لأنه جزء من حياة أبناء "مشتى الحلو" أرادوا إظهاره بأبهى حلة، فلونته أيدي أكبادهم بمبادرة أهلية تطوعية، فكان لون السماء الأزرق ثوبه الجديد تكريماً لتاريخه وتعظيماً لخدماته.

"درج المحاسبة"، هذا الدرج الذي مر فوقه جميع أبناء المشتى على اختلاف سنوات عمرهم، كان لا بد من تجميله وإعادة زهو الحياة إليه بما يتناسب والطبيعة الاجتماعية والثقافية لأبناء القرية، بتلوينه بطريقة فنية إبداعية تمنح الموقع العام الجمالية الإبداعية، كما أنها فكرة لترويج تلوين المواقع المهمة، مدونة وطن "eSyria" زارت "مشتى الحلو" بتاريخ 30 تشرين الأول 2014، لتتابع انعكاسات هذه الفكرة على نفوس القائمين عليها، والبداية مع الطفلة "أنجيل جرجس" التي قالت: «أنا سعيدة بما قدمته من تلوين درجة واحدة من درجات "درج المحاسبة"، بمشاركة أصدقائي الأطفال، حيث لعبنا بالألوان وأنتجنا لوحة فنية رائعة ساهمت بإضفاء جمالية على الموقع، وكثيرون من أصدقائي الذين لم يشاركوا تحسروا على المشاركة، وراحوا يسألونني عن مشاعري وما قمت به».

أنا سعيدة بما قدمته من تلوين درجة واحدة من درجات "درج المحاسبة"، بمشاركة أصدقائي الأطفال، حيث لعبنا بالألوان وأنتجنا لوحة فنية رائعة ساهمت بإضفاء جمالية على الموقع، وكثيرون من أصدقائي الذين لم يشاركوا تحسروا على المشاركة، وراحوا يسألونني عن مشاعري وما قمت به

السيد "سالم جرجس" من المشاركين بالعمل، قال: «يطلقون على هذا الدرج اسم "درج المحاسبة" لأنه يوصل العابرين عليه إلى محاسبة التربية، كما أنه صلة الوصل بين "سوق الدلبة" التراثي القديم و"حارة البلاطة"، وبالنسبة لي هذا الدرج جزء من طفولتي خلال مرحلة الروضة، حيث كنت أمر فوقه كل يوم مرتين، وأحفظ خطواته جيداً حتى الآن، كما يمثل بالنسبة لبعضهم جزءاً من الذاكرة المشتاوية.

خلال ورشة الرسم

وجميع ما ذكرته دفعنا كمهتمين ومتطوعين أهليين في "أصدقاء دلبة المشتى" و"ملتقى دلبة مشتى الحلو للثقافة والفنون"، إلى إعادة إحيائه وتقدير خدماته، وزرع فكرة العناية به ومحبته في أذهان الأطفال الصغار، أي إن الفكرة لا تقتصر على الرسم عليه، بل لتقديم الفائدة للأطفال بتعلم مزج الألوان ورسم أفكارهم واقعياً».

وفي لقاء مع المحامي "وائل صباغ" من أبناء وسكان "مشتى الحلو"، والقائم بأعمال الفريق الذي قام بعملية التلوين، قال: «نحن ضمن فريق "أصدقاء دلبة المشتى" نهتم بالجانب الاجتماعي والحضاري لمدينتنا، والدرج بالعموم بالنسبة لنا شيء مهم جداً، لأنه صلة وصل بين منازلنا، وبين حاراتنا القديمة، وهو جسر نسير عليه كل يوم، جسر معلق بالأرض، وأغلب الأحيان لا نعيره اهتمامنا وكأنه غير موجود، أو كأنه هم أو شيء غير جيد، وأحياناً نتمنى عدم وجوده.

المحامي وائل صباغ

لذلك نحن في "مشتى الحلو" أخذنا على عاتقنا أن نعطي الأدراج أهمية بلفت النظر إليها والاهتمام بها، لأنها تستحق ذلك كما كانت في تاريخنا الاجتماعي المشتاوي، وخاصة منا كـ"فريق الملتقى الثقافي في مشتى الحلو"، وبدأنا بفكرة استخدام الألوان والرسم الفني لمنح المكان المستهدف الجمال والبهجة، وليرى الجميع أهمية الفكر الفني الثقافي بالنسبة لنا وضمن حياتنا».

ويتابع السيد "وائل": «أخذنا على عاتقنا في كل عام ضمن فعاليات "ملتقى دلبة مشتى الحلو للثقافة والفنون"، ومنتصف شهر تموز أن نهتم بدرج من أدراج قريتنا "مشتى الحلو"، وأن نلبسه ثياباً حلوة ومرتبة، فبدأنا بأهم درج بـ"المشتى" وهو "درج المحاسبة" الذي يصل جميع أرجاء القرية واستخدامه اليومي منذ القدم، بتغيير لونه الرمادي الحزين إلى لون مفرح مبهرج يرسم الفرحة له وللعابرين عليه، ويرسم موسيقا وحباً، ولتكون الفكرة متكاملة قررنا أن يقوم أطفال "المشتى" بضحكاتهم وقلوبهم البيضاء بتلوينه والرسم عليه».

درج المحاسبة قبل الرسم عليه

وعن مراحل العمل يقول السيد "وائل": «بدأت ورشة الرسم العمل واستمرت لساعات والأطفال يرسمون ويلونون دون كلل أو ملل، وبعدها تحمس من تحمس للفكرة وبدؤوا التوافد للمشاركة، ورويداً رويداً بدأ الدرج يظهر كما تمنيناه، وبدأت السعادة تدخل قلوبنا، علماً أن الفكرة الأولى للرسم كانت برسم سماء على الدرج وشلال مياه متساقط وأشجار وأشياء تشبهنا في "المشتى"، ولكن الفكرة تغيرت واستقرت على ما هي عليه حالياً.

واللافت بالأمر أن كثيرين من أبناء القرية المغتربين والمقيمين في المشتى وخارجها أي بمحيطها، خلال فصل الصيف ترقبوا نهاية العمل ليسيروا على الدرج، والتقطوا الصور التذكارية، وتمتعوا بما قدمناه وافتخروا به.

والأجمل أن منهم من صعد درجات الدرج بهدوء وكأنه يستذكر قصصه معه، وبعضهم اعتبروا أن الصعود عليه أصبح أسهل وأجمل واستراحة فرح لهم».