحاليل المخبرية التي أجريت لها سابقاً، إضافة إلى الأحاديث المتناقلة عبر الآباء والأجداد التي تثبت هذا الكلام، لذلك أقول إنه مرتبط بالحياة التراثية لأبناء القرية.

هو نبع طبيعي دائم الجريان، ويقال إن مياهه معدنية، وهي حالياً مستثمرة لري الحقول الزراعية، بعد دخول شبكات الري الحكومية إلى القرية، علماً أن بعض أهالي القرية ما زالوا يشربون منه حتى الآن

كما أن له جذوراً ممتدة إلى غابر التاريخ، والدليل على صحة هذه الكلام الغرفة الحجرية المبنية له لحمياته».

كلب العو حيوان زاحف نادر ضمن مياه نبع عين السريجيات

ويتابع "نمير" عن تسمية نبع "عين السريجيات": «لقد جاءت تسمية النبع من تسمية أداة تراثية تسمى "السريجة"، وكانت تستخدم لسرج الخيول والدواب، وهذا بحسب أحاديث القدامى في القرية، والذين لي صلات جيدة معهم بحكم حرفتي بجمع المقتنيات التراثية، ومعرفة أصولها وتواريخها والفائدة منها».

وعن موقع النبع قال المعمر "منذر علي" من أهالي القرية: «يقع النبع بجوار ثلاثة جبال متلاصقة بعضها ببعض تسمى "السريجيات"، وهذه الجبال الثلاثة هي عبارة عن جبلين أو هضبتين متوسطتي الحجم مقارنة مع الجبل الثالث الذي يقع بينهما، وموقعهم بالنسبة لمركز القرية في الجهة الشرقية، حيث إن النبع يتربع في سفح الهضبة الجنوبية منها».

النعنع البري من النباتات النادرة بجانب النبع

وبالعودة إلى حديث مقتني التراثيات "نمير محمد" قال: «منبع النبع ومجراه بحوالي المترين محمي جيداً بواسطة غرفة صغيرة مبنية من الحجر الذي يسمى شعبياً في المنطقة بحجر "الصياح"، وهي -أي الغرفة- مبنية بطريقة العقد الحجري وفق النظام الروماني أي تعلو جدرانها الحجرية قنطرة قوسية تشكل نصف دائرة، وهذا النظام أدركه من خلال عملي الأساسي الذي أقتات منه لقمة عيشي، وهو البناء والإنشاء الحجري، وارتفاع أعلى قمة فيها حوالي متر وربع المتر عن سطح الأرض، أما بالنسبة للحجر المشكل للغرفة فلونه أبيض تقريباً "بلدي" أي إنه مجموع من جانب محيط النبع».

الشاب "سليمان علي" من أبناء وسكان القرية، قال عن طبيعة مياه النبع: «هو نبع طبيعي دائم الجريان، ويقال إن مياهه معدنية، وهي حالياً مستثمرة لري الحقول الزراعية، بعد دخول شبكات الري الحكومية إلى القرية، علماً أن بعض أهالي القرية ما زالوا يشربون منه حتى الآن».

الجرجير ضمن مياه النبع

للنبع ذكريات كثيرة مع أهالي القرية ومن أهمها بحسب قول "نمير محمد": «ذكرياتي مع النبع كثيرة، وأعتقد أنها ذكريات مشتركة مع بقية أبناء وأهالي القرية، ومنها أنه كان مقصد الرعاة في القرية وجوارها، أي إنه محطة استراحة نجتمع بجانبه للتمتع بجمال الطبيعة وشرب المياه بعد رحلة رعي مجهدة، وأذكر أنه في السابق كان يوجد ما يشبه الممر أو المدخل للنبع والغرفة الحجرية، كنا نستظل فيه حين التعب من الرعي، ولكنه أزيل، وكان جدارا الممر مرتفعين لحماية المياه من الأتربة أو الانجرافات التي قد تحصل في الشتاء وتودي بهذه الأتربة إلى مياه النبع، حيث إن النبع في منطقة منخفضة مقارنة مع محيطه بالكامل».

تميز النبع عن بقية ينابيع القرية والمنطقة بأمور عدة أهمها كما قال "نمير": «يوجد ضمن تجمع مياه النبع أي في القسم الخارجي من النبع، حيوان زاحف، يعتقد أنه نادر الوجود، ويسمى شعبياً "كلب العو"، حيث إنه لم يشاهد في أي من الينابيع المحيطة بنا على الإطلاق، وهو موجود دائماً ضمن المياه، إضافة إلى وجود نبات الجرجير باستمرار، حيث كان أهالي القرية يحصلون عليه باستمرار، إضافة إلى وجود نبات بري يعرف بالنعناع البري أو "الشكلس"، وهو ذو رائحة مميزة جداً وزكية، وفي محيط النبع يظهر أيضاً حيوان زاحف مميز بتبقعاته الذهبية وجسده البني اللون، ويسمى "أكال الفائدة" نسبة لتبقعاته الذهبية الجميلة، وللعلم إنه لا يرى في منطقة أو نبع آخر أيضاً، ويظهر في موسم الأمطار فقط».

السيد "طه علي محمود" من أهالي القرية، ومالك حقول زراعية بجانب النبع قال: «في السابق كان طريق الوصول إلى نبع "عين السريجيات" من أعلى الجبل الذي يرقد في أسفله النبع، أي عبر الحقول التابعة لقرية "بيت الراهب"، ولكن بعد تملكي لعقارات زراعية في المنطقة ذاتها، عملت على شق طريق يصل إلى النبع بجهدي الشخصي وضمن أملاكي الزراعية الخاصة، ليتسنى للجميع زيارة النبع بأريحية».