مكان للمتعة والترفيه بين أحضان الطبيعة، يقصده الكثيرون من الزوار ليستمتعوا بالمناظر الخلابة وخاصة في فصل الربيع، في أجواء من الفرح والتشاركية.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 15 أيلول 2014، قامت بجولة على ضفاف نبع "الدلبة" بمنطقة "الدريكيش"، والتقت السيد "محمد علي"؛ صاحب أقدم المقاصف الشعبية عند النبع، الذي حدثنا عن حال النبع منذ أن كان في أرضه قبل عملية تحويله إلى مجرى النهر، ويقول: «كان حال النبع قديماً مثله مثل أي نبع؛ على أطرافه الأشجار والأعشاب غير المشذبة في كل مكان، تقصده نسوة القرية لغسل الملابس والأطباق وتعبئة الجرار، كما يقصده الصيادون نتيجة تنوع ووفرة الأسماك فيه بشكل كبير، وكذلك الرعاة لسقاية الدواب، ولعدم وجود طريق يسلكه الناس كان أهالي المنطقة يأتون على الدواب، والقلة القليلة التي تأتي بشكل عفوي للسباحة وأغلبهم من الصغار بسبب مشاغل الحياة التي تشغل الكبار الذين يعملون في أراضيهم من الصباح حتى المساء».

تكثر على أطراف النبع أشجار "الدلب"، ويأتي بعدها "السنديان" و"البلوط"، وكانوا قديماً عندما يريدون الاستدلال على النبع يسألون عن المكان الذي تتوافر فيه أشجار "الدلب"؛ فيدلهم الناس إلى مكان نبع "الدلبة"

ولدى سؤالنا عما تبدل وتغير في حال النهر في الفترة الأخيرة، وكيف بدأت الاستثمارات، باعتباره صاحب أول مقصف عند النبع، يقول: «في عام 1988 كنت أعمل أنا وأخي سائقي باص مدرسي يقل الطلاب إلى مدارس "طرطوس"، ويأخذهم إلى أماكن الاستجمام، سواء في "طرطوس" أو أية مدينة أخرى، وقد لاحظنا أن الناس والطلاب كانوا يفضلون المناطق التي تتوافر فيها المياه لعذوبة المنظر وجماليته، فقررت أن أستثمر أرضي التي تقع على النبع مباشرةً وأقيم فيها مكاناً يرتاده الزوار ومصيفاً للسائحين، وهذا ما حدث فعلاً، فوضعت الطاولات والكراسي وقمت بتخديم المكان بوضع بنية تحتية تنسجم مع الجلسات الشعبية، وأصبح مقصداً لسكان المنطقة، وبعد أن ذاع صيته بدأ يتوافد إليه الزوار من الخارج، فكان هذا المشروع بوابة الاستثمارات التي انطلقت على ضفافه، حيث أصبح الآن عدد السائحين أكثر بكثير من ذي قبل، وخاصة في فصل الربيع حين يكون النبع في أوج تدفقه والزهور تكلل أطرافه».

منظر عام للنهر الناتج عن النبع

وعن سبب تسميته بنبع "الدلبة"، يضيف: «تكثر على أطراف النبع أشجار "الدلب"، ويأتي بعدها "السنديان" و"البلوط"، وكانوا قديماً عندما يريدون الاستدلال على النبع يسألون عن المكان الذي تتوافر فيه أشجار "الدلب"؛ فيدلهم الناس إلى مكان نبع "الدلبة"».

السيدة "مرام عباس" من زوار "نبع الدلبة"، وممن يرتادون المكان خلال أيام العطل بشكل مستمر في الربيع والصيف، تقول: «نأتي إلى هنا حين يكون زوجي في إجازة من عمله، ونبقى من الصباح إلى ما بعد وقت الغداء، فأقوم بتحضير كل ما نريده في المنزل، وأجلبه معي إلى هنا، حيث نجلس على ضفة النبع لروعة المنظر وصوت المياه الكفيل بمحو كل هموم الحياة، وقد ساهم تجهيز هذا المكان بجعله صالحاً للارتياد والاستجمام بعد أن كان حراجياً ووعراً».

مرام حسن، وائل عباس

وهذا ما أكده السيد "وائل حسن" معلم في مدرسة ثانوية ومن زوار النبع، ويقول: «آتي مع عائلتي إلى هذا المكان الذي يجسد أحضان الطبيعة، وأرى الأمر غاية في المتعة والترفيه، وما يزيد من جماليته تلك الأجواء التي يسودها الفرح والتشاركية، فالجميع يتساعدون في ترتيب المائدة وتحضير الغداء من شواء أو عمل "التبولة" و"البطاطا"، وغيرها من الأطعمة التي لا تخلو منها أية جلسة كهذه، لأن نبع "الدلبة" فرصة لنسيان ما يمر به الإنسان من ضغوط ومشكلات في الحياة».

كما التقت المدونة المهندس "هاني الجهني" مدير مصلحة مياة "الدريكيش"، الذي تحدث عن غزارة النبع والمناطق التي يغطيها لتأمين مياه الشرب، ويقول: «تفوق غزارة النبع الـ100 متر مكعب في الساعة خلال فصل الشتاء، وتنخفض إلى ما دون الـ60 متراً مكعباً صيفاً، ففي الصيف نستعين بـ500 متر مكعب لإرواء المنطقة، أي بما يعادل 2500 برميل في الساعة، إلا أن منسوبه يعاني اليوم من انخفاض كبير بسبب الجفاف وانحباس الأمطار الذي تتعرض له البلاد»

ويضيف: «النبع يغزي ثلاثة محاور، هي: محور قطاع "الجنينة" بالكامل، ومحور قطاع مدينة "الدريكيش" حيث يغذي 80% من المدينة، وصولاً إلى "المقلع" ومحور قطاع "الشيخ حيدر"، و"وادي الذهب" بالكامل، أي إن نبع "الدلبة" يسقي 140 تجمعاً سكانياً».

يذكر أن منطقة النبع تبعد عن محافظة "طرطوس" 32كم، وترتفع عن سطح البحر أكثر من 550 متراً، وحجم الينابيع التي تنبجس منها في كل مكان تعطي المكان روعة إضافية تؤهله ليكون من المعالم السياحية المهمة في "سورية".