صيفٌ لاهب، وحرارة مرتفعة، ونسمات لا تشعر بها إلا إذا كنت ملازماً كرسياً أخضر في عمق مكان أخضر، وعلى القرب من بحر يأتيك بأجمل النسمات التي لا تنسى وأصبحت بمكانها المعروف ملجأ وملاذاً للجميع.

الحديقة العامة في مدينة "بانياس" شكلت دافعاً كبيراً لسكان مدينة "بانياس" الساحل للبحث عن ملاذ رآه البعض في البحر، غير أن الكثير وجدوا في متنزه المدينة الملجأ المناسب والمتنفس الأحلى خلال أيام العطلة الصيفية.

إن بلدية "بانياس" تقوم بتنظيفها يومياً، كما تحرص على سقاية الأشجار، ومنعت دخول أي بائع إليها حتى لا يؤذي أو يخرب الحديقة وعفويتها

eTartus زار الحديقة في 22/7/2008 وطالع أجواء المرح التي خلقتها ضحكات الأطفال وصخبهم المحبب، كما شهد تسامر العائلات وتعارفهم كما لو أنه نادٍ اجتماعي، فالتقى "أم خالد" التي قالت لموقع eTartus: «في البداية كنت آتي إلى الحديقة لمرافقة أبنائي من أجل إمضاء بعض الوقت الذي يخفف من شغبهم ومن ضوضائهم داخل المنزل ويروّح عن أنفسنا نحن الكبار، حيث إلى الآن آت ومعي صديقاتي وبصحبة كل واحدة أولادها على الرغم من بعد المكان عن بعضهن إلا أن الموقع يقارب كثيراً كل الأبعاد».

أما "أبو علي" وهو الشيخ الكبير قال لـموقع eTartus أن له مقعداً خاصاً في الحديقة منذ خمسة أعوام لا يمر يوم دون أن يألفه، فيقول: «في الصباح الباكر آتي إلى الحديقة لأطالع الصحف الرسمية، وأبقى حتى فترة الظهيرة التي تكون حارة وعالية الرطوبة، ولكن أشجار "الزنزرقت" المنتشرة في كل أنحاء الحديقة تمنع عن الجالسين نوعاً ما حرارة أشعة الشمس المسلطة وتمنح هواءً نقياً وكأنه في المصايف الجبلية».

أما في الجانب الآخر من الحديقة تجد ألعاب الأطفال قد احتلت جانباً مميزاً لا تغفل فيه عين الأهل عن أبنائهم ولاتمثل خطورة على الأطفال في لهوهم، وقد أحاطها سور حديدي تسلقته النباتات لتجمّله وليمنع خروج الأطفال منه والعبث فيه، الطفل "رامي" صاحب الست سنوات أوقف eTartus طالباً صورة له، ولأصدقائه بجانب "مدينة الملاهي" كما أسماها وقد علت الضحكة وجوههم وهم يتجمهرون لأخذ الصورة، ليعودوا بعدها للأراجيح والميازين القلابة.

أما "سارة" و"لارا" وهما صديقتان في المرحلة الجامعية أكدتا لنا أن الحديقة هي المكان الدائم لالتقائهما، وهم على أعتاب التخرج الجامعي حيث تخفف الأشجار التي تملئ الحديقة من توترهما، وتغسل عنهما ضجيج المدينة.

"حديقة بانياس" أو متنزه المدينة الوحيد كما يسميه أهلها، احتلت القسم الشمالي من مدينة "بانياس" لتتوسط مساكن عمال مصفاة "بانياس"، وتشكل راحةً يومية للعين، ونقاءً للهواء، ينسي الهموم ويتنكر لارتفاع درجات الحرارة، ومع هذا لم يغفل مجلس مدينة "بانياس" عن تخديمها وهذا ما أكده حارس الحديقة قائلاً: «لقد تم بناء مراحيض عامة للأطفال وزودت بمغاسل جديدة، كما أنيرت الحديقة بأكملها، وفرشت أرض ألعاب الأطفال بالرمال حرصاً على سلامة الأطفال»، وأضاف السيد "أبو جابر" (حارس الحديقة): «إن بلدية "بانياس" تقوم بتنظيفها يومياً، كما تحرص على سقاية الأشجار، ومنعت دخول أي بائع إليها حتى لا يؤذي أو يخرب الحديقة وعفويتها».

رئة خضراء لا يفاجئك أن يجد البعض فيها مصيفاً مجانياً، وتنوعاً أخضراً قلّ مثيله بين أخواتها في المحافظة، تنسى في أحضانها معنى الوقت، وقد غمرتك بشذى أزهارها وطيبة زوارها.