"كزّينة أبو حبيب" في قرية "حريصون" استدل بها المسافرون في منتصف القرن الماضي كنقطة علام، حتى أصبحت أساساً لسوق تجاري يُخدم المنطقة ويوفر الوقت والمال لأبنائها.

الأستاذ "عز الدين قاسم" من أهالي وسكان قرية "حريصون" يقصد سوق "دوار حريصون" ليتسوق منه أغلب حاجياته، وهو ما أكده لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 أيلول 2014، بقوله: «يعد سوق الدوار في قريتنا من أقدم الأسواق في المنطقة كلها، وأقصد بالمنطقة هنا أنه مركز لتجمع عدة قرى وحارات، ومنها: "رأس الوطا"، وقرية "سربيون"، وقرية "القلوع"، وقرية "الدروك"، وقرية "بشنانة"، وقرية "قرفيص" أيضاً، وهو من الأسواق القوية بحركته التجارية ونشاطه الاستهلاكي وتنوع بضائعه، وهذا ما جعل أبناء المنطقة يقصدونه في مختلف الأوقات لشراء حاجياتهم اليومية والتخصصية الزراعية والتجارية، وأنا كابن هذه القرية خاصة والمنطقة عامة أفضل التسوق منه على أن أزور أسواق أخرى كسوق مدينة "بانياس" أو سوق مدينة "جبلة"، فهو بالنسبة لي أقرب مسافة من كليهما وأوفر زمناً، وهذا حال أغلب أبناء المنطقة.

تسمية السوق بـ"دوار حريصون" تسمية حديثة وليست صحيحة تماماً، وقد أطلقت عليه نتيجةً لموقعه الجغرافي بجانب أهم عقدة مواصلات على الأوتوستراد الدولي الذي يربط محافظتي "طرطوس" و"اللاذقية" إحداهما بالأخرى، ومنهما إلى بقية المحافظات، حيث كان وما زال على الطريق الدولي القديم الذي يربط مدينتي "جبلة" و"بانياس" إحداهما بالأخرى، أي بين شمال البلاد وجنوبها، وأتذكر أن هذا الطريق القديم كان ترابياً، وقد ساهم بشقه وفق الأحاديث المعروفة أبناء المنطقة بجهدهم العضلي

إضافة إلى أنه سوق متشعب بموجوداته وبضائعه، فهنا أجد كل ما أحتاج إليه من حاجيات المنزل ومستلزمات الزراعة على سبيل المثال، وبزمن قصير جداً وتكلفة مواصلات بسيطة، ناهيك عن أنه لا يختلف بأسعار بضائعه عن بقية الأسواق المجاورة، وذلك بعد تجربة شخصية، وحتى ولو كان أغلى بأسعاره عن بقية الأسواق أفضل التسوق منه لقربه وتنوع بضائعه كما قلت، وبذلك أوفر أجور المواصلات بالعموم».

جانب من السوق

أما السيد "أحمد عبد الكريم" من قرية "سربيون"؛ وهو أحد الذين التقيناهم في السوق، فقال: «تبعد قريتنا عن السوق التجاري هنا ما يقارب الثمانية كيلومترات فقط، لذلك أحاول شراء مختلف حاجياتي منه بزمن قصير، رغم أني أكون أحياناً بالقرب من أسواق أخرى مجاورة لأسباب عديدة، ناهيك عن توافر المواصلات بشكل مستمر من وإلى القرية؛ ما يجعله مقصد أغلب أبناء القرية بخلاف بقية الأسواق.

إضافة إلى أن بعض تجار قريتي يتسوقون لمحالهم التجارية من هنا وبأسعار منافسة لأسعار بقية الأسواق؛ ما ينعكس على القيمة الشرائية لدى المواطن في القرية بالوفرة المادية، كما ينعكس بالوفرة الزمانية والجهد والعناء من عملية التسوق وقصد الأسواق في مدينتي "جبلة" و"بانياس"».

موقع كزينة أبو حبيب سابقاً

السيد "قاسم علي قاسم" من أهالي وسكان قرية "حريصون" الذي ناهز عمره الخامسة والثمانين قال: «السوق قديم جداً، وأتذكره جيداً في بداياته، عندما كانت "كزّينة أبو حبيب" للمرحوم "نديم حبيب" أولى المحال التجارية فيه بجانب عقدة المواصلات الجسرية تماماً، حيث كان يطلق على الكشك الصغير اسم "كزّينة"، وكان هذا الكشك نقطة علام لجميع أبناء المنطقة قاطبة للتوقف عندها لتبديل سيارة النقل والوصول إلى منازلهم، أو للاستراحة من عناء السفر على خط الساحل السوري وبقية المحافظات، كالمسافرين من أبناء الساحل وعابري السبيل من بقية أبناء المعمورة.

وأتذكر أن "أبو حبيب" مالك المحل التجاري، كان رجلاً طيباً جداً يقدم خدماته التجارية والسياحية بأسعار مناسبة للجميع، وهو الأمر الذي انعكس على سمعة السوق الذي تطور ونما وأصبح على ما هو حالياً، إضافة إلى أنه كان يساعد العجائز والمحتاجين».

السيد فيصل والسيد سامر

السيد "فيصل محفوض" من أبناء المنطقة قال: «تسمية السوق بـ"دوار حريصون" تسمية حديثة وليست صحيحة تماماً، وقد أطلقت عليه نتيجةً لموقعه الجغرافي بجانب أهم عقدة مواصلات على الأوتوستراد الدولي الذي يربط محافظتي "طرطوس" و"اللاذقية" إحداهما بالأخرى، ومنهما إلى بقية المحافظات، حيث كان وما زال على الطريق الدولي القديم الذي يربط مدينتي "جبلة" و"بانياس" إحداهما بالأخرى، أي بين شمال البلاد وجنوبها، وأتذكر أن هذا الطريق القديم كان ترابياً، وقد ساهم بشقه وفق الأحاديث المعروفة أبناء المنطقة بجهدهم العضلي».

ويضيف السيد "فيصل": «الموقع الجغرافي المتوسط للسوق منحه قيمة لدى أبناء المنطقة، فهو قريب من الجميع؛ ما يعني أنه يوفر عليهم الزمن، ويؤمن لهم جميع ما يحتاجونه من سلع وخدمات، فأنا أقصده لشراء مستلزمات الزراعة بمختلف أصنافها، ففيه عدة صيدليات زراعية تخصصية، كما يتواجد فيه محال ميكانيك سيارات، ومحال بيع الجملة، ومحال أزياء وسمانة ومطاعم ومقاهي شعبية، رغم صغر مساحته الطولية التي تقدر بحوالي 600 متر فقط تمتد طولياً على الطريق القديم الذي تحدثت عنه سابقاً، من جانب الوحدة الإرشادية بالقرب من "نهر سوريت" في قرية "حريصون" جنوباً وحتى عقد المواصلات الجسرية على الأوتوستراد الجديد شمالاً جنوبي نبع "السن" الشهير».

أما السيد "سامر عبد الكريم" من أبناء وسكان السوق التجاري منذ ستينيات القرن الماضي، فقال: «أعتقد أن أحداً من آل "علي سعيد" في قرية "سربيون" كان له محل تجاري قديم في هذا السوق، كما "كزينة عزيز لالو"، ولم يكن يوجد سكن فيه أو بالقرب منه على مسافات جيدة حتى الستينيات، وكانت المنازل بالعموم قليلة جداً في المحيط، وأتذكر أنه في بداية السوق من الجهة الجنوبية كانت توجد مدرسة قديمة وفرن لآل "الحكيم"، ولكن حالياً يوجد ما يزيد على خمسين محلاً تجارياً على جانبي الطريق العام، من جميع الاختصاصات.

وبالنسبة لي ملتزم بدوام كامل في محلي التجاري لوجود سكني بجانبه منذ عام 1964، وأعتقد أنه أقدم سكن في السوق، ما يعني توافر السلع المطلوبة للزبائن على مدار الساعة، وهذا حال أغلب أصحاب المحال التجارية، كما هو حال الأطباء المقيمين والصيدليات والمطاعم».